تدعم الولايات المتحدة جهود الكويت التي تعمل في الفترة الأخيرة «بجدّ شديد من أجل تحقيق المصالحة
هذه المواقف يبدو واضحاً تساوقها مع «الفلسفة» الأميركية لـ«المصالحة» الخليجية، والقائمة على ضرورة لمّ شمل الممالك والإمارات من أجل تقوية الجبهة المضادّة لإيران. وفي هذا السبيل، تدعم الولايات المتحدة جهود الكويت التي تعمل في الفترة الأخيرة «بجدّ شديد من أجل تحقيق المصالحة» وفق ما أكد أمس مسؤول إقليمي بارز لـ«رويترز». وهي جهودٌ جدّد أمير الكويت، صباح الأحمد الصباح، تفاؤله بها، قائلاً في كلمته التي أعقبت قراءة البيان الختامي إنه يأمل أن «تكون الاجتماعات المقبلة خيراً من الاجتماعات السابقة». أما السعودية فقد أعلنت، على لسان وزير خارجيتها فيصل بن فرحان، «دعمها جهود الكويت» و«حرصها على نجاحها»، في وقت نقلت فيه «رويترز» عن مصدرين مطّلعين أن «الرياض خفّفت موقفها في شأن قائمة الـ 13»، والتي تضمّ الشروط المطلوب تنفيذها من قطر من أجل الرجوع عن مقاطعتها، ومن بينها إغلاق القاعدة العسكرية التركية على أراضيها، وقطع علاقاتها مع جماعة «الإخوان المسلمون»، وتقليص علاقاتها مع إيران، ووقف بث قناة «الجزيرة».
كلّ تلك المعطيات ربما تشي بأن كسر الجليد بين «رباعي المقاطعة» من جهة وقطر من جهة أخرى بات قريباً، لكن معطيات مضادّة تأتي في الوقت نفسه لتُضعف التوقعات بـ«مصالحة سريعة». إذ لم تكد تمرّ ساعات على صدور البيان الختامي للقمة الخليجية، والذي دعا إلى «تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين، وصولاً إلى وحدتها»، حتى أطلّ وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، من على منبره في «تويتر»، ليؤكد أن «أزمة قطر مستمرة»، معتبراً «غياب الشيخ تميم بن حمد عن قمة الرياض مردّه سوء تقدير للموقف يسأل عنه مستشاروه»، مشدداً على أن «الأساس في الحل يبقى ضرورة معالجة جذور الأزمة بين قطر والدول الأربع». تصريحٌ يتوّج جملة رسائل إماراتية أظهرت عدم حماسة أبو ظبي لإعادة تطبيع العلاقات مع الدوحة، خلافاً للجوّ التفاؤلي الذي ساد أخيراً، وخصوصاً في أعقاب مشاركة كلّ من السعودية والإمارات والبحرين في «كأس الخليج لكرة القدم» في قطر هذا الشهر، والتي أعقبها إعلان وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إحراز «بعض التقدّم» في المباحثات مع السعودية.
بناءً على ما تقدّم، وفي ظلّ غياب الإجماع لدى «رباعي المقاطعة» على الخطوة المقبلة حيال قطر، يبدو أن «قمة أمس ستشكّل خطوة إلى الأمام باتجاه حلّ الخلاف، لكن من المستبعد رؤية نهاية فورية له»، على حدّ تعبير دبلوماسي غربي تحدّث إلى «رويترز». بتعبير آخر، ربما تفتح قمة الرياض الباب على تقارب بين الأخيرة والدوحة، يمهّد لـ«وحدة الصف» المرغوبة أميركياً، لكن يظهر ــــ إلى الآن ــــ أن دون «المصالحة» الشاملة عقبات غير هيّنة عمرها سنتان من الاتهامات والتحريض وتفجير الأحقاد المتبادلة. وفي خضمّ ذلك، يبقى ثابتاً أن مراهنة واشنطن على حصان «مجلس التعاون»، الذي بات اليوم في أضعف حالاته بعدما أُسِّس في الأصل لتشكيل ثقل مضادّ في مواجهة الثورة الإيرانية، لا تعدو كونها مراهنة خاسرة، أو في الحدّ الأدنى ضعيفة الفاعلية.