أقرّ البرلمان التركي، خلال جلسة استثنائية أمس، مشروع قانون يسمح بنشر قوات عسكرية في ليبيا لمدّة عام قابلة للتمديد. وصوّت 325 نائباً لمصلحة القانون، فيما رفضه 184 آخرون. وقال الرئيس التركي إن الخطوة جاءت بطلب من حكومة «الوفاق» المعترَف بها دولياً، على رغم أن الأخيرة لم تصرّح علناً برغبتها في استقدام قوات تركية. وتُوجَّه اتهامات إلى أنقرة وطرابلس بجلب مقاتلين سوريين للمشاركة في المعارك في ليبيا. وفي هذا الإطار، دانت مصر، أمس، «الدور الخطير الذي تقوم به تركيا بدعمها للتنظيمات الإرهابية وقيامها بنقل عناصر متطرفين من سوريا إلى ليبيا»، وفق ما جاء في بيان لوزارة خارجيتها. كما دانت خطوة البرلمان التركي الأخيرة، لافتة إلى أنها تأتي «تأسيساً على مذكّرة التفاهم الباطلة الموقّعة في اسطنبول بتاريخ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر»، ومعتبرة إياها «انتهاكاً لمقرّرات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن حول ليبيا بشكل صارخ». ورأت الخارجية المصرية أن هذا التطور «يهدّد الأمن القومي العربي بصفة عامة، والأمن القومي المصري بصفة خاصة»، وهو ما «يستوجب اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية المصالح العربية من جراء مثل هذه التهديدات»، داعية «المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤوليته بشكل عاجل». كذلك، ترأّس الرئيس المصري اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن القومي من أجل تدارس آثار المذكّرة التركية، والتي يتوقع أن تقوم مصر بفعلها بتعزيز دعمها للمشير خليفة حفتر، علماً بأن اتهامات وُجّهت إليها بشنّ غارات جوية دعماً لقوات الأخير في الأيام الماضية. ولا تعترف مصر علانية بدعمها العسكري لحفتر، لكن تقارير لجنة مراقبة حظر التسليح التابعة للأمم المتحدة تشير إلى انخراطها في دعم قوات شرق ليبيا، وهو أمر تتشارك فيه عربياً مع الإمارات والأردن. وتأتي المصادقة على القانون التركي بعد يومين فقط من اجتماع استثنائي على مستوى المندوبين لـ«جامعة الدول العربية»، خَلُص إلى إصدار بيان أكد «الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها ولحمتها الوطنية، ورفض التدخل الخارجي مهما كان نوعه»، مشدداً على «ضرورة وقف الصراع العسكري... ودعم العملية السياسية... وأهمية إشراك دول الجوار في الجهود الدولية الهادفة إلى مساعدة الليبيين على تسوية الأزمة». لكن الاجتماع الذي عُقد بطلب مصري كان يطمح إلى أكثر من ذلك، وخصوصاً لناحية إدانة التحركات التركية بشكل خاص. مع هذا، اتهم مندوب ليبيا في الجامعة، الأخيرة، بأنها «تكيل بمكيالين»؛ حيث «لم تحرّك ساكناً حين دعوناها الى اجتماع طارئ عاجل في بداية العدوان (و)نراها اليوم تتحرك على عجل بدعوة من دول داعمة للعدوان»، مضيفاً إن ذلك «يدفعنا إلى التفكير بجدّية في جدوى استمرار الانتماء إليها». وإلى أبعد مما تقدّم، ذهب المندوب الليبي باعتباره أن الهدف من ردود الفعل على مذكّرتَي التفاهم الموقّعتين مع تركيا «كان مبيّتاً لدى البعض للذهاب إلى ما هو أبعد من مجرد الاعتراض» ، محذراً من استخدام المذكّرتين «ذريعة لهدف أخطر». وقال إن رفض التدخلات الخارجية شيء جيّد من ناحية المبدأ «ونحن أوّل من ينادي به»، مستدركاً بأنه «عندما ندخل معهم في التفاصيل، نجد أن التدخلات العسكرية للدول الداعمة للعدوان لا يشملها تصنيفهم الفجّ للتدخل الخارجي، بل تُعتبر في نظرهم تدخلات جائزة ومقبولة».
تسعى الجزائر إلى تفعيل دبلوماسيّتها في الملفّ الليبي


وحول هذه النقطة الأخيرة تحديداً، أصدرت وزارة الخارجية في حكومة «الوفاق»، أول من أمس، بياناً ردّت فيه على تصريحات الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، والتي تحدّث فيها عن «خطورة التدخلات غير العربية في أزمتَي ليبيا واليمن». وقالت الوزارة إن تفسير أبو الغيط لقرار الجامعة على أنه رفض للتدخلات غير العربية فقط «مستهجن ومرفوض، ويخالف نصّ وروح ميثاق الجامعة العربية الذي يدعو صراحة إلى احترام سيادة جميع دول الجامعة». بالتوازي مع ذلك، أصدر وزير الخارجية في حكومة «الوفاق»، محمد الطاهر سيالة، أول من أمس أيضاً، بياناً أعرب فيه عن «تقديره لدولتَي قطر والسودان ووزراء خارجية دول المغرب العربي على موقفهم الداعم لليبيا في اجتماع الجامعة العربية»، والذي يُظهر وجود انقسام عربي على طريقة مقاربة الأوضاع في ليبيا، على رغم الإجماع الكلامي على رفض الحلّ العسكري.
وفي هذا السياق، تسعى الجزائر إلى تفعيل دبلوماسيتها في الملفّ الليبي، وهو ما كان قد أعلنه الرئيس عبد المجيد تبون في خطاب تولّيه منصبه. وعلى هامش إرسال مساعدات إنسانية إلى ليبيا، أمس، قال وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، إن بلاده ستقوم «في الأيام القليلة القادمة بالعديد من المبادرات في اتجاه الحلّ السلمي في ليبيا»، مضيفاً إن الجزائر «ترفض وجود قوة أجنبية مهما كانت في البلد الجار».