بخطىً ثابتة، يتابع الجيش السوري عملياته في ريف إدلب الجنوبي، بعدما سيطر على مدينة معرّة النعمان الاستراتيجية على الطريق الدولي حماة ــــ حلب (M5)، ثم وسّع سيطرته حولها، منطلقاً منها شمالاً نحو مدينة سراقب المهمّة، والواقعة على الطريق الدولي ذاته أيضاً. ليل أمس، طَرَق الجيش أبواب مدينة سراقب، إذ باتت تفصله عنها مئات الأمتار فقط. وبالتزامن مع تقدّمه في المنطقة، وسيطرته على تل مرديخ وجوباس والهرتمية وقمحانة، كثّف عمليات القصف على مواقع المسلحين في المدينة، التي باتت السيطرة عليها مسألة وقت فقط «قد لا يتجاوز الساعات»، بحسب مصدر ميداني مشارك في العمليات.أما على محاور مدينة حلب وأريافها، فقد شهدت المنطقة هدوءاً أمس، بعد ليلة معارك عنيفة، حاول خلالها مسلحو حركة «نور الدين الزنكي» بشكل خاص، ومسلحون آخرون، استعادة السيطرة على بعض النقاط في خان طومان في ريف حلب الجنوبي الغربي، من دون أن ينجحوا في ذلك. ويشير مصدر عسكري سوري مطّلع على العمليات في محيط حلب إلى أن «مسلّحي الزنكي حشدوا قواتهم في ريف إدلب الشمالي، ثم عَبَروا نحو ريف حلب الجنوبي الغربي، بالتوافق مع مسلحي جبهة النصرة»، مضيفاً إن «المسلحين وصلوا إلى المنطقة بعدما كان الجيش قد سيطر على خان طومان، التي أتوا بالأساس للدفاع عنها، إلا أنهم تأخروا»، ورغم هذا «حاولوا التقدّم نحو عدد من نقاط الجيش والسيطرة عليها، إلا أن الجيش وحلفاءه تمكنوا من طردهم بعد اشتباكات عنيفة جداً».
شهدت محاور مدينة حلب وأريافها هدوءاً حذراً بعد ليلة اشتباكات عنيفة


سياسيّاً، جدّدت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، التزام بلادها بتعهّداتها في إطار «صيغة أستانا» و«اتفاقات سوتشي»، رافضة اتهام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان روسيا بعدم الإيفاء بواجباتها. كذلك، صدر أول تعليق رسمي إيراني على المعارك في إدلب، عن مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، الذي أشار إلى أن «المعارك التي تحصل في إدلب إنما تجري في آخر معاقل الإرهابيين في سوريا». في المقابل، أعلن مجلس الأمن القومي التركي، أمس، بعد اجتماع طويل برئاسة إردوغان، أن «تركيا ستتخذ إجراءات إضافية للتصدّي للهجمات التي تستهدف قواتها والمدنيين في محافظة إدلب». كما أجرى رئيس الأركان التركي، يشار غولار، اتصالاً مع نظيره الروسي، فاليري غيراسيموف، بحثا فيه التطورات الأخيرة، بحسب بيان صادر عن رئاسة الأركان التركية.
على خطّ موازٍ، وفيما نفت وزارة الدفاع الروسية صحة تقارير اتهمت الطيران الروسي بقصف أهداف مدنية في إدلب، ووصفتها بأنها «استفزاز إعلامي»، شهد مجلس الأمن الدولي، ليل الأربعاء ــــ الخميس، في جلسة حول سوريا، تلاسناً حادّاً بين مندوبَي الصين والولايات المتحدة، في شأن المسؤولية عن تدهور الأوضاع الإنسانية في شمال غرب سوريا. واتهمت نائبة المندوب الأميركي، شيري نورمان شاليه، الصين وروسيا، بـ«إعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين». وقالت شاليه في إفادتها أمام أعضاء المجلس: «بعدما تبعتها الصين بشكل أعمى، صعّدت روسيا حملتها لتقييد وصول المساعدات الإنسانية في سوريا، من خلال جهد مسيّس لتقويض القرار الخاص بإيصال المساعدات العابرة للحدود، في 10 كانون الثاني/ يناير الجاري». ودفعت هذه الاتهامات، المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة السفير تشانغ جيون، إلى مخاطبة شاليه بالقول: «لا يمكن للولايات المتحدة كيل الاتهامات لنا، فنحن ليس لدينا جندي واحد في سوريا، ولم نحتلّ آبار النفط، ولم نضرب ذلك البلد». وأضاف جيون إن «توجيه الاتهامات من قِبَلكم هو ضرب من النفاق، وإذا كنتم تتوقّعون منّا التصديق على سياساتكم فقط، فنقول لكم إن زمن الاستعمار ولّى وانتهى».