مسيرة اتهام نتنياهو، وربما أيضاً محاكمته لاحقاً، لم يسبق لها مثيل في تاريخ إسرائيل
من المفيد الإشارة، هنا، إلى أن رفض الكنيست تحصين نتنياهو لا يعني وجوب انسحاب الأخير من الانتخابات، أو التخلّي عن رئاسة «الليكود». إذ أن الصفة التي يتمتع بها، كرئيس للوزراء، تمنع فرض الاستقالة عليه إلى حين صدور الحكم النهائي بحقه. وبالتالي، هو يستطيع خوض الانتخابات، ويمكن أن يُكلَّف بتشكيل الحكومة المقبلة، بل وأن يشكّلها فعلياً من دون أيّ عائق قانوني إلى حين صدور الحكم. هذه الحيثية، إلى جانب إمساك نتنياهو بحزب «الليكود»، وفرضه معادلات تُصعّب على الكتلة اليمينية التخلّي عنه، يعني أن لا تغيير مقبلاً في المشهد الإسرائيلي بفعل الاتهام والمحاكمة، ما لم يؤثر ذلك سلباً على مزاج الناخب، اليميني تحديداً، الذي لا يبدو أن قرار الاتهام سيغيّر كثيراً من توجهاته في صناديق الاقتراع، في ظلّ ترجيحات بإعادة استيلاد نتائج العمليتين الانتخابيتين السابقتين نفسها، أو ما يقرب منها. في الوقت نفسه، لا يعني رفض «الكنيست» منح الحصانة لنتنياهو، ومن ثمّ توجيه الاتهامات إلى الأخير بشكل رسمي، تقييداً لقراراته التي له قانوناً أن يتخذها أو يصادق عليها، بوصفه رئيساً للحكومة، وإن كان متهماً. يسري ذلك بطبيعة الحال على القرارات السياسية كما الأمنية، وصولاً إلى قرارات متطرّفة جداً، لا يمنع نتنياهو نفسه من التلميح إليها، وتحديداً في ما يتعلق بتحدّيات الجبهة الشمالية، التي باتت أكثر من داهمة وتحتلّ أولوية قصوى في جدول الأعمال اليومي في تل أبيب.
بالعودة إلى وضع نتنياهو القضائي، يشار إلى أن مسيرة اتهامه، وربما أيضاً محاكمته لاحقاً، لم يسبق لها مثيل في إسرائيل. إذ أن إجراءات محاكمة رئيس وزراء كانت، حتى الأمس القريب، مجرد فرضيات في متن القوانين والأنظمة، من دون أيّ مصاديق عملية في تاريخ المنظومة الإسرائيلية. لم يسبق أن وُجّهت اتهامات بحق رؤساء وزراء وهم في سدّة الحكم، وبطبيعة الحال لم تصل الأمور مع أيّ منهم إلى الحدّ الذي وصلت إليه مع نتنياهو، الذي يؤكد قولاً وفعلاً أنه ماضٍ في محاولة منع محاكمته أو تأجيلها، مستغلّاً أدنى تفصيل قانوني وحزبي وشعبوي، وكذلك التخويف والترهيب الأمني، وتوأمة المصلحة الأمنية الإسرائيلية مع مصلحته الخاصة، كي يشوّش على ملفه القضائي ومسيرة محاكمته.