يبدو أن الهدف المرحلي للجيش السوري، والمتمثّل في تأمين طريق حلب ــــ حماة الدولي (M5)، بات باليد تقريباً، بعدما سيطر الجيش على الطريق، وبات يسعى إلى توسيع سيطرته إلى الغرب منه لكي يصبح آمناً من أيّ محاولات لقطعه مجدداً. وفي هذا السياق، يتابع الجيش، منذ يومين، عملياته في ريف حلب الغربي، حيث سيطر أمس على بلدة أورم الكبرى وبات على تخوم بلدة كفرناها، بعدما تمكّن من السيطرة على «الفوج 46»، القاعدة الواقعة على بعد 12 كلم غربي مدينة حلب. ولهذه القاعدة العسكرية رمزية خاصة، إذ إنها سقطت بيد المسلحين في عام 2012، حيث أعدموا فيها ما يقارب 150 عسكرياً. وبالسيطرة على «الفوج 46»، يصبح الجيش على بعد أقلّ من 5 كلم من مدينة الأتارب، إحدى أهم المدن الاستراتيجية في الريف الحلبي الغربي. وفيما يراقب الجنود والضباط الأتراك المنتشرون في المنطقة تحركات الجيش بهدف توقع خطواته المقبلة، فهم يعملون أيضاً على عرقلتها عبر التدخل المباشر. ويوم أمس، دخلت عشرات الآليات العسكرية التركية إلى مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، والتي بات الجيش على مقربة منها. كما أنشأت القوات التركية نقطة عسكرية، نشرت فيها مدافع متطورة، قرب بلدة كفر كرمين، الواقعة غربي الأتارب. وتهدف تلك التعزيزات الجديدة إلى فرض واقع ميداني يمنع الجيش من التقدم باتجاه مدينة الأتارب، ثم كفر كرمين، وبالتالي قطع طريق باب الهوى، حيث المعبر الحدودي المهمّ مع تركيا. كذلك، انتشرت، أمس، آليات ودبابات تركية في مدينة أريحا، جنوبي مدينة إدلب، على الطريق الدولي حلب ــــ اللاذقية (M4). وفي هذه النقطة أيضاً، يُعدّ الدافع خلف التعزيزات التركية منع الجيش السوري من التقدّم من جهة بلدة النيرب شرقي أريحا، وبالتالي بدء مسار سيطرته على «حلب ــــ اللاذقية»، الذي ينصّ «اتفاق سوتشي» على فتحه.
دخلت عشرات الآليات العسكرية التركية أمس إلى مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي


وتعمل القوات التركية على عرقلة تقدّم الجيش وانتشاره عبر القصف المباشر، أو عبر توجيه المسلحين ليشنّوا هجوماً بدعم منها. وفي اليومين الماضيين، شنت الفصائل هجمات عدّة ضدّ مواقع الجيش في ريف حلب الغربي، من دون تحقيق نتائج تذكر. ويوم أمس، نشرت وكالة «أنا» الأبخازية الناطقة بالروسية مقطع فيديو يظهر آلية عسكرية تركية تحترق بعدما تمّ استهدافها من قِبَل عناصر الجيش. وذكر مراسل الوكالة، في مقطع الفيديو، أن «الجيش السوري دمّر 3 مدرعات تركية، وقتل طاقمها من المسلحين خلال تصدّيه لهجوم شنّه هؤلاء على مواقعه على محور كفر حلب في ريف حلب الجنوبي الغربي». كذلك، قصفت القوات التركية، بصواريخ متوسطة المدى، مواقع الجيش في ريف حلب الغربي، انطلاقاً من منطقة لواء إسكندرون داخل الحدود التركية. لكن ما بدا لافتاً، هو تمكّن المسلحين أمس من إسقاط طائرة مروحية سورية، للمرة الثانية خلال يومين تقريباً، في ريف حلب الغربي. ولم تكن لدى المسلحين، طوال سنوات الحرب، القدرة على إسقاط الطائرات المروحية بصواريخ دفاع جوي دقيقة؛ إذ كانت حوادث إسقاط المروحيات قليلة نسبياً، وغالباً ما تتمّ عبر أسلحة رشاشة، وبواسطة دفاعات جوية تقليدية. أما اليوم، فقد بدأ المسلحون يستخدمون أنواعاً متطورة من مضادّات الطيران، في ما يشكّل خطراً جدياً على تحليق مروحيات الجيش السوري. والجدير ذكره، هنا، أن من تبنّى عملية إسقاط الطائرة هي ما تعرف بـ«الجبهة الوطنية للتحرير»، التي شكّلتها أنقرة، وتُعدّ أكثر الفصائل المسلحة التصاقاً بها وعملاً بأوامرها. وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدلّ على أن الجيش التركي هو من زوّد، على الأرجح، المسلحين بصواريخ مضادة للطائرات. وما يعزّز الترجيح المتقدّم هو تهديد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، قبل يومين، بأن «الطائرات التي تضرب البلدات في إدلب لن تعود قادرة على التحرك بحرية كما قبل»، علماً بأن من المستبعد قيام القوات التركية بإسقاط طائرات سورية أو روسية بنفسها، لتجنّب تصعيد كبير مع موسكو.
إلى ذلك، نفى مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية مزاعم تركيا عن إيقاعها خسائر في صفوف الجيش السوري في إدلب. وفيما عقد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اجتماعاً في مجلس الأمن الروسي، تناول «الموقف المتوتر حول إدلب بسبب نشاط الجماعات الإرهابية»، ذكرت وكالة «إنتر فاكس» أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، سيجتمع مع نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، في ميونيخ يوم غد الأحد، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن.