وعرض داود أوغلو، في خطابه، العناوين العريضة الستة لبرنامج حزب «المستقبل» المؤلف من 143 صفحة، قائلاً: «لم نأتِ لنكرّر كلاماً قديماً، بل لنقول أشياء جديدة. وخرجنا لنعطي جواباً على الحاجة إلى التجديد». ومن أبرز ما عرض، معارضة النظام الرئاسي الذي جاء باستفتاء في عام 2017، وحمل إردوغان ليكون أول رئيس بموجبه عام 2018. واعتبر داود أوغلو أن هذا النظام عطّل دور البرلمان والقضاء المستقل، وضرب دولة القانون والمعايير الديمقراطية، كما أنه وبدلاً من إلغاء حاجز الـ10 % للفوز في الانتخابات النيابية، فتح الباب أمام تحالفات هجينة. وأضاف أنه في حال استمراره، فإنه من غير الممكن استمرار النظام الاجتماعي الديمقراطي، داعياً إلى العودة إلى النظام البرلماني الديمقراطي، مطالباً بكتابة الدستور من نقطة الصفر بما يعزّز الحريات والديمقراطية. وأطلق داود أوغلو إشارة انفتاح قوية وغير مسبوقة لدى التيار الإسلامي المحافظ باتجاه الطائفة العلوية، المقدّر عدد أبنائها بـ16 مليوناً على الأقلّ، بقوله إنه سيعترف رسمياً بواقع وجود بيوت العبادة المعروفة باسم «بيوت الجمع»، ما يتيح للأخيرة أن تنال مساعدات مالية ورعاية من قِبَل الدولة. وبالنسبة إلى المسألة الكردية، شدد على حلّها في إطار المساواة الكاملة بين المواطنين وتعزيز الديمقراطية.
يتوقّع حتى الخامس من الشهر المقبل أن يعلن علي باباجان إنشاء حزب آخر
أوساط حزب «العدالة والتنمية» قابلت، وفقاً لما نقلته عنها صحيفة «حرييت»، تأسيس حزب «المستقبل» بالأسف، ووصفت المولود الجديد بأنه «ولد ميتاً». ووصلت التقييمات إلى حدّ وصف ما قام به داود أوغلو بالخيانة. القيادي في «العدالة والتنمية» ونائب رئيس الحكومة والحزب السابق، نعمان قورتولوش، علّق على تأسيس الحزب الجديد بالقول: «ليس المهم ماذا حصل وما سيقوم به الحزب الجديد، المهم ما الذي سنقوم به نحن. إذا أحسنا العمل فلن يُكتب للآخرين النجاح». ورأى أن «المستقبل» هدفه «إفقاد رجب طيب إردوغان بعض الأصوات في انتخابات الرئاسة في عام 2023 كي لا يتجاوز نسبة الـ50%».
ومع إعلان تأسيس حزب «المستقبل»، يتوقّع حتى الخامس من الشهر المقبل أن يعلن وزير الخارجية السابق، علي باباجان، إنشاء حزب آخر. والجامع المشترك بين الحزبين الجديدين أنهما ينبثقان من رحم حزب «العدالة والتنمية»، ومؤسسوهما كانوا من القيادات الوازنة في الحزب، ولا سيما رئيس الجمهورية السابق عبدالله غول، الذي لن ينضمّ إلى حزب علي باباجان لكنه سيدعمه من الخارج. ونظراً إلى أن النظام الرئاسي أصبح المعتمد في تركيا، فإن مركز الثقل أصبح موقع رئيس الجمهورية، ولم تعد الانتخابات النيابية ذات أهمية كبيرة. وبالتالي، بات همّ الجميع هو حصول المرشح الرئاسي على 50% فاصلة، وهو ما يعقّد مهمّة رجب طيب إردوغان، أو أيّ مرشح آخر، إذ بات يحتاج إلى تحالفات واسعة لتكون له حظوظ في الفوز. وهو ما ظهر في الانتخابات النيابية والرئاسية التي جرت في عام 2018 والبلدية - نسبياً - التي جرت في عام 2019.
وتتباين استطلاعات الرأي في أرقامها، إذ تعطي كلّ حزب من الحزبين الجديدين من 5 إلى 10%، أي 20% في حدّها الأقصى و10% في حدّها الأدنى، وهذا الرقم يفترض أن يُقتطع من حصة حزب «العدالة والتنمية»، ما يشكل خطراً جدياً على حظوظ إردوغان في الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقد لا يكفي إردوغان التحالف مع حزب «الحركة القومية» اليميني، بل سيسعى إلى شقّ الصف الكردي ببعض الوعود والإجراءات، كما إلى استقطاب جانب من الأصوات القومية في «الحزب الجيّد» برئاسة ميرال آقشينير، المتحالفة مع المعارضة، والتحالف مع حزب «السعادة» الإسلامي الصغير.