أنذر تسارع الأحداث في اليومين الأخيرين، ولا سيما بعد اغتيال الولايات المتحدة الأميركية قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني الفريق قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، بأن التطورات السياسية ستفرض نفسها على طريقة تأليف الحكومة اللبنانية و«نوعية» وزرائها. ذلك انطلاقاً من صعوبة مواجهة الوضع القائم والمعادلة التي وضعها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم أمس، من خلال حكومة اختصاصيين حياديين. فأي حكومة من هذا النوع ستصل عاجزة عن اتخاذ قرار سياسي في حال احتدام المواجهات في المنطقة والموقف اللبناني منها. ورغم التداول بمعلومات تتحدث عن صدور مراسيم حكومة حسان دياب نهار الثلاثاء كحدّ أقصى، جزمت مصادر واسعة الاطلاع في 8 آذار بأن لا حكومة في اليومين المقبلين. أولاً، لأن العقدة الأساسية في ما يتعلق بالأسماء المسيحية وحقائبهم لا تزال موجودة وتحتاج الى المزيد من المشاورات؛ ولأن الأقطاب الدروز يعترضون على طريقة توزيع الحقائب. ورداً على سؤال حول مصلحة فريق 8 آذار في الذهاب نحو حكومة بأسرع وقت قبل حصول تطورات تُصعّب تأليفها، أشارت المصادر الى أن «عملية الاغتيال التي حصلت غيّرت المعادلات، ولا يمكن اليوم الجزم إن كان التأليف يصبّ في مصلحتنا أو لا».
(هيثم الموسوي)

وزاد من تعقيد مشهد تأليف الحكومة إعلان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، فجر اليوم، «الامتناع» (لم يذكر عن ماذا، لكن يُعتقد أنه يقصد الامتناع عن المشاركة في الحكومة)، في تغريدة قال فيها: «لقد وصلتنا رسالة الممانعة في محاولتها لتشكيل وزارة اللون الواحد التي أغلبها من الفاشلين وتجار العقارات وغير العقارات، ويا لها من آخرة لهذا العهد، ولم نعد نفهم من يمثّله أو يقوده. افعلوا ما تشاؤون، وسنمتنع على طريقتنا ونواجه هذه الحفلة من التزوير والتحريف، بغضّ النظر عن أصوات التشكيك».
يتعارض ما سبق مع أجواء قصر بعبدا الإبجابية التي ترى أن «أي مماطلة في التشكيل قد تجعل الأمر مستحيلاً بعد فترة وجيزة. لذلك من المهم جداً الالتزام بالمنحى الإيجابي الذي وصلت إليه المشاورات والتي يفترض أن تصل الى خواتيمها في اليومين المقبلين». وتقول المعلومات إن أسماء الوزراء باتت شبه محسومة، من دون أي عقد تذكر، في حين أن اسم وزير الخارجية لا يزال قيد النقاش لما يشكله هذا المنصب من أهمية، وخصوصاً في تحديد سياسات لبنان في المحافل الخارجية. فرئيس الوزراء المكلّف كان قد سمّى الوزير السابق دميانوس قطار لهذا المنصب، وسط تحفظ من رئاسة الجمهورية على الاسم. إلا أن مصادر التيار الوطني الحر تنفي تسجيلها أو القصر الجمهوري أي اعتراض على الاسم، وتقول إنها «أبلغت حزب الله عدم ممانعتها تسمية أي مرشح يوافق عليه الحزب». فبحسب العونيين، هذا المنصب يعني حزب الله أكثر من أي طرف آخر، وبالتالي «لن نخوض معركة حول وزارة لا تعنينا بقدر ما تعني الحزب، ولن ندخل في إطار حرق الأسماء والاتهامات لنا بعرقلة أو تأخير التشكيل».
مصادر التيار: لا نمانع تسمية أي وزير للخارجية يوافق عليه حزب الله

أما عن تدخل الوزير جبران باسيل مباشرة بتسمية وزراء الطائفة المسيحية، فترد هذه المصادر بأن دياب يشاور كل الكتل النيابية التي سمّته، لأنها من المفترض أن تمنحه الثقة لتأليف الحكومة، من بينها التيار الوطني الحر. لكن «تلك المشاورات غير ملزمة، ولا تضع أي عوائق أو مطالب على الرئيس المكلف». ويؤكد التيار أن «الأخبار السارة ستعلن قريباً جداً».
بالتفاؤل نفسه، أعلن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، يوم أمس، «أننا على قاب قوسين أو أدنى من إعلان الحكومة». وخلال كلمة ألقاها في الاحتفال الذي نظّمته بلدة البيسارية تكريماً لشهدائها، قال: «نحن لا يعنينا اسم وشكل الحكومة، إن ما يعنينا هو مشروعها القادر على بناء الثقة. وما حصل في العراق يأتي في سياق خدمة المشروع الإسرائيلي». ودعا إلى «الإسراع في تشكيل حكومة قوية قادرة على مجابهة التحديات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، وفي هذا المجال يمكن القول إننا أحرزنا تقدماً كبيراً».