غزة | أخيراً، كشف جاريد كوشنير الوجه الاقتصادي لـ«صفقة القرن»، مُثبّتاً الهدف منها: إنهاء القضية الفلسطينية بتقديم إغراءات مالية واستثمارات قدرها 50 مليار دولار، مُوزّعة على الضفة الغربية وقطاع غزة ومصر والأردن ولبنان هدفٌ زكّاه علناً وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، مساء أمس، بقوله إن «أي شيء يحسّن وضع الشعب الفلسطيني ينبغي أن يكون موضع ترحيب».تواصل الإدارة الأميركية، بالتنسيق والتعاون مع عدد من الأنظمة الخليجية، الدفع بخطتها لما تُسمّيه «السلام» في الشرق الأوسط قُدُماً، على رغم الرفض الفلسطيني الجامع القاطع لها، وممانعة بعض الأطراف المحسوبة على واشنطن الانخراط فيها. غداً الثلاثاء، يُدشَّن الإعلان عن الجانب الاقتصادي من «صفقة القرن» بلقاء يُعقد في العاصمة البحرينية تحت عنوان «ورشة المنامة» أو «مؤتمر السلام من أجل الازدهار» كما أطلقت عليه واشنطن. راعي المؤتمر، صهر الرئيس الأميركي ومستشاره، جاريد كوشنير، الذي استبق الورشة بحديث إلى وكالة «رويترز» قال فيه إن «الخطة تهدف إلى تعزيز الواقع الاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة، بإقامة طريق لربط المنطقتين عبر إسرائيل بتكلفة 5 مليارات دولار، ما سيؤدي إلى خلق مليون وظيفة في الضفة والقطاع، وتخفيض البطالة وتقليل معدل الفقر حتى النصف، إذا نُفذ بطريقة صحيحة». هذه الخطة تمتد على عشر سنوات، وهي تشمل، إضافة إلى الممرّ بين الضفة وغزة، إنشاء «صندوق استثمار عالمي لدعم الاقتصاد الفلسطيني والدول العربية المجاورة». وتظهر الوثيقة التي نشرها البيت الأبيض أن النية هي تنفيذ 179 مشروعاً في القطاعات الأساسية. وأوضح كوشنير، في المقابلة نفسها، أن إجمالي المبلغ يصل إلى 50 ملياراً، يأمل أن تغطيها دول عدة، لكن أساساً «دول الخليج الغنية»، ومستثمرو القطاع الخاص، مدعياً أن «بعض المسؤولين التنفيذيين من قطاع الأعمال الفلسطيني أكدوا مشاركتهم في المؤتمر»، لكنه امتنع عن كشف النقاب عنهم.
في المقابل، يمضي الفلسطينيون في رفضهم الخطة، معتبرين أن حلّ القضية عبر إغراءات اقتصادية إنما هو «خدعة» لإنهاء قضيتهم وليس لتحسين حياتهم. كما يرون أن الخطة تشتمل على الكثير من الفخاخ، التي تهدف إلى حصر الدعم بيد الأميركيين، ما يعني الضغط المتواصل على الفلسطينيين لتقديم تنازلات مقابل المال. عدا هذا كله، ستكون الأموال قروضاً وليست منحاً، الأمر الذي يعني إثقال كاهلهم بديون هائلة! يقول مصدر قيادي في حركة «حماس»، لـ«الأخبار»، إن «الدعم الأميركي سيغري الدول العربية التي يوجد فيها لاجئون بتوطينهم مقابل المبالغ الكبيرة». ويضيف إن «هذا يمهّد أيضاً لإنهاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، ويحصر عملها في عدد قليل من اللاجئين كما ترغب الإدارة الأميركية». ويتوقع المصدر، أيضاً، «تحويل الأموال التي كانت تُوجّه في السابق لدعم الأونروا إلى دعم الخطة الأميركية، ما سينعكس سلباً على الدعم المقدم إلى اللاجئين».
محمود عباس: لن نكون عبيداً أو خداماً لكوشنير وغرينبيلات وفريدمان


في حال وضع خطة دونالد ترامب على سكة التنفيذ، سيوازي ما سيُدفع سنوياً حجم الدعم الذي تقدمه الدول الأوروبية والعربية إلى رام الله، الأمر الذي يعني أن الأزمة الاقتصادية للفلسطينيين لن تتغير مقارنة بالوضع الحالي. فبحسبة بسيطة، سيصل إلى الفلسطينيين 800 مليون دولار فقط، أما الأموال المتبقية، فهي مشروطة بتنازلات سياسية. وفي هذا الإطار، تتواصل الضغوط العربية على السلطة الفلسطينية لقبول الصفقة. وعلمت «الأخبار» أن اتصالات سعودية وإماراتية جرت في الأيام الماضية مع قيادة السلطة لإقناعها بالمشاركة في «ورشة المنامة»، أو منحها الدول العربية المشاركة تفويضاً مفتوحاً، وهو ما رفضته رام الله. وشدد عدد من المسؤولين في السلطة، في تصريحات صحافية خلال اليومين الماضيين، على أنه لا تفويض لأي دولة عربية بالحديث باسم الفلسطينيين، في وقت أبلغت فيه مصر والأردن، السلطة، أنهما ستشاركان في الورشة بمستوى متدنٍّ جراء الضغوط الأميركية الكبيرة عليهما. ويوم أمس، أعرب رئيس السلطة، محمود عباس، عن ثقته بأن «ورشة المنامة لن يكتب لها النجاح»، معتبراً «أنها بنيت على باطل». وأشار إلى «(أننا) بحاجة إلى الاقتصاد والمال والمساعدات، لكن قبل كل شيء هناك حل سياسي»، مجدداً القول «(إننا) لن نقبل أميركا وحدها أن تكون وسيطاً سلمياً في الشرق الأوسط»، متابعاً «(أننا) لن نكون عبيداً أو خداماً لكوشنير و(جيسون) غرينبيلات و(ديفيد) فريدمان». من جهته، لفت وزير المال في حكومة رام الله، شكري بشارة، إلى «(أننا) لسنا بحاجة إلى اجتماع البحرين لبناء بلدنا... قبل كل شيء يحررولنا أراضينا ويعطونا الحرية».
وبالتوازي مع «ورشة البحرين» التي تنطلق غداً وتمتدّ على يومين، بمشاركة ممثلين عن عدد من الدول العربية وإسرائيل، أعلنت الفصائل الفلسطينية في غزة عقد مؤتمر لإعلان «رفض الشعب الفلسطيني للمؤتمر، وعدم تفويض أحد تقرير مصير الفلسطينيين»، فيما دعت السلطة و«منظمة التحرير» إلى تنفيذ جملة فعاليات رافضة لـ«الورشة»، تبدأ من المسيرات وصولاً إلى الإضراب العام. وعلى مستوى مواقف الفصائل، جدّد عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، محمود الزهار، الهجوم على الدول الخليجية الراعية لمؤتمر البحرين، واصفاً الأخير بـ«المؤامرة على الشعب الفلسطيني»، عادّاً إياه «عاراً تاريخياً لا تمسحه مياه أو أموال الخليج». في المقابل، أعلن رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل ستدرس خطة ترامب «بطريقة منصفة ومنفتحة»، قائلاً: «لا أستطيع أن أفهم كيف يرفض الفلسطينيون الخطة الأميركية دون حتى أن يسمعوا ما فيها».



«لا جديد» في ملف المصالحة
بعد تأخر وصول الوفد الأمني المصري إلى غزة لأيام خشية مواجهته احتجاجات على موت الرئيس المصري الأسبق، محمد مرسي، أعلنت حركة «فتح» قرب وصول الوفد «لتفعيل ملف المصالحة الداخلية»، مشيرة إلى أن الوفد «يحمل كلاماً مهماً يعيد الأمل إلى هذا الملف مرة أخرى»، طبقاً لنائب رئيس الحركة، محمود العالول. مع ذلك، قالت مصادر في «حماس»، لـ«الأخبار»، إنه ليس هناك تطورات في «المصالحة»، مضيفة إن «إعلان فتح المتكرر وجود تقدّم في ملف المصالحة هدفه إظهار أنها ليست المعطِّل له والسبب في فشله». كذلك، نفى عضو المكتب السياسي لـ«الجهاد الإسلامي»، محمد الهندي، وجود أي دعوات مصرية لعقد جلسات جديدة للحوار حول المصالحة، مشيراً إلى أن «الجميع مشغول في التحضير لورشة البحرين الاقتصادية، وكل ما يحدث من تحركات هدفه فقط تحقيق الهدوء خوفاً من أي مفاجآت... كل شيء مؤجل خلال الفترة الحالية».
(الأخبار)