إزاء ذلك، بدأت تبرز شكوك في إمكانية تمرير فريق علّاوي الوزاري داخل البرلمان، في ظلّ وجود معارضة له يقودها المالكي ومعه زعيم «القائمة الوطنية» إياد علّاوي. ومن جهة أخرى، لا تبدو محسومة قدرة الرئيس المكلّف على تلبية مطالب «التوافق» الذي أنتج تسميته، وعلى رأسها المضيّ في الاتفاقية التجارية الموقّعة بين الصين والعراق، وتطبيق قرار إخراج القوات الأميركية من البلاد، وإنجاز موازنة 2020، وتنفيذ مطالب المتظاهرين. وفي هذا الإطار، توقّع الوزير السابق، جاسم محمد جعفر، في حديثه إلى «الأخبار»، صعوبة مضي علّاوي في تنفيذ قرار إخراج القوات الأميركية، خصوصاً أن «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) وضعت في بيانها الأخير المهامّ السيادية والإصلاحية على السواء على عاتق البرلمان المقبل. وفي الإطار نفسه، ثمة من يعتقد أن «تكليف علّاوي جاء في إطار صفقة بين الكبار، وعليه فإن الأمور ستنحو تدريجياً باتجاه الهدوء»، لكن هؤلاء يحذرون في الوقت عينه من أن «التكليف إن جاء بخلاف ذلك، فإن الفوضى ستتفاقم».
بدأ أصحاب «القبعات الزرقاء» التابعون لـ«التيار الصدري» ينشطون على خطّ «ضبط الشارع»
وفق الدستور العراقي، وتحديداً المادة 76/ ثانياً، يتولّى رئيس الوزراء المكلّف تسمية أعضاء وزارته خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ التكليف. وفي ظلّ وجود توجّه بانتقاء وزراء تكنوقراط، تؤكد مصادر سياسية مطّلعة أن القوى السياسية، «الشيعية» و«السنية» و«الكردية» على السواء، ستلتزم بهذا التوجّه. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن علّاوي قد يبقي على ما بين 3 و4 وزراء من الحكومة المستقيلة. وتشير المعلومات إلى أن الرئيس المكلّف قد «يجدّد ثقته بهؤلاء لمواصلة مهامهم»، وهم وزراء النفط ثامر الغضبان، والمالية فؤاد حسين، والإعمار والإسكان والبلديات بنكين ريكاني، تأسيساً على «المنجزات التي حققوها خلال استيزارهم». كذلك، «ثمة حراك سياسي يدفع باتجاه إبقاء محمد علي الحكيم وزيراً للخارجية»، غير أن أطرافاً كثيرين يعارضون تجديد الثقة به.
الثابت - حتى الآن - هو ميل علّاوي نحو اختيار شخصيات مستقلّة في كابينته الوزارية التي سيتمّ الإعلان عنها خلال 21 يوماً من تاريخ تكليفه. وهو ما يبدو نجاحه مرهوناً بالقدرة على انفكاك علّاوي من ضغوط القوى السياسية التي قد تحاول فرض بعض الأسماء عليه. في هذا الوقت، تتّجه الأنظار إلى بيان «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) الجمعة المقبل، في ظلّ وجود رأيين في شأن موقفها من تكليف علّاوي؛ إذ يرى البعض أن النجف منحت الضوء الأخضر لتكليف الرجل، فيما يرى آخرون أنها لم تتدخّل مطلقاً في عملية تسميته.
وكان علاوي تعهّد بتأليف حكومة بعيدة عن المحاصصة الطائفية والحزبية، والتهيئة لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة بالتشاور مع «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات». لكن تلك التعهّدات لم تجد صداها لدى بعض المتظاهرين، الذين أعلنوا رفضهم تكليف الرجل، معتبرين إيّاه التفافاً على مطالب الشعب. وفي هذا الإطار، ترى الناشطة الميدانية سارة الموسوي، أن «تكليف علّاوي هو نتاج اتفاق سياسي»، قائلة إن «المتظاهرين لم يحدّدوا اسم أيّ مرشح... وما ظهر إلى الإعلام من بيانات وترشيحات لم يتبنّه متظاهرو الساحات». وتشير، في حديثها إلى «الأخبار»، إلى أن «منطق أصحاب المطالب هو رفض أيّ تسويف سياسي لمطالب المتظاهرين الذين حدّدوا شروطاً معينة، أبرزها الكفاءة، والاستقلالية، والنزاهة»، فضلاً عن تهيئة الأرضية لإجراء اقتراع مبكر، ومحاسبة «قَتَلة المتظاهرين»، وإطلاق سراح الناشطين. وهي مطالب كان التزم بها علاوي، داعياً المتظاهرين إلى سحب فتيل النزاع والخلافات، وعدم إتاحة الفرصة لـ«الفاسدين» لإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء.
على خطٍّ مواز، بدأ أصحاب «القبعات الزرقاء»، أمس، ينشطون على خطّ «ضبط الشارع»، تنفيذاً لتوجيهات زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، الداعية إلى مساندة القوات الأمنية في فتح الطرقات التي أُغلقت على مدى الأشهر الماضية، وإعادة الحياة إلى طبيعتها. وأدّت تلك التحركات إلى وقوع صدامات بين «الصدريين» وبقية المتظاهرين في عدة محافظات، على رأسها النجف.