تعيش الولايات المتحدة أياماً قلّت مثيلاتها منذ عقود. أبرز ما يميّزها، إلى جانب أن الاحتجاجات الغاضبة تنتشر في كل الولايات والمدن تقريباً وليست محصورة في مكان، هو مشهد الانقسام. انقسام داخل المؤسسات، وانقسام في الإعلام، وانقسام تقليدي بين الحزبين يتفاقم ويأخذ منحى شرساً على كيفية استغلال الحدث في الانتخابات، ما يصعّب التفاف أهل النظام، والأخطر انقسام في المجتمع لم يعد يخفيه طيف من اليمين الأبيض بوجه أقلّيات ملوّنة غاضبة. الانقسام الذي أخرجه مقتل جورج فلويد في 25 أيار راح ينفلش على كل المستويات، وصولاً إلى داخل إدارة دونالد ترامب ذاتها. ووسط الحدث/ الفالق، الذي مثّل القشّة القاصمة، تطفو قوى يسارية جذرية على السطح وتتصدّر المشهد، هذه المرّة في قلب الولايات المتحدة لا في مستعمرة للإمبراطورية خلف البحار. رغم ما تقدّم، ورغم «العدوى» الآخذة في الانتشار في العالم الغربي، حيث الاحتجاجات المتضامنة والمتأثّرة لا تهدأ، فإن سؤال انحسار الاحتجاجات في الولايات المتحدة بدأ يطرح على ضوء تطورين في الساعات الماضية: الأوّل، تراجع دونالد ترامب عن فكرة استدعاء القوات المسلّحة لقمع الاحتجاجات، على خلفية نأي البنتاغون بنفسه. الثاني، تشديد الاتهامات الجنائية ضدّ ضباط شرطة مدينة مينيابوليس الأربعة المتّهمين بقضية مقتل فلويد