صنعاء | يعود التوتر إلى المحافظات الجنوبية مع فشل السعودية في تنفيذ «اتفاق الرياض» الموقّع في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بين حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، و«المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات. باستثناء نجاحها في تعزيز حضورها العسكري في عدن، وانتزاع ما تبقى من صلاحيات شكلية لحكومة هادي، ووضع المحافظات الغنية بالثروات تحت يد العميد السعودي مجاهد العتيبي الذي بات يُعدّ حاكماً عسكرياً في الجنوب، لم تخطُ المملكة خطوات حقيقية وجادّة على طريق تنفيذ الاتفاق، الذي كان يفترض أن ينتهي جدول تطبيقه في الـ 5 من شباط/ فبراير الحالي، بل إن عمليات التحشيد والاستفزاز المتضادّة عادت لتسود تلك المحافظات، من عدن وأبين، مروراً بشبوة وحضرموت، وصولاً إلى المهرة وجزيرة سقطرى.هكذا، أقدم «الانتقالي» على سحب كتيبتين من «اللواء الخامس ــــ عمالقة» التابع له، والذي يقوده المدعو هارون اليافعي، من الضالع، فيما تمّ الترتيب لسحب «اللواء السادس ــــ صاعقة» من جبهة الأزارق وقعطبة في المحافظة نفسها، والتوجيه بإعادة «اللواء الأول ــــ صاعقة» إلى عدن لمواجهة ميليشيات حزب «التجمع اليمني للإصلاح» (إخوان) التي يتهمها «الانتقالي» بالتنصّل من «اتفاق الرياض»، ورفض الانسحاب من منطقة شقرة في محافظة أبين، وتعزيز وجودها العسكري في محافظة شبوة. أما في سقطرى، فقد سُجّل تمرّد في معسكر «خفر السواحل» التابع لحكومة هادي، والذي أعلن أواخر الأسبوع الماضي موالاته لـ«الانتقالي»، لتردّ السلطة المحلية الموالية لتلك الحكومة الخميس الماضي باتهام أبو ظبي بالعمل على تغذية الانشقاقات في أوساط قواتها، وتمويل عمليات التمرّد فيها.
أقدم «الانتقالي» على سحب كتيبتَين من «اللواء الخامس ـــ عمالقة» التابع له من الضالع


وفيما لا تزال المشكلة قائمة من دون حلّ في سقطرى، منعت ميليشيات «الانتقالي»، السبت الماضي، قوات موالية لحكومة هادي قادمة من منطقة شقرة في محافظة أبين من دخول مدينة عدن، والمرور منها إلى منطقة طور الباحة القريبة من الساحل الغربي، والواقعة في نطاق محافظة لحج، لتعزيز قوات موالية لـ«التحالف» هناك. وتباينت الأسباب المتداولة لعملية المنع التي تمّت عند نقطة العلم الواقعة في بوابة عدن الشرقية؛ ففي حين اشترطت قيادات في «الانتقالي» سحب «الإصلاح» ميليشيات تابعة له من شقرة، اتهم نائب رئيس المجلس، هاني بن بريك، القوات القادمة إلى عدن بالانتماء إلى «القاعدة». وفي أعقاب رفض «الانتقالي» توجيهات قيادة «التحالف» السعودية بالسماح لتلك القوات بالدخول إلى عدن، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين انتهت بإجبار القادمين على العودة إلى شقرة، بعدما حلّق الطيران الإماراتي في سماء منطقة دوفس في أبين، حيث دارت الاشتباكات، وألقى قنابل ضوئية.
وفي حين أفشلت قوات هادي محاولة «الانتقالي» إسقاط معسكر تابع للأمن المركزي الموالي للرئيس المستقيل في منطقة عين بامعبد شمالي عتق في محافظة شبوة الأسبوع الماضي، أعلنت فصائل تابعة للمجلس سيطرتها على جبل قرن السوداء، بعد يوم من سيطرتها على منطقة العرم بهدف قطع خطّ الإمداد بين شبوة وأبين. واتهم محافظ شبوة الموالي لهادي، محمد صالح بن عديو، الذي تعرّض لثلاث محاولات اغتيال في الآونة الأخيرة في عتق، الإمارات بتخصيص موازنة ضخمة للسيطرة على شبوة، متوعّداً بالضرب بقوة، وإفشال «مؤامرات أبو ظبي الجديدة» بقوة السلاح. وكانت الإمارات قد عزّزت وجودها العسكري في ميناء بلحاف في المحافظة، حيث أنزلت عشرات الآليات والمدرّعات الحديثة إلى الميناء، توازياً مع تعزيز السعودية قوات هادي في أبين بـ 30 آلية عسكرية، وتوجيهها بسحب قوات موالية لنائب هادي الجنرال علي محسن الأحمر من شقرة تنفيذاً لـ«اتفاق الرياض». كذلك، زرع مجهولون خمس عبوات ناسفة أمام تعزيزات عسكرية سعودية في منطقة العبر في محافظة حضرموت، حيث كانت في طريقها إلى محافظة شبوة.