يتواصل الحراك الإقليمي والدولي في إطار الإعداد لمشروع «المنطقة الآمنة» و«القوات المتعددة الجنسيات» الذي تعمل إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على إنفاذه، بالتوازي مع نشاط أميركي لافت يستهدف وضع استراتيجية لمحاربة الوجود الإيراني في سوريا، وإضعاف نفوذها الإقليمي. ولا تخرج الخطوات الأميركية عن ترتيب الأولويات التي حددها مسؤول الملف السوري في إدارة ترامب، جايمس جيفري، وعلى رأسها العمل على «إخراج إيران من سوريا». وفي موازاة النقاش الأميركي ـــ التركي المستمر حول مستقبل مناطق شرقيّ الفرات، بعد مدة قصيرة من الكشف عن استعداد قوات فرنسية وبريطانية لمشاركة أوسع في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية»، تحاول واشنطن جرد أوراقها التي يمكن استثمارها.آخر التحركات الأميركية استضافته العاصمة الأردنية عمّان، التي شهدت الأسبوع الماضي اجتماعاً واسعاً، ضمّ مسؤولين أميركيين وبريطانيين وفرنسيين، مع قوى وشخصيات معارضة سورية، بهدف «قراءة» واقع الوجود الإيراني في سوريا، واختيار الوسائل الأفضل لمواجهته. وكشفت مصادر مقرّبة من شخصيات حضرت الاجتماع، الذي انعقد في أحد فنادق العاصمة، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الاجتماع ضمّ شخصيات معارضة، في أغلبها من محافظتَي دير الزور وحلب». وبينت المصادر أن الجانب الأميركي «ركز على ضرورة الحصول على بيانات عسكرية وأمنية عن حجم وجود إيران وحزب الله في سوريا، والعمل على إخراج صيغة مناسبة لمحاربته، بما يمكّنه من دفع إيران إلى الانسحاب». ولفتت المصادر إلى أن «واشنطن تريد تحديد ما إذا كانت هناك حاجة لعمل عسكري من عدمها، وحجم هذا الجهد إن كان مطلوباً، وذلك وفق البيانات التي كلّفت مجموعات من المجتمعين الحصول عليها، بالتعاون مع شخصيات موجودة في الداخل السوري». وأكدت المصادر أنه «اتُّفق على عقد اجتماع لاحق، لتحديد الأولويات حينها».
وانسجم هذا التحرك مع تصريحات إعلامية لافتة لرئيس «مجلس دير الزور العسكري»، أحمد الخبيل، المعروف بلقب «أبو خولة»؛ إذ وصف الأخير القوات الإيرانية الموجودة في سوريا بأنها «الوجه الآخر لداعش»، وأنها مع القوات الحكومية السورية «قوات احتلال». وأكد «استعداد القوات (مجلس دير الزور العسكري) لتحرير دير الزور وإعادة المهجّرين إليها، حينما يكون الظرف مناسباً».
قيادة «قسد» لم تُبدِ ارتياحاً لسلسلة الاجتماعات التي عقدها السبهان


وتترافق هذه التطورات مع إجراءات تسعى السعودية إلى تمريرها على الأرض، بعدما اتُّفق عليها خلال زيارة الوزير السعودي، ثامر السبهان، لدير الزور، واجتماعه مع شخصيات سياسية وعسكرية وعشائرية. وتبدو خطوة إحياء «قوات النخبة» التابعة لـ«تيار الغد» بزعامة أحمد الجربا، ودمجها مع «مجلس دير الزور العسكري»، واحداً من أهم تلك الإجراءات التي تعمل الرياض على إنجاحها، بهدف خلق قوة عربية تكون قادرة على تنفيذ عمل عسكري موجّه ضد إيران في سوريا، في حال رفض «قوات سوريا الديموقراطية» المشاركة فيه. وتكشف معلومات عن وجود بعض قيادات «قوات النخبة» السابقين في ريف دير الزور الشرقي، وبدء تنسيقهم مع أعداد من المقاتلين لإعادة تنظيم الصفوف، تحضيراً لخطوة الاندماج مع «مجلس دير الزور العسكري». ولا يبدو أن هذه الخطوة تلقى ترحيباً من قيادة «قسد»، التي قالت عدة مصادر إنها لم تُبدِ ارتياحاً لسلسلة الاجتماعات التي عقدها السبهان خلال زيارته الأخيرة مع شخصيات عشائرية بحضور رئيس «مجلس دير الزور المدني»، خاصة أن تلك الشخصيات حمّلت السبهان مطلب انسحاب المكونات الكردية في «قسد» من أراضي دير الزور، وتسليمها لـ«أهل المنطقة». ورأت بعض المصادر أن هذا الاستنكار من «قسد» تظهّر عبر بعض الإجراءات التي اتبعتها أخيراً، والتي يبدو أنها تهدف إلى الحدّ من صلاحيات «مجلس دير الزور المدني»، من خلال الإيعاز إلى كافة الحواجز والنقاط العسكرية بإلغاء المهمات الصادرة عن المجلس وعدم التعامل معها.
توازياً مع ما سبق، بدأت تركيا والولايات المتحدة محادثات لإنشاء «منطقة أمنية» في شمال سوريا، وفق بيان لوزارة الدفاع التركية. الأخيرة قالت إن «مسؤولين عسكريين من البلدين بدأوا اليوم في أنقرة العمل معاً على إنشاء منطقة أمنية ستقام بنحو منسّق في شمال سوريا»، مضيفة أنّ من المقرر إجراء مزيد من المحادثات خلال الأيام المقبلة. وجاء الاتفاق بعد اجتماع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، والمبعوث الأميركي جايمس جيفري. وبعد ساعات على زيارة قائد القيادة الأميركية الوسطى، كينيث ماكينزي، عين العرب (كوباني)، أُطلقت قذيفتان صاروخيتان من داخل مناطق سيطرة «قسد» باتجاه الأراضي التركية (ليل أمس الأول)، وتحديداً ولاية شانلي أورفه. وأدّت القذائف وفق وسائل الإعلام التركية إلى إصابة 6 مدنيين، جرى إسعافهم، وزارهم والي شانلي أورفه، عبد الله أرين، في المستشفى. وردّت القوات التركية المتمركزة على الحدود على نقاط تقابل مكان سقوط القذائف، من دون أن يتطور هذا التصعيد إلى اشتباكات متواصلة.