مع مرور عام على محاولة الانقلاب الفاشلة في فنزويلا، يرى الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، أنه تمكّن من «النجاة»، وسط صراع معقّد تقوده المعارضة في الداخل وحلفاؤها في واشنطن لإزاحته. مع ذلك، فهو أبدى انفتاحه على إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة تنهي حالة الجمود السياسي الذي يشلّ فنزويلا. وفي مقابلة نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية مساء أول من أمس، اعتبر أنه «إذا كان هناك احترام بين الحكومات، بغضّ النظر عن مدى حجم الولايات المتحدة، وإذا كان هناك حوار وتبادل حقيقي للمعلومات، فتأكدوا من أننا يمكننا إنشاء علاقة من نوع جديد»، مضيفاً أنه مستعدّ لإجراء محادثات والتفاوض على إنهاء العقوبات التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على صناعة النفط الفنزويلية لإجبار مادورو على التنحّي عن السلطة. ولفت إلى أنه حال رفع العقوبات، فإن شركات النفط الأميركية يمكن أن تستفيد بشكل كبير من النفط الفنزويلي. لكنه أكد، في المقابل، أنه غير مهتمّ «ولو حتى قليلاً بما تفعله أوروبا، أو ما تفعله الولايات المتحدة. نحن لا نهتمّ على الإطلاق. نحن نهتمّ فقط بما نقوم به نحن... بغضّ النظر عن آلاف العقوبات، فإنهم لن يتمكّنوا من إيقافنا، كما أنهم لن يوقفوا فنزويلا». بالنسبة إلى مادورو، يتحمّل وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الذي يلتقي بغوايدو في كولومبيا اليوم، مسؤولية فشل بلاده في فنزويلا، «وهو مسؤول عن فشل دونالد ترامب في سياسته تجاه بلدنا». وفي هذا الإطار، يقول مادورو: «أعتقد بأن بومبيو يعيش في الخيال. وأعتقد بأن مستشاري ترامب هم الأسوأ... جون بولتون ومايك بومبيو وإليوت أبرامز يتحمّلون مسؤولية الرؤية الخاطئة». إلا أن أبرامز، الذي لا يزال على خطابه، يعتقد، في حديث إلى الـ«واشنطن بوست» أيضاً، أنه «لا يمكن الوثوق بمادورو في قيادة انتخابات الجمعية الوطنية الجديدة هذا العام»، خصوصاً بعدما «مَنعت قوات الأمن الحكومية غوايدو وغيره من المشرّعين المعارضين من دخول الجمعية الوطنية» في الخامس من الشهر الجاري. ويشير أبرامز إلى أن الولايات المتحدة «تفضّل إجراء مفاوضات بين نظام مادورو والمعارضة الديموقراطية في عهد خوان غوايدو لترتيب انتخابات رئاسية وطنية جديدة ونزيهة»، ذلك أن «جميع الجهود السابقة فشلت، لأن النظام لم يأخذها على محمل الجدّ، وبدلاً من ذلك استخدمها لمحاولة كسب الوقت وتقسيم المعارضة. عندما يكون النظام جاهزاً، ويشارك في مفاوضات جادّة مع المعارضة، فستبذل الولايات المتحدة جهدها لإنجاح تلك المفاوضات».
مادورو: جون بولتون ومايك بومبيو وإليوت أبرامز يتحمّلون مسؤولية الرؤية الخاطئة

وفي سياق حديثه الذي استمرّ أكثر من ساعة، ينفي مادورو ما أورده دبلوماسيون أميركيون وأوروبيون ومفاوضو المعارضة من أن حكومته عرضت على هذه الأخيرة صفقة تشمل انتخابات رئاسية جديدة خلال محادثات توسَّطت فيها النروج العام الماضي، قبل أن تنهار في الخريف، متعهّداً بإجراء انتخابات تشريعية هذا العام، ومبدياً استعداده أيضاً للتحدّث مع غوايدو. لكن المعارض البارز ومُرشد غوايدو، ليوبولدو لوبيز، الذي يعيش في السفارة الإسبانية في كاراكاس، يرى في حديثه إلى الصحيفة أن «ما يريده (مادورو) هو انتخابات مزيفة لإنتاج جمعية وطنية للدمى»، معتبراً أنه لن يكون هناك حلٌّ للأزمة «إذا لم يكن هناك تغيير للنظام».
وعن مؤامرة 30 نيسان/ أبريل التي هدفت إلى إطاحته - المؤامرة الفاشلة التي يُطلق عليها الآن اسم «خليج الخنازير» في فنزويلا -، يعرب الرئيس الفنزويلي عن اعتقاده بأن معارضيه قلّلوا من تقديره؛ إذ تضمّنت الخطة تجنيد الموالين الرئيسيين للرئيس، من بينهم رئيس المحكمة العليا مايكل مورينو ووزير الدفاع فلاديمير بادرينو ومسؤولون آخرون، كان يفترض أن يدعموا دعوة غوايدو قبل الفجر إلى «انتفاضة» تنطلق من إحدى القواعد العسكرية، وتجبر مادورو على الرحيل. «الانتفاضة» التي كانت مقرّرة يوم الأول من أيار/ مايو، لا يزال توقيت وقوعها (30 نيسان/ أبريل) محلّ خلاف داخل المعارضة. وعلى الرغم من ظهور غوايدو جنباً إلى جنب لوبيز في قاعدة لا كارلوتا في شرق كاراكاس، إلا أن «الانتفاضة» فشلت. وفق رواية مادورو، فإن مورينو وبادرينو وغيرهما من المسؤولين الفنزويليين الذين راهنت المعارضة على انقلابهم، حملوا إلى الرئيس تفاصيل هذه المؤامرة. هذه الرواية تتعارض بالطبع مع رواية الأميركيين وأتباعهم في فنزويلا، إذ يزعم هؤلاء أن محادثات الانقلاب بدأت قبل عدة أسابيع من «ادّعاء» مادورو أنه تمّ إبلاغه بالتآمر، ما يعني، بحسبهم، أن أنصار مادورو أخفوا المؤامرة لعدة أشهر قبل مشاركتها معه.