درجت العادة أن يتلقى صاحب العيد هدية، لكن أمس في الأنصار كانت قد قُلبَت الآية. أهدى رئيس نادي الأنصار نبيل بدر، في يوم عيد ميلاده، جمهور الأنصار هدية قد تكون الأغلى عبر التعاقد مع اللاعب حسن معتوق. حسم بدر الموضوع في أقل من ساعة وتعاقد مع نجم لبنان بعقد هو الأكبر في تاريخ الكرة اللبنانية. وجّه بدر وناديه الأنصار رسالة تحذير قوية بأن الـ«زعيم» في الموسم المقبل لن يكون كأنصار المواسم الماضية. تعاقد مع معتوق ويفاوض أكثر من لاعب لكي تكتمل صورة المنافسة القوية والجدية على اللقب. معتوق قد يكون الصفقة الأكبر، لكن لا شك أنها لن تكون الأخيرة. ما إن تأكّد خبر التعاقد مع معتوق، حتى توالت أخبار المفاوضات مع لاعبين آخرين. على طاولة الأنصار أكثر من ملف، قد يكون أهمه الآن عدنان حيدر. انتهى عقد اللاعب مع الأنصار ولم يتم تجديده بعد. المفاوضات متعثّرة بسبب مطالب حيدر المالية، لكن من يوقع مع معتوق بمبلغ قد يناهز المليون دولار، قادر على حسم أي ملف مالي آخر، فكيف الحال بملف لاعب قد يكون التجديد معه، بأهمية التعاقد مع معتوق.يعدّ الأنصار العدّة لانتزاع اللقب من العهد، وإذا كان معتوق أحد أهم المفاتيح، فإن حيدر قد يكون مفتاحاً رئيسياً آخر. الكلام هنا ليس في إطار التحليل، بل نقلاً عن زملاء حيدر في الأنصار والذين يتحدثون طويلاً عن دوره وأهميته في الملعب. وحين يُسأل أحدهم عن مدى أهمية اللاعب، يأتي الرد ببضع كلمات معبرة: «انظر كيف نكون من دون حيدر».
أهداف الأنصار قد تكون حالياً في تدعيم خط الظهر. عقد القائد معتز الجنيدي ينتهي في 31 تموز الجاري. لم يتم تجديده وكان هناك كلام عن اقتراب الجنيدي من النجمة، ولكن حتى الساعة، اللاعب لا يزال مع الأنصار. صحيح أن معتز لم يلتحق بالتمارين، لكن هذا لا يعني أن الباب قد أغلق. الأمر المريح في الأنصار، هو الخطط البديلة التي يضعها رئيسه نبيل بدر، فإذا كانت هناك عينٌ على الجنيدي، فهناك عين أخرى على لاعب العهد نور منصور. هنا تشير المعلومات الى أن هناك رغبة أنصارية ضمنية بالتعاقد مع منصور، إذا كانت مطالب ناديه العهد معقولة. الشق الدفاعي ليس محصوراً باللاعبين المحليين، فالمدافع الأجنبي على رأس أولويات الأنصاريين، وهم ينتظرون وصول أكثر من مدافع للتجربة.
وليس بعيداً عن الدفاع، فمركز حراسة المرمى أيضاً ضمن حسابات الأنصاريين، حيث حكي عن مفاوضات مع حارس النجمة السابق عباس حسن. كلامٌ بدا بعيدا بعض الشيء عن المنطق في ظل التعاقد مع الحارس نمر لحود ووجود حسن مغنية. وسيكون حسن خارج حسابات الأنصار في حالة واحدة، هي عدم تقديم لحود المستوى المطلوب، وكأس النخبة سيكون مكان الاختبار.
كان هناك صدمة في النجمة ومفاجأة في العهد بعد تعاقد الأنصار مع معتوق


كل ما يحصل، يدل على أن الأنصار يريد اللقب. بدر فاجأ الجميع وتعاقد مع معتوق. الأخير تحدث في فيديو قصير عن موضوع التعاقد وهو يرتدي قميص الأنصار. بعيداً عن الكلام الدبلوماسي، مرر معتوق كلمتين بالغتي الأهمية، «الجدية والاحترام في التفاوض». لم يتحدث معتوق طويلاً، لكنه قال الكثير. اختصر فترة التفاوض بكلمتين، وحدد أسباب نجاح الأنصار في «خطفه»، واللبيب من الإشارة يفهم.
تعاقد الأنصار مع معتوق خلّف صدمة في النجمة على جميع المستويات. «Game Over» معتوق لم يعد نجماوياً. حتى مساء أول من أمس، كان النجم اللبناني قريباً من تجديد عقده، قدّم تنازلات كثيرة في اجتماعه الأخير مع إدارة النجمة قبل عشرة أيام، وخفّض قيمة الدفعة الأولى الى 150 ألف دولار وانتظر الاتصال لتوقيع العقد. أول من أمس، قدّم معتوق تنازلاً جديداً بتخفيض الدفعة الأولى الى 75 ألفاً، وبدا أن الأمور شبه منتهية، الى درجة الى أن المقربين من الرئيس أسعد صقال كانوا يستعدّون للاحتفال، ولكن لم يكن لهم ذلك.
فجأة، وقّع مع الأنصار ليقفز السؤال الكبير لدى النجماويين: ماذا حصل؟
قد يتفهم النجماويون أن لا يجدد معتوق معهم وأن يتعاقد مع العهد، لكن أن يذهب الى الأنصار فهذا يعني أن النادي تعرّض لـ«طعنة في الظهر» بحسب البعض. جميع المعطيات لدى النجماويين كانت تشير الى أن الأنصار غير مهتم بمعتوق. وبحسب مصادر، كان هناك تأكيدات من شخصية كبيرة قريبة الى صقال من خارج النجمة بأن الأنصار غير مهتم بمعتوق، ويضاف هذا الى البيان الشهير الذي أصدره الأنصار حول إغلاق ملف معتوق، وقيل إنه بتنسيق مع هذه الشخصية الكبيرة، ليبقى السؤال، لماذا حين أصبح معتوق على أبواب تجديد العقد تحرّك الأنصار بسرعة؟
هو سؤال يؤرّق النجماويين، وبعض المقربين من الرئيس أسعد صقال، يتحدثون عن «خيانة» بحسب ما تحدثت بعض المصادر. أمرٌ تفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي حيث ذهب البعض الى توجيه السهام نحو معتوق، لكن آخرين تساءلوا عن دور «أياد خفية» أعادت تحريك ملف الأنصار، ومعتوق سريعاً وبشكل خاطف، لتنتهي صفقة بقيمة تناهز المليون دولار في أقل من ساعة، ووصفت بـ«صفقة العصر»
كثرت التحليلات، ذهب البعض الى قراءة الخطوة الأنصارية وانتقال اللاعب من النجمة الى الأنصار على أنه يأتي في إطار تصوّر بأن الأشخاص القيّمين على الملف الرياضي وجدوا أن الأنصار هو من يستطيع مواجهة العهد وانتزاع اللقب منه، وليس النجمة. من هنا ترى مصادر أن التحرك كان سريعأً لذهاب معتوق الى الأنصار تدعيماً له في الموسم المقبل.
وإذا كانت الصدمة هي العنوان الرئيسي في النجمة، فإن المفاجأة كانت العنوان في العهد. صحيح أن بطل لبنان لم يدخل في مفاوضات جدية مع معتوق، لكن لا شك أنه كان أحد الخيارات المطروحة وبقوة. ما حال دون التفاوض المباشر هو ترتيب البيت الداخلي العهداوي ووضع صورة واضحة للموسم المقبل. خرج معتوق من الحسابات، لكنّ كثيرين سينتظرون ردّ رئيس النادي تميم سليمان. هل سيسكت عن صفقة «العصر» كروياً؟ أم سيردّ بصفقة لا تقل أهمية؟
الأيام ستحمل الجواب.
انتهت الأمور، وإذا كان الأنصار قد فاز بمعتوق، فإن الفائز الأكبر هو الكرة اللبنانية. انتقال معتوق الى الأنصار وليس العهد هو مكسب للكرة اللبنانية ومنافسة الدوري فيها. تحتاج البطولة الى توازن قوة كي لا تكون المنافسة من طرف واحد. الأنصار هو الوجهة الأفضل لمعتوق كي يحصل هذا التوازن مع العهد بعد صورة الموسم الماضي وغياب المنافسة، بحسب العديد من المتابعين. قد تكون الحسرة الوحيدة من عدم انتقال معتوق الى العهد هي الساحة الآسيوية وحلم إحراز ناد لبناني لقب كأس الاتحاد الآسيوي، أما محلياً، فإن مكان معتوق مع الأنصار هو الأفضل. ولكن ماذا عن النجمة؟ هنا يمكن العودة الى كلام «شخصية مؤثرة» بأن يخوض النجمة المنافسة بميزانية متوسطة وعدم المنافسة على اللقب في السنتين المقبلتين مع تركيز على الشباب، بانتظار معرفة ما ستؤول إليه الأمور في العهد مع تقدم لاعبيه في السن. هي مقولة ربما أصبحت قريبة أكثر من أي وقت مضى.