المشاورات بين القوى السياسية تخطّت مستوى «التكليف»، لتنتقل مُباشرةً إلى «التأليف». فغالبية الجهات السياسية المؤثّرة، باتت تتعامل مع سعد الحريري كما لو أنّه «الرئيس المُكلّف بتأليف الحكومة». الورقة الحمراء الأبرز المشهورة بحقّه، تأتي من جانب التيار الوطني الحرّ أولاً، والقوات اللبنانية ثانياً. وُجد حلّ لهما بشعار «الميثاقية تؤمَّن في التأليف وليس في التكليف»، وبوجود نواب مُمثلين للطائفة المسيحية خارج الحزبين الأكبر. أما حزب الله، الذي وإن لم يتضح بعد إن كان سيُسمّي الحريري أو يُحدّد خياراً آخر، فلن يكون بحدّ ذاته «عقبة» أمام عودة الحريري إلى السراي الحكومي. وكما تقول مصادر بعبدا، «الاستشارات النيابية المُلزمة يوم الخميس لتسمية رئيس الحكومة باقية في موعدها، إلا إذا طرأ أمر في الساعات الأخيرة واستدعى تأجيلاً». تركيب هذه القِطع بعضها فوق بعض، يقود إلى تسمية سعد الحريري، قبل 48 ساعة من الموعد الدستوري... تسمية مع وقف التنفيذ. فالأزمة المالية والنقدية، وملفّ ترسيم الحدود الجنوبية، والمفاوضات مع «المجتمع الدولي» ومؤسساته والدول «الراعية» للحصول على «دولارات طازجة»، التي استوجبت وجود رئيس حكومة، لن تنسحب على عملية التأليف. هذا ما يؤكّده سياسيون مُتابعون لاتصالات الساعات الأخيرة.استمرت الاتصالات يوم أمس بين قيادتَي حزب الله والتيار الوطني الحرّ، من دون أن ينتج عنها أي ليونة في موقف الوزير السابق جبران باسيل من تسمية الحريري. تُشبّه المصادر الوضع بما كان عليه قبل قرابة سنة، حين سحبت القوات اللبنانية بِساط «الميثاقية المسيحية» من تحت الحريري رافضةً تسميته، ليتراجع بدوره عن الترشّح، ويستعد فريق رئاسة الجمهورية - التيار الوطني الحرّ للعب دور المعارضة وعدم حضور جلسات مجلس الوزراء، وصولاً إلى حدّ عدم التوقيع على المراسيم. الفارق بين الزمنين، «تبدّل الأوضاع على كلّ المستويات، وجود ضغط فرنسي ودولي كبيرَين لإحداث تغيير في الساحة الداخلية. لبنان أمام مخاطر كبيرة، لذلك من المُستبعد أن تُخلق معارضة كهذه من جانب العهد خلال هذه المرحلة». وتُضيف المصادر أنّ «الردّ سيكون عبر التشدّد في التأليف، وموقف التيار الوطني الحرّ في عدم التمثّل وزارياً، على أن تُحصر الحصّة المسيحية الوازنة برئيس الجمهورية، فيكون له فريق عمله الحاضر داخل السلطة التنفيذية». موقف «التيار» لا يلقى انتقاداً في صفوف حزب الله، بقدر ما يبدو «تفهّماً» لحليف سياسي حُمّل كلّ وِزر أسباب انتفاضة 17 تشرين الأول، «التي تعتبر أنّ أهم إنجازاتها هو إسقاط حكومة الحريري، وها هي اليوم تتفرّج عليه يعود إلى السلطة، ويُربط انخفاض سعر صرف الدولار بوجوده في السلطة وتأخذ الأسواق نفساً، في حين يُظهّر جبران باسيل كما لو أنّه هو الخاسر الوحيد من هذه العملية». انطلاقاً من هنا، «يبدو طبيعياً التشدّد في عملية التأليف»، لا بل مُمكن أن يُشكّل التشدد ضرورة لفريق «8 آذار»، الرافض نهائياً لتسليم إدارة البلد كلياً إلى الحريري وخياراته الاقتصادية والسياسية»، وقد يؤدّي هذا التشدّد إلى أن «يبقى الحريري رئيساً مُكلفاً فترة طويلة».
ستصل بعثة أميركية إلى لبنان للإشراف على إعادة الإعمار وتُنفذه USaid


محاولات تأليف حكومة في لبنان ليست معزولة عن «مناخات إيجابية» بدأت تُلتقط إشاراتها في المنطقة ككلّ، من دون أن تُحسم نتائجها. تتحدّث المصادر عن موقف مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، من الحكومة وتمثّل حزب الله فيها، وزيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى واشنطن، وأخيراً اتصال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالرئيس ميشال عون. كما لو أنّ الولايات المتحدة تُريد أن تقول إنّ مفتاح الحلّ في يدها وليس مع فرنسا».
وفي هذا السياق، أعلن قصر بعبدا تلقّي عون اتصالاً من بومبيو «عرض في خلاله للعلاقات اللبنانية - الأميركية والتطورات الأخيرة، ومنها مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية. وشكره الرئيس عون على الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة كوسيط مُسهّل للتفاوض، مؤكداً أنّ لبنان مُصمّم على الحفاظ على حقوقه وسيادته في البر والبحر». في المقابل، أبلغ بومبيو عون «إرسال مساعدات لإعادة إعمار الأحياء التي تضرّرت في بيروت نتيجة انفجار المرفأ». وتُضيف مصادر بعبدا أنّ إعادة الإعمار «ستشمل بعض أحياء بيروت، وستصل بعثة إلى لبنان لتُشرف على العمل، الذي سيُنفّذ عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية - USaid».

عون يُصدر القوانين
على صعيد آخر، وقّع رئيس الجمهورية القوانين التي أقرّها مجلس النواب نهاية الشهر الفائت، وأبرزها قانون «الدولار الطلابي»، وقانون «الإثراء غير المشروع»، وقانون «تعزيز حقوق الدفاع»، وقانون حماية المناطق المتضررة بنتيجة انفجار مرفأ بيروت.


اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا