إصلاحات حكومية وبرلمانية في العراق صدرت «بالجملة»، أمس، لـ«تنفيس» الشارع الغاضب المطالب بتحسين واقعه المعيشي، عكست «قدرة» مؤسسات الدولة على مواجهة الأحزاب والفاسدين، رغم «سردية» القوى والمنتفعين بأن الدولة عاجزة عن مكافحة الفساد. ما بدا بالأمس، افتقاد «ممثلي الشعب» جرأة المواجهة، وركونهم إلى التفرّج على انهيار مؤسسات الدولة طوال الفترة الماضية.
دفع الحراك المطلبي الدامي الحكومةَ الاتحادية في العراق، برئاسة عادل عبد المهدي، إلى التحرّك سريعاً وإطلاق «الحزمة الثانية» من الإصلاحات لاستيعاب مطالب المتظاهرين، وتهدئة الشارع الغاضب عقب الأحداث الأخيرة. وإلى جانب الخطوات الحكومية، أعاد النوّاب الحياة إلى برلمانهم، بحضور غير مسبوق في جلسة أمس برئاسة الرئيس محمد الحلبوسي، وحضور 212 نائباً، صوّتوا فيها على «إنهاء أعمال مجالس المحافظات»، في خطوة «جدّية» للحدّ من الفساد والهدر، بوصف تلك المجالس «مغارة» القوى السياسية، التي تقتطع جزءاً كبيراً من ميزانيات تلك المجالس لمصلحة «لجانها الاقتصادية»، عدا عن الاستحواذ بقرارها الخدمي ــــ الإنمائي، بناءً على مصالحها السياسية وحساباتها الانتخابية.
حديث الفساد في «بلاد الرافدين» لا ينتهي، والإصلاحات «السريعة» التي أُعلن عنها لـ«تنفيس» الشارع تفرض دراسة جدّية لجدواها الاقتصادية، وما يمكن أن يسفر عنها لاحقاً، وانعكاساتها على بنية البلاد الاقتصادية، وحركتها. البرلمان، صوّت أيضاً على اعتبار الضحايا الذين سقطوا من المتظاهرين والقوات الأمنية «شهداء»، وتعويض ذويهم وإطلاق سراح المعتقلين، إضافة إلى إطلاق منحة مالية للطلبة وشمول الفقراء برواتب شهرية، وإعادة «المفسوخة عقودهم» في وزارتَي الدفاع والداخلية و«هيئة الحشد الشعبي»، وفتح باب التطوع فيها. كما صوّت البرلمان على إيقاف حملة إزالة التجاوزات وبناء مجمعات سكنية للمتجاوزين والنازحين، وإنصاف عوائل المفقودين والمغيّبين في ​الموازنة​ الاتحادية لعام 2020، وتعويض المتضرّرين من ​الإرهاب​ والعمليات العسكرية وإلغاء مكاتب المفتشين العموميّين.
صوّت البرلمان على إلغاء مكاتب المفتّشين العموميّين


وخيّم «هدوء حذر» على أجواء العاصمة العراقية بغداد، لليوم الثالث على التوالي. حركة المرور عادت إلى مستوياتها المعتادة، بالتوازي مع تحسن شبكة الإنترنت، التي قطعت معظم أيام الأسبوع الماضي، إذ كان لافتاً أمس تداول الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو لأحداث العنف والعنف المضاد، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 110 أشخاص، وإصابة 6 آلاف آخرين.
في غضون ذلك، أعلنت «خلية الإعلام الأمني» مقتل عنصر أمني وإصابة أربعة آخرين بإطلاق نار كثيف بالقرب من «ساحة مظفر» في مدينة الصدر، شرقي العاصمة بغداد. وأفاد البيان بأنّه وفي خلال تأمين الحماية للمجلس البلدي والمحكمة والمتظاهرين بالقرب من الساحة، عبر قوة غير مسلحة تابعة لحماية المنشآت، وأثناء وجودها بالقرب من المتظاهرين، تعرّضت لإطلاق نار كثيف أدى إلى سقوط أحد المنتسبين وجرح أربعة آخرين، بينهم ضابطان، مضيفاً إن «القوّة لم تردّ على النار بالمثل، منعاً من التصعيد الذي قد يقود إلى مزيد من الضحايا».
بدوره، أصدر مجلس الوزراء «الحزمة الثانية» من الإجراءات العاجلة لتلبية مطالب المتظاهرين. وأعلن البيان تشكيل «اللجنة العليا لتوزيع الأراضي السكنية» برئاسة عبد المهدي، وعدد آخر من المسؤولين، تتولى مهمة «تهيئة الأراضي الزراعية اللازمة لتخصيص القطعة السكنية للمستحقين من المواطنين، وتجميد العمل بالقوانين التي تمنح الحق بتسلّم الشخص أكثر من راتب أو تقاعد أو منحة، وتوزيع منظومات طاقة شمسية متكاملة إلى 3 آلاف عائلة فقيرة مجاناً، وتبسيط إجراءات تسجيل الشركات الصغيرة للشباب (للفئة العمرية 18 - 35 سنة)، وإعفاؤهم من الأجور المستحدثة لغرض توفير فرص عمل لهم».