لم يُكتب لنادي الأنصار أن يصعد إلى منصات التتويج هذا الموسم. «أخضر» لبنان قدم أفضل مواسمه منذ سنوات طويلة، ورغم ذلك لم ينجح في تحقيق لقب في جميع المسابقات. جدلية كبيرة تدور حول الأنصار ومدربه الأردني عبد الله أبو زمع. هل نجح الأخير مع الأنصار، أم لم ينجح؟ هل يجب أن يبقى أم يرحل؟ أسئلة مطروحة لتحقيق هدف وحيد: لقب الدوري في الموسم المقبل.لم يكن نادي الأنصار قريباً من إحراز لقب الدوري، بقدر ما هو عليه هذه الفترة. الكلام عن الموسم المقبل بدأ باكراً بعد انتهاء الحالي والذي كان فيه الأنصار مميزاً. في معادلة النجاح، فإن عدم إحراز أي لقب في ظل وجود كوكبة من النجوم يعتبر فشلاً. الكلام هنا لا يعني الأنصار فقط، فهو ينسحب على العهد والنجمة أيضاً. فهذه الأندية الثلاثة لا يمكن أن تلعب موسماً ولا تحرز أي لقب. غير ذلك يصبح الموسم للنسيان.
حصل أبو زمع على عرض كبير من الوحدات الأردني يعادل ضعف ما يتقاضاه مع الأنصار (عدنان الحاج علي)

يعيش الأنصار في هذه الفترة حركة ناشطة تحضيراً للموسم المقبل. حركة تحمل عنواناً رئيسياً هو تجديد عقد المدرب عبد الله ابو زمع، وعنوان فرعي، هو التعاقد مع حسن معتوق.
مشروعان يمكن اعتبارهما المفتاح الرئيسي لتحقيق الأنصار لقب الدوري في الموسم المقبل: التجديد لأبو زمع والتعاقد مع حسن معتوق. ولكل مشروع حيثياته ومقوماته وطريقه.
كلام كثير يُقال عن مستقبل أبو زمع في ظلّ دخول نادي الوحدات الأردني على خط المفاوضات. فالمعلومات من عمّان تشير الى أن النادي الأردني قدّم عرضاً بـ 15 ألف دولار شهرياً لأبو زمع.
عرض لم يستطع الأنصار حتى هذه اللحظة تقديم مثيل له. يقول احد المقربين من المدرب أبو زمع، إنه مستعد لقبول عرض مماثل من الأنصار، رغم أن المنطق يقول بأن العرض الخارجي يجب أن يكون أعلى من أي عرضٍ محلي، ورغم ذلك فإن أبو زمع ونتيجة التجربة الجميلة التي عاشها مع الأنصار مستعد للقبول بالعرض ذاته.
المشكلة ان الأنصار قدّم عرضاً أقل من عرض الوحدات، لكن في الوقت عينه أكبر من عقد أبو زمع الحالي مع الأنصار. الكرة أصبحت في ملعب المدرب الأردني الذي توجّه الى بلاده لقضاء العطلة بانتظار الرد على عرض ادارة الأنصار.
من الواضح أن العرض الكبير من الأردنيين هدفه كأس الاتحاد الآسيوي. فالوحدات، الذي استغنى عن جهازه الفني أخيراً، سيواجه العهد في نصف نهائي منطقة غرب آسيا، وبالتالي فإن وجود أبو زمع على العارضة الفنية في المباراة مع العهد، يعتبر مكسباً للوحدات كون المدرب الأردني يعرف العهداويين تماماً. مصادر الوحدات تشير الى أن من مصلحة الفريق التعاقد مع مدرب يعرف الخصم، بدلاً من مدرب جديد لا يعرف الظروف واللاعبين، سواء الموجودين في الوحدات أو في العهد.
هناك اقتناع أنصاري فنّي بضرورة التجديد لأبو زمع، لكن المشكلة مادية


لكن بالنسبة لأبو زمع فإن نصف نهائي غرب آسيا قد يكون الوحيد الذي سيخوضه الوحدات في هذه الفترة. ففي حالة ممثل الأردن، يظهر أن الفريق سيتوقف لمدة ثمانية أشهر بعد انتهاء بطولة كأس الاتحاد الآسيوي، وتحديداً حتى شباط (2020)، وهو موعد انطلاق الدوري الأردني. فهناك قرار أردني بتأخير انطلاق الدوري للانتهاء من إجراءات تنظيمية وإعادة ترتيب البيت الداخلي الأردني، وإجراء تحسينات تتعلّق بالملاعب والبوابات الإلكترونية. هذا الأمر قد يدفع بالمدرب الأردني الى اعادة النظر بعقد الوحدات في حال قيام الأنصار بمبادرة جديدة، وقدم عرضاً قريباً من عرض الوحدات.
وفي هذا الإطار، يُطرح سؤال مهم وهو: هل من مصلحة الأنصار التجديد لأبو زمع؟
هناك وجهة نظر من خارج الأنصار، وهي تعود لأحد المدربين المخضرمين، تشير الى ضرورة التجديد لأبو زمع حتى لو انه يعتبر أن الأنصار فشل في الموسم الماضي بعدم احرازه أي لقب. معيار الفشل لأكثر من متابع يرتكز على ان الأنصار كان يملك جميع مفاتيح احراز الألقاب، لكن رغم ذلك أنهى الدوري بعيداً عن العهد بعشر نقاط (59 للعهد مقابل 49 للأنصار)، وخسر لقب الكأس أمامه أيضاً. فبمقارنة سريعة بين أسماء لاعبي الأنصار ولاعبي العهد، من حراسة المرمى الى خط الهجوم، يتبين أن الأنصار يعادل العهد تقريباً، وحتى انه يتفوّق عليه في بعض المراكز وفق ما يقول المدرب اللبناني لـ«الأخبار». وعليه فلا شيء يبرر هذا الفارق في النقاط وعدم الفوز على العهد في نصف نهائي كأس لبنان. ويضيف المدرب اللبناني أن الأنصار أخفق في عدد من المباريات التي وقع فيها تحت الضغط كلقاء البقاع إياباً، وطرابلس والنجمة ذهاباًَ وإياباً، وحتى في ربع نهائي كأس لبنان.
لكن رغم ذلك، يستحق أبو زمع أن يتم تجديد عقده نظراً الى مجموعة نقاط تصب في مصلحته. أحد الأنصاريين المتابعين يتحدث لـ«الأخبار» عن ضرورة التجديد لأبو زمع. فبرأيه، السبب الأول هو الحاجة الى الاستقرار الفني في النادي وعدم العودة الى معزوفة تغيير المدربين. كما أن أبو زمع أثبت جدارته وهو يتمتع بشخصية جيدة ومحترمة، وخصوصاً في تعاطيه مع اللاعبين. فبالنسبة الى المصدر الأنصاري، يتميّز أبو زمع بقدرته على تحفيز اللاعبين وشحنهم، والأهم أنه يقاتل من أجل حقوق اللاعبين وتأمين مكتسبات لهم، ومساعدتهم بقدر ما يستطيع. أضف الى ذلك أن أبو زمع منظّم وعمله غير عشوائي، وقائم على برنامج واضح، يقول المتابع الأنصاري في حديثه الى «الأخبار».
على الصعيد الفني، ورغم أن الأنصار لم يحرز ألقاباً إلا ان هناك رضى تاماً عن هذا الجانب، بحسب ما يقول أحد الفنيين في النادي. فالفريق يملك عدداً كبيراً من النجوم، وهذا أمر غير صحّي نظراً الى الضغط الذي يتعرض له المدرب. «فهو عليه أن يختار 11 لاعباً وإذا تعثّر حينها تنهال الانتقادات عليه لعدم اشراكه اسماء أخرى» يقول مصدر أنصاري. وقارن المصدر الأنصار بالعهد الذي يملك فريقاً أساسياً، وهناك لاعبو احتياط لهذه المجموعة وهذا أمر مريح أكثر من نادي الأنصار.
وفي حديثه مع «الأخبار» اشاد أحد الفنيين في النادي بمرونة أبو زمع في التمارين وقدرته على التأقلم مع الظروف. فالأنصار أمضى معظم موسمه بعيداً عن ملعبه الذي هو قيد التأهيل منذ مطلع العام. وبالتالي فإن تمارين الفريق توزعت على اكثر من ملعب، ورغم ذلك نجح أبو زمع في عدم السماح لكثرة التنقلات من التأثير على الفريق.
ويدافع المصدر الأنصاري عن المدرب حتى في المباريات التي يعتبر البعض أن الأنصار أخفق فيها. فصحيح أن الأخضر كان سيئاً امام البقاع، لكن الأنصار رغم تعثره مرتين أمام طرابلس، قدّم أداء ممتازاً وأهدر فرصاً عديدة، وكذلك الأمر في لقاءي النجمة في الدوري رغم الخسارة.
لكن كل هذه المعطيات قد لا تجد لها مكاناً في معادلة العرض المطلوب من الأنصار أن يقدمه، للحفاظ على أبو زمع، الذي يعتبر أحد المفاتيح الرئيسية من أجل أن يحرز الأنصار لقب الدوري الموسم المقبل.



عقد المليون دولار!


يعتبر اللاعب حسن معتوق مفتاح فريق الأنصار الثاني لإحراز لقب الدوري اللبناني الموسم المقبل.
ما ان انتهى عقد معتوق مع النجمة حتى كان السؤال الرئيسي: معتوق الى أين؟ مرت الأيام وبدا أن وجهة معتوق أصبحت محصورة بين ثلاث جهات: أحد أندية الخليج، العهد والأنصار. طبعاً دون استبعاد نادي النجمة، لكن بحظوظ ضعيفة. يوم بعد آخر، يقترب معتوق من العهد. المعلومات تشير الى أن العهد قدم العرض الأكبر والأمور شبه منتهية، بانتظار موافقة معتوق. بالنسبة إلى حامل «الدوبليه» هذا الموسم يعتبر معتوق مكسباً كبيراً في كأس الاتحاد الآسيوي. فإذا تخطى العهد خصمه الوحدات في نصف نهائي منطقة غرب آسيا، حينها يصبح بالإمكان تسجيل اسم معتوق على كشوفات النادي قبل المباراة النهائية للمنطقة، والتي قد تجمع العهد في حال تأهله مع الجزيرة الأردني او الجيش السوري. وبالتالي فإن مجيء معتوق سيعتبر اضافة كبيرة وتعزيزاً لحظوظ العهد في إحراز كأس الاتحاد الآسيوي.
بالنسبة الى الأنصار، موضوع معتوق أكبر بكثير، والتعاقد معه ليس مفيداً للأنصار فقط بل للكرة اللبنانية بشكل عام. فمعتوق مع الأنصار يعني قيمة اضافية في «الأخضر» على الصعيد الدوري. وكذلك الأمر في كأس الاتحاد الآسيوي التي سيشارك فيه الأنصار في الموسم المقبل. كما أن وجود معتوق مع الأنصار وليس العهد يشكل توازناً في منافسة الموسم المقبل محلياً.
لكن قيمة عقد معتوق كبيرة على الأنصار. فالنجم اللبناني يطلب عقداً لثلاث سنوات مقابل مليون دولار. مبلغ كبير على ادارة الأنصار، لكن ليس مستحيلاً.
النظر الى الموضوع من زاوية أخرى يمكن أن يخفف من عبء المبلغ الكبير. فالأنصار يملك عدداً كبيراً من اللاعبين، وهو قادر على بيعهم أو اعارتهم، وبالتالي تأمين جزء من مستحقات معتوق. كما ان هناك عقوداً انتهت كعقدي محمد قاسم، ومعتز بالله الجنيدي، ولا يبدو ان النادي لديه نية التجديد، وبالتالي هذا سيؤمن أموالاً أخرى.
يضاف الى ذلك ان المفاوضات مع معتوق يمكن ان تأخذ منحى آخر، عبر تدوير الزوايا والوصول الى صيغة ترضي الطرفين، كوضع مكافآت ضخمة في حال الفوز بلقب الدوري، أو احراز لقب الكأس أو الوصول الى نهائي كأس الاتحاد الآسيوي. هذا يمكن أن يشكل تعويضاً للاعب في حال كان العقد أقل من طلبه، سواء على الصعيد المادي أو الزمني.
لكن ما قد يصعب مهمة الأنصاريين، أن العهداويين جاهزون لتقديم ما يطلبه معتوق، وخصوصاً في ظل الحديث عن التوتر بين العهد ولاعبه محمد حيدر الذي أصبح قريباً من الخروج من النادي. فرحيل حيدر سيؤمن مبلغاً مالياً للعهد مقابل فسخ العقد والذي قد يناهز الـ 150 ألف دولار. فهل يكون حيدر بديلاً لمعتوق في الأنصار؟