لا «مظلة» اجتماعية في لبنان تخفف من وطأة السقوط بفعل الأزمة المالية والاقتصادية ووباء كورونا. الفجوة الكبرى في نظام المساعدات الاجتماعية، كما قالت ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، يوكي ماكو، تكمن في غياب برنامج الحماية الاجتماعية واقتصار التدخل على المساعدة المؤقتة أو التفاعلية أو المستهدفة التي لن تكون كافية لتعويض خسائر المجتمع. وأوضحت أن المنح الخاصة بالأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة والمعاشات التقاعدية، تُشكل ركائز أساسية مُثلى لإرساء أنظمة حماية اجتماعية في مختلف أنحاء العالم.التأسيس الفوري لإرساء الضمانات الاجتماعية في لبنان ودعم الأسر الأكثر هشاشة على المدى الطويل هو ما ركزت عليه ماكو، في لقاء صحافي أمس، عرضت فيه تقريراً بعنوان «لبنان في قلب الأزمات المتلاحقة وتأثيراتها على الأطفال».
التقرير ينطلق من ارتفاع نسبة الفقر بين اللبنانيين وبلوغ نسبة التضخم مستويات مرتفعة وارتفاع الأسعار الذي سيزيد من خطر عدم الاستقرار وتعرض العائلات للفقر والضعف. بحسب تقديرات 2020، ارتفعت نسبة الفقر من 28 في المئة في 2018 إلى 55 في المئة، وتضاعفت نسبة الفقر المدقع ثلاث مرات من 8 في المئة إلى 23 في المئة، في حين تعيش 91 في المئة من أسر اللاجئين السوريين تحت خط الفقر و88 في المئة منها في فقر مدقع، وبلغت نسبة التضخم 137 في المئة على أساس سنوي حتى تشرين الأول 2020.
التقييم الذي أجرته اليونيسيف أظهر أن 80 في المئة من الدعم الحكومي للوقود والقمح والأدوية يستفيد منه نحو 50 في المئة من السكان الميسورين، في حين أن نسبة 20 في المئة فقط من هذا الدعم تذهب الى الأشخاص الأكثر عوزاً. السبب بسيط، كما أشارت ماكو، بما أن الدعم شامل، والجميع يستفيدون منه في تعبئة وقود السيارات أو شراء ربطات الخبز، وبما أن الأسر الميسورة تستهلك عادة أكثر من سواها، فمن الطبيعي أن تحصل على «حصة الأسد» من هذا الدعم. ماكو جزمت بأن الأسلوب الذي اتبع ليس أفضل طريقة لإنفاق هذا المبلغ الكبير من المال في سبيل دعمِ الأسر.
العائلات التي تعيش في لبنان في ظلِّ معاناة يومية جراء صعوبات تواجهها في رعاية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة أو كبار السن، تتلقى، بحسب ماكو، دعماً قليلاً أو لا تحصل أساساً على أي دعم يُخوّلها القيام بتلك الرعاية. كذلك تواجه الأسر التي تضمّ أطفالاً خيارات صعبة متزايدة، كأن تمتنع عن عرض الطفل المريض على طبيب، أو تعمل على «تقنين» الإنفاق على أطفالها إلى الحدّ الأدنى، أو حتى اللجوء الى عمالة الأطفال أو زواج الأطفال المبكر، مع ما يحمل كل ذلك من مشاكل وعلل اجتماعية وصحية.
تراجع التلقيح الروتيني والمعاينات الطبية للنساء بمعدل 20 في المئة هذه السنة عن 2019


ودعت الحكومة اللبنانية إلى الاستثمار في الأطفال والتحرك السريع لتوسيع نطاق برامج الحماية، بما في ذلك التحويلات النقدية مع حزمة متكاملة من برامج التعليم والمساعدة الاجتماعية. ولفتت إلى الانخفاض الحاد في خدمات التلقيح الروتيني وتدنّي المعاينات الطبية للنساء بمعدل 20 في المئة هذه السنة، مقارنة بالعام 2019.
وفق ماكو، تلقى نحو 33 ألف شخص بعد انفجار مرفأ بيروت خدمات دعم نفسي اجتماعي من يونيسيف. أما في التعليم، فلا تملك المنظمة إحصاءات نهائية لهذا العام عن أعداد الأطفال الذين لا يصلون إلى المدارس، وإن كان نحو 45 في المئة من الأطفال السوريين لم يلتحقوا بالمدارس العام الماضي، وهذه النسبة ستزداد هذا العام بسبب الأزمة. وفي مجال آخر، أقرّت ماكو بأن الحل الأمثل ليس التعليم عن بعد، في ظل الظروف التي يعيش فيها لبنان من تحديات عدم كفاية أو انعدام الإنترنت والتجهيزات الإلكترونية اللازمة، لذا اعتمد التعليم المدمج.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا