رُغم الأجواء الإيجابية التي أحاطت بعملية تأليف الحكومة في اليومين الماضيين، لا تزال هناك خشية من أن يلقى اسم الرئيس المتوافق حوله (حتى الآن) المهندس سمير الخطيب، مصير الوزيرين السابقين محمد الصفدي وبهيج طبارة. فمأزق تأليف الحكومة استمر، لسبب أن رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري كان يعود ويضع شروطاً جديدة كلما وصلت الأمور الى خواتيمها، فتتهاوى كل المفاوضات في لحظة وتعود الأمور الى مربّع التعثّر. لذا، فإن أكثر من مصدر مطّلع على خط الاتصالات ــــ رغم الإيجابية ــــ استعار قول «ما تقول فول ليصير بالمكيول»، وخاصة أن أحداً لم يعُد مطمئناً الى الحريري الذي حاول نشر المكائد وقذف كرة المسؤولية عند الفريق الآخر. أسهم الخطيب، الذي التقى كلاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل، سجّلت صعوداً في ساعات الليل المتأخرة، ولا سيما بعد لقاء جمع الحريري بالوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، حسين الخليل، وقيل بأنه «إيجابي». هذا الصعود، بحسب المصادر، هو ثمرة «عمل جدّي حصل هذا الأسبوع»، حملَ بعض التطورات على صعيد مواقف القوى السياسية، إضافة إلى دعم سعودي وإماراتي حظي به الخطيب، فضلاً عن دعم دولي تمثّل باقتراب انعقاد مؤتمر «مجموعة دعم لبنان» في باريس. تقول المصادر إن «حزب الله وحركة أمل ظلّا متمسكَين بالحريري، حتى بعدَ إعلانه رفض التكليف رسمياً. وسئل مرة جديدة عمّا إذا كان سيعود عن قراره، وإن رفض فليسمِّ من يشاء، لكن وفقَ المعادلة الآتية: لا حكومة بشروط الأميركيين ولا حكومة من دون حزب الله». لكن هذه المعادلة جاءت مخففة ببعض التسهيلات، وفقَ المصادر التي أكدت «عدم مشاركة باسيل في الحكومة، ومن ثم إعطاء إشارة بأن الحزب قد لا يذهب الى تسمية أسماء وزراء سياسيين نافرة، لكن هذا الأمر هو من يقرره ولا يمليه عليه أحد». ومع أن الحريري حرّك شارعه أول من أمس بوتيرة هزيلة، أكدت المصادر أنه «أرسل جواباً بأنه موافق على الطرح ولا مانع لديه، لكنه لن يشارك في الحكومة بوزراء سياسيين، وسيكتفي بوزراء اختصاصيين». انطلاقاً من هنا، حصل الاجتماع بين الخطيب والرئيس عون (نفته مصادر بعبدا) الذي كان قد بشّر منذ أيام بأن الأسبوع القادم سيحمل تطورات إيجابية. واعتبرت المصادر أن ما سيثبت جدية تكليف الخطيب هو الاستشارات النيابية التي سيدعو إليها عون هذا الأسبوع، بعدَ الترحيل المتوالي لها، مشيرة الى أن من ضمن الأمور «التي عززت حظوظ الخطيب هو خروج الحريري للمرة الأولى بتصريح داعِم له، وهو شرط وضعه الفريق الآخر مطالباً به قبلَ الاستشارات، فيما كان الحريري يطلب الذهاب الى الاستشارات ومن ثم التسمية». وإذ رأت هذه المصادر أن إعلان موعد الاستشارات سيكون الإشارة إلى أن الاتفاق صار في حكم المبرم، قالت مصادر بارزة في فريق 8 آذار إن «اللقاء الليلي الذي جمع الحريري بالخليلين أمس كان جيداً جداً، وأفضل من كل الاجتماعات السابقة»، ومع أن مدته «لم تتجاوز ربع ساعة، شعر الخليلان بأن الحريري جدّي أكثر من المرات السابقة في الدعم والترشيح وتسمية الوزراء». وقالت المصادر إن «الاتفاق تمّ بشأن تأليف حكومة تكنو ــــ سياسية برئاسة الخطيب، على أن تكون حكومة إنقاذ انتقالية، وأن تسمّي القوى السياسية أسماء ممثليها، فيما كان هناك تمنٍّ بأن لا تضمّ الحكومة العتيدة أسماء نواب حاليين ووزراء سابقين»، فيما تقول المعلومات إن «رئيس مجلس النواب المتمسك بوزارة المال سيعيد تسمية علي حسن خليل، فيما يفضّل عون عودة الوزير سليم جريصاتي».
قطع طرقات في مناطق نفوذ «المستقبل» عُدّ إشارة سلبية من الحريري

التوافق السياسي حول اسم الخطيب، انعكس غضباً في الشارع الذي تحرّك قسم منه للتعبير عن رفض تكليف الخطيب. فقامت بعض المجموعات بقطع جسر الرينغ، فيما نظمت مجموعات أخرى مسيرة جابت شوارع بيروت وهتفت ضد الخطيب، كما اعتصمت أمام منزله في المنارة مجموعة أخرى رفضاً لتكليفه. فيما كانَ بارزاً تسريب أجواء عن رؤساء الحكومات السابقين تؤكّد تمسكهم بالحريري، بشكل يثير الشكوك حول إمكانية استمرار التوافق حول الخطيب، وخصوصاً أن المرشحين يشترطون الحصول على غطاء دار الفتوى ورؤساء الحكومات بعدَ الحريري. وكان لافتاً في هذا الإطار قطع الطرقات في طرابلس والبقاع، ومن شخصيات غير بعيدة عن تيار «المستقبل»، ما عدّه مفاوضون إشارات سلبية من الحريري.
في السياق، زار رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط بري في عين التينة، الذي قال «أحببت أن أزوره اليوم كي أؤكد على العلاقة التاريخية والصداقة معه، وكي لا يفسر الانقطاع عنه على أنه خلاف سياسي». ولفت إلى أن «كل ما يتم الآن هو مخالف للدستور، والمطلوب الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة وعلى الأقل هناك أصول، وأكد أن الحزب لن يشارك في الحكومة المقبلة، وسنسمي فئات درزية، ويختارها الحريري أو الخطيب أو شخص آخر».