تستهدف العمليات الراهنة تطبيق التوافقات المعطّلة بسبب تنصّل أنقرة من تنفيذ التزاماتها
وتتحدث مصادر سورية واسعة الاطلاع عن هدفين أساسيين للعمليات الراهنة، أوّلهما «تطبيق التوافقات المعطّلة بسبب تنصّل أنقرة من تنفيذ التزاماتها (في إشارة إلى اتفاق سوتشي الخاص بإدلب)، وثانيهما مواصلة دحر الإرهاب، وصولاً إلى تحرير كامل التراب السوري». ويؤكد مصدر عسكري رفيع، لـ«الأخبار»، أن «التوقف المؤقّت الذي شاب العمليات في المرحلة السابقة، جاء بغية إتاحة فرصة أخيرة لأنقرة، كي تسحب إرهابييها من هذه المناطق، أما الآن، فالتوقف لم يعد وارداً». يرفض المصدر الخوض في تفصيلات كثيرة، على رأسها مستقبل نقاط المراقبة التركية، ويقول إن «هذه الأمور متعلقة بالملف السياسي، وقرارها عند القيادة، نحن نعمل على الأرض، وجاهزون للتحرير بمجرد ورود الأوامر، ولا يوقفنا عن ذلك لا أتراك ولا غيرهم». ويشكل مصير نقاط المراقبة التركية ركناً أساسياً من أركان المرحلة المقبلة، سواء في الشقّين الميداني أو السياسي. وعلى امتداد الشهور الماضية، أسفرت معارك إدلب، بمراحلها المختلفة، عن تطويق الجيش السوري اثنتين من نقاط المراقبة التركية في مورك وأم الصرمان، قبل أن تنضمّ إليهما أخيراً «نقطة معرحطاط». وأصدرت وزارة الدفاع التركية، أمس، بياناً لوّحت فيه بـ«الردّ على أيّ محاولة لتعريض أمن نقاط المراقبة العاملة في نطاق اتفاقات أستانا، وسوتشي (للخطر)، دون أي تردد». جاء ذلك عقب أنباء عن إنشاء نقطة تركية جديدة في صوامع الحبوب جنوبي مدينة سراقب، على رغم كون الأخيرة وجهة حتمية لعمليات الجيش السوري. ومن المرجح أن عمل النقاط التركية سيعاد تفعيله مستقبلاً، مع إعادة تموضع لبعضها بموجب اتفاقات تُعلَن في حينها، وبما ينسجم مع التغيرات الميدانية، حال عودة الطريقين الدوليين «M4» و«M5» إلى الخدمة.
وعلى أهمية كلّ المستجدات الميدانية المتسارعة بحدّ ذاتها، غير أن الأهمية الأكبر تتجلى في تزامن هذه المستجدّات مع تكثيف المبعوث الدولي، غير بيدرسون، جهوده على طريق إعادة لمّ شمل «اللجنة المصغرة»، المنبثقة عن «اللجنة الدستورية». وتقدم الصورة الكلية مشهداً فريداً، خلاصته أن تقدّم الجيش السوري وحلفائه في إدلب هو المفتاح الفعلي لعودة الحرارة إلى مسار «الدستورية» في جنيف. وكان بيدرسون قد وصل إلى دمشق أمس، في زيارة تطمح إلى التوافق على موعد تقريبي جديد لبدء الجولة الثالثة من جولات «اللجنة المصغّرة»، والتي يُفترض بها أن تكون منطلقاً فعلياً لأعمال اللجنة. وتقول مصادر دبلوماسية اطّلعت على كواليس زيارة قام بها بيدرسون قبل أيام إلى موسكو إن المبعوث «نُصح هناك بتركيز جهوده على التفاصيل المرتبطة بعمل الدستورية فقط، وعدم التطرّق إلى العمليات العسكرية أو المطالبة بوقفها». وإذا ما كُتب لزيارة المبعوث الأممي إلى دمشق النجاح، فمن المرجح أن يدعو قريباً إلى جولة جديدة، في الأسبوع الأخير من شهر شباط المقبل.
بدء وساطات لتسليم المدن
في سباق مع العمليات العسكرية، دُشّن، أمس، مسار تفاوضي يفتح الباب أمام التوصّل إلى تسويات في كلّ من مدينتَي سراقب وأريحا. ويتصدّى لمهمة الوساطة، الشيخ عمر رحمون، عضو «هيئة المصالحة الوطنية». وسبق لرحمون أن أدّى دوراً في التسوية النهائية لأحياء حلب الشرقية، وكان قريباً من النجاح في وساطة في شأن معرّة النعمان قبل شهر من الآن، قبل أن ينهار المسار التفاوضي (راجع «الأخبار»، 24 كانون الأول 2019). وقال رحمون لـ«الأخبار» إنّه تواصل مع كثير من الفاعلين في المدينتين، و«عرض عليهم الصلح بشكل جدي»، من دون أن يتلقى ردّاً حتى مساء أمس. وينصّ العرض الأوّلي الذي قدّمه رحمون لأهالي المدينتين على قيامهم بـ«طرد المسلّحين، ورفع العلم السوري». ويؤكد رحمون لـ«الأخبار» أن وساطته مدعومة بـ«ضوء أخضر من دمشق وموسكو».
(الأخبار)