صنعاء | بعد هدوء دام عدّة أشهر، عاد التوتر بين ميليشيات «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، وميليشيات حزب «الإصلاح» (إخوان مسلمون)، إلى المناطق الغربية من باب المندب. هذه المرّة، تجاوز التوتر بين الطرفين الحرب الباردة التي شهدتها مناطق غرب تعز وشرق محافظة لحج، إلى الاستعداد لمواجهة عسكرية فاصلة؛ إذ إن عناصر ما يُسمّى «الحشد الشعبي» الذي يقوده القيادي في «الإصلاح»، حمود سعيد المخلافي، في غرب تعز بتمويل تركي وقطري كبير، توغّلوا بشكل أكبر في نطاق محافظة لحج، بعدما تمكّنوا من تشكيل لواء عسكري جديد قوامه 3000 مجنّد معظمهم من أبناء طور الباحة والصبيحة، في منطقة الوازعية القريبة من باب المندب. وتزامن ذلك مع استكمال قوات «اللواء الرابع - مشاة جبلي» الموالي لـ»الإصلاح» في أطراف مديرية طور الباحة ترتيباته للإعلان عن محور طور الباحة العسكري، الذي يُفترض أن تمتدّ سيطرته إلى مدينة الحوطة - مركز محافظة لحج -، ويسعى «الإصلاح» إلى تشكيل ثمانية ألوية عسكرية في نطاقه.وتَمثّلت تحرّكات «الإصلاح» العسكرية، خلال الأيام الماضية، في المناطق الاستراتيجية القريبة من مضيق باب المندب، في تدشين محور عسكري جديد في طور الباحة، وتنفيذ عرض عسكري كبير هناك، وهو ما أثار مخاوف الميليشيات الموالية للإمارات، والتي وجدت نفسها أمام واقع جديد فرضه خصومها، على رغم تعهّدهم مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بإلغاء المحور المذكور والانسحاب من جميع المناطق الواقعة في نطاق سيطرة «الانتقالي». وكان «الإصلاح» تجنّب، في الآونة الأخيرة، الدخول في صراعات مع «الانتقالي»، وعمل على استقطاب المئات من أبناء الصبيحة وطور الباحة، حتى يتمكّن من إيجاد حاضنة اجتماعية تتيح له التوغّل في نطاق محافظة لحج، وبسط سيطرته على طرق الإمدادات التجارية الاستراتيجية بين محافظتَي تعز وعدن، والتحكّم في الخطّ الساحلي بين مدينة عدن والساحل الغربي.
يأتي التوتر الأخير بعدما أعلنت الإمارات سحب ما تبقّى من قواتها في الساحل الغربي


إزاء ذلك، عقدت قبائل الصبيحة، الأربعاء، اجتماعاً طارئاً، اعتبرت فيه إعلان المحور العسكري الذي سبق أن اتفقت مع «الإصلاح» على إلغائه «انقلاباً على الاتفاق»، داعية «الانتقالي» إلى «سرعة التدخل وإفشال مؤامرة حزب الإصلاح التي تستهدف أمن واستقرار مناطق الصبيحة». وحَمّلت حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، المسؤولية الكاملة عن تداعيات التطورات الأخيرة، محذّرة من تطويق «الإصلاح» لمدينة عدن من الغرب، ومطالبةً ما يُسمّى «الحزام الأمني» في الصبيحة بمواجهة التهديدات الجديدة لميليشيات «الإصلاح» التي استحدثت عدداً من المواقع العسكرية ونصبت نقاط تفتيش، وهو ما اعتبرته القبائل «استفزازاً للجنوب». وفي أوّل تحرّك عسكري مقابل، دفع «الانتقالي»، الخميس، بقوات عسكرية كبيرة مدعومة بالمدرّعات والدبابات الى مناطق قريبة من تمركز «الإصلاح» في طور الباحة. وقالت مصادر محلية، لـ»الأخبار»، إن ميليشات «الحزام الأمني»، بقيادة العميد وضاح عمر الصبيحي، نَفّذت الخميس عملية انتشار عسكري في طرقات طور الباحة، ونصبت عدّة نقاط أمنية عند معظم مداخل المديرية ومخارجها، لتأمين دخول تعزيزات كبيرة من «اللواء التاسع - صاعقة» بقيادة العميد فاروق الكعلولي التابع لـ»الانتقالي»، ومواجهة تمدّد «الإصلاح» في محافظة لحج. ووفقاً للمصادر، فإن قوات من «اللواء الثالث - حزم» قَدِمت هي الأخرى إلى المديرية من أجل الغرض نفسه.
وفي موازاة ذلك، أوقفت ميليشيات تابعة لـ»الانتقالي»، الثلاثاء الماضي، مشروع طريق بديل يقف وراءه تنفيذه «الإصلاح»، ويمتدّ من منطقة الصافية في مديرية المعافر الواقعة في نطاق محافظة تعز، وصولاً إلى مديرية طور الباحة. ويتهم «الانتقالي»، «الإصلاح»، باستغلال الأوضاع لتنفيذ طريق إمداد عسكري جديد، كبديل من خطّ الإمداد الرابط بين هيجة العبد في تعز ولحج.
ويأتي التوتر الأخير بعدما أعلنت الإمارات سحب ما تَبقّى من قواتها في الساحل الغربي مطلع الشهر الجاري، توازياً مع دخول قوات سعودية إلى قيادة تحالف العدوان في ميناء المخا. كما يأتي في ظلّ فشل اللجنة العسكرية السعودية في محافظة أبين في استكمال تنفيذ الشق العسكري من «اتفاق الرياض»، وسحب ميليشيات «الإصلاح» و»الانتقالي» من أبين، ورفض الأخير إدخال قوات الحماية الرئاسية التابعة لهادي إلى عدن، واشتراطه سحب ميليشيات «الإصلاح» من محافظة شبوة وإعادة ما يسمّى «النخبة الشبوانية» إلى المحافظة. ويرى مراقبون أن التطورات الأخيرة في مديرية طور الباحة، التي تمتدّ مساحتها إلى مقربة من مدينة عدن، تؤكّد توجّه «الإصلاح» لمحاصرة تحرّكات «الانتقالي» العسكرية في لحج والساحل الغربي، وتطويق مدينة عدن.