في النتيجة، لم يغيّر التهديد الفرنسي في المشهد الداخلي شيئاً. منذ نحو أسبوع لا تزال العقد على حالها. رئيس الحكومة المكلّف يصرّ على المشاركة في تسمية الوزراء المسيحيين، فيما يصرّ رئيس الجمهورية والنائب جبران باسيل على وحدة المعايير: ما يسري على الكتل الثانية يسري علينا. كما يسمّي حزب الله وأمل الوزراء الشيعة، وكما يسمّي وليد جنبلاط الوزير الدرزي، وكما يسمّي الحريري الوزراء السنّة، نحن يجب أن نسمّي الوزراء المسيحيين. وللتوضيح، وخلافاً لما يشاع عن اتفاق الحريري مع الكتل الأخرى على الأسماء، فإن مصادر معنية تؤكد أن الثنائي الشيعي لم يسمّ أحداً بعد، لكن سبق أن اتفق على آلية التسمية مع الحريري، بحيث يسمّي كل طرف ثلاثة أسماء يختار الحريري من بينها اسماً، إلا أن الأمور لم تصل إلى هذه المرحلة، حيث يريد الحريري حسم الأسماء المسيحية أولاً، قبل الانتقال إلى الأسماء الأخرى. تلك المهمة كانت قطعت شوطاً كبيراً بين الرئيسين عون والحريري، قبل أن ينقلب الحريري على الاتفاق. في وزارة الداخلية سبق أن طرح عون ثلاثة أسماء، من بينها فادي داود وخليل الجميّل، كما سبق أن طرح ثلاثة أسماء للطاقة، من بينها جوزيف نصير وبيتر خوري، قبل أن يرفضها الحريري ويقترح أسماء من خارج اللائحة. عندها عادت الأمور إلى المربع الأول، وتعطّلت مساعي التأليف ولا تزال.
اقترح دوريل اسم نقولا الهبر للداخلية وشارل الحاج للطاقة
بحسب المعلومات، فإن الاتفاق المبدئي مع حركة أمل وحزب الله كان نفسه معرّضاً للخطر. الحريري رفض الأسماء التي طرحها الرئيس نبيه بري لتولّي وزارة المالية. وتبين أنه يصرّ على تسمية شخصية محسوبة على رياض سلامة. تدخل الموفد الفرنسي. وفيما تشير مصادر متابعة إلى أن دوريل تمكّن من إعادة الأمور إلى سابقها، وأنه تمّ الاتفاق على أن يقدم بري لائحة بالأسماء يختار الحريري من بينها، نفت مصادر برّي ذلك، مؤكدة أن الموفد الفرنسي لم يناقش مسألة وزارة المالية مع رئيس المجلس.
الأزمة الحكومية تزداد حدة. ولا بوادر لحلحلة العقد، بعدما تبيّن أن الوسيط الذي جرى التعويل على دوره لتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف، كان هو نفسه طرفاً.
وعلى وقع الدعم الفرنسي للحريري، فتح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع صفحة جديدة مع الرئيس المكلف، فشدّد على أنه «يحاول اليوم منفرداً تحسين نوعية الحكومة العتيدة، إلا أن الفرقاء الآخرين همهم لعبتهم، التي هي اليوم كسر رأس أميركا».
من جهته، سأل البطريرك الماروني بشارة الراعي، في عظة الأحد، «هل هذا التمادي في تعطيل تشكيل الحكومة والاستهتار بمصالح الشعب والوطن جزء من مشروع إسقاط دولة لبنان الكبير لوضع اليد على مخلفاتها؟». أضاف: «لا نستطيع أن نرى هدفا آخر لهذا التعطيل المتمادي المرفق بإسقاط ممنهج للقدرة المالية والمصرفية، وبإفقار الشعب حتى جعله متسوّلاً، وبإرغام قواه الحيّة وخيرة شبابه المثقف على الهجرة».
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا