رغم صعوبة تنفيذه على المستويَيْن الفني واللوجستي، يحرص «مهرجان البستان» على العرض الأوبرالي الكامل باعتباره ركناً أساسياً في عالم الموسيقى الكلاسيكية. في بعض الدورات، أدرج المنظمون عمليْن، وتحديداً في معظم الدورات قبل عام 2007.
طبعاً، تفرض الإمكانات المحدودة (المادية واللوجستية) تهميش بعض العناوين التي يستحيل تقديمها كما هي في الصالة المخصصة للحفلات في «فندق البستان» أو حتى لو تمت الاستعانة بصالة أكبر. بالتالي، هناك اتجاه نحو اختيار الأعمال «الممكنة»، أي تلك التي يمكن تقديمها بنسختها الأساسية، من دون تشويه أو تعديل. في العموم أيضاً، شهد «البستان» أعمالاً أوبرالية من كلاسيكيات الريبرتوار (موزار، بيزيه، فيردي، روسيني، دونيزيتي...)، لكنه فاجأ الجمهور بأعمال مغمورة، أقله شعبياً. ومنذ التسعينيات، تعامل المهرجان مع فرق عدة، أبرزها كان «هيليكون أوبرا» و«أوبرا الحُجرة» التابعة لمدينة وارسو. الفرقة الأولى تتولى تقديم عرضَي الأوبرا هذه السنة، وهما: Le rossignol (العندليب) للمؤلف الروسي إيغور سترافينسيكي وLa Finta Giardiniera (المزارعة أو البستانية المزيَّفة) لموزار.
في 4 آذار (مارس)، تعرَض أوبرا «العندليب» التي أنهاها سترافينسكي وعرضها عام 1914 في باريس (باللغة الفرنسية). إنه أول عمل كتبه المؤلف في هذه الفئة بعد النجاح الذي حققه في مجال الباليه (قمّة إبداعه). أحداث هذه الأوبرا مستوحاة من قصة خرافية تجري في الصين، يلعب فيها شدو عصفور العندليب دوراً محورياً. هي قصة بسيطة تظهر أهمية الموسيقى وتأثيرها وقدراتها الخارقة من خلال زقزقة العندليب التي تعيد الحياة للإمبراطور المحتضر. العمل الأوبرالي الثاني هو «البستانية المزيّفة» (الصورة) لموزار (6/3). إنه من الأعمال المغمورة عند المؤلف النمسوي، وهذا لا لعلة فيه إنما لكثرة الأعمال الأخرى ذات الجمال الفائق في الفئة ذاتها. وضع موزار موسيقى هذه الأوبرا عام 1775، وتدور أحداثها حول عدد من قصص الحبّ المتشابكة، لكنها تتمحوَر حول صبيّة (البستانية المزيّفة) اعتقد حبيبها أنها توفيت بعدما حاول قتلها على أثر فورة غضب سببها الغيرة. تتنكر الأخيرة بشخصية عاملة في حديقة لتتمكن من اكتشاف حقائق تخصّ حبيبها.