القاهرة | استقبل عبد الفتاح السيسي الاثنين الماضي وفداً من الأدباء والكتّاب المصريين في إطار سياسة الاحتواء التي يبدو أنه اتخذها نهجاً في مشوار الدعاية الانتخابية، عن طريق لقاءات مع ممثلي القطاعات المختلفة من دون إعلان مُسبق لها، بدلاً من النزول إلى الشارع وعقد المؤتمرات الجماهيرية على غرار منافسه حمدين صباحي.
وأوردت الحملة الرسمية للسيسي أن الزيارة أتت في إطار حرص المشير على التواصل مع المفكرين والمبدعين، والاستماع إلى رؤيتهم حول قضايا المواطن المصري، انطلاقاً من دورهم المؤثر في صياغة الرأي العام، وتشكيل وعي المواطنين وفق بيان الحملة. حضرت اللقاء مجموعة من المثقفين والمفكرين، أبرزهم رئيس «اتحاد كتّاب مصر» محمد سلماوي والشاعر أحمد عبد المعطي حجازي والروائي جمال الغيطاني ووزير الثقافة الأسبق جابر عصفور والروائي الشاب أحمد مراد والكاتب يوسف القعيد. خلال اللقاء، أكّد السيسي أنّ هناك مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق المفكرين والأدباء في الفترة المقبلة، بمعاونة أجهزة الإعلام، ومختلف مؤسسات الدولة المعنية بالتعليم والثقافة، من أجل خلق منظومة وعي لدى المواطن المصري، تمكّنه من إدراك مستوى التحديات التي تواجه البلاد في الوقت الراهن، حتى يتسنى له حلّها بشكل فعّال، خصوصاً أنّ الدولة لن تحتمل الصراع والتشتت مرة أخرى، بعدما بات كيانها على المحك وقد يتهاوى في أي وقت.
وقال المشير إنّه لم يكن أمامه خيار آخر سوى الترشح وسط ما رآه من تعرّض البلاد لتحديات غير مسبوقة في تاريخها، في ظل انشغال كل قطاع في الدولة بهمومه ومشكلاته من دون أن تكون هناك صورة شاملة عن التحديات والصعاب التي يتعرض لها الوطن.
وأضاف أنه خشي سيناريو ضياع الدولة المصرية، وسقوطها نتيجة تصدي فئة غير قادرة على حماية مقدرات الشعب المصري لأمر الحكم والسلطة، مضيفاً: «التاريخ كان يحتم التدخل وتلبية نداء المواطنين للحفاظ على كيان الدولة المصرية من السقوط». وقال إنّ فكرة الدولة العسكرية أو الدينية غير متاحة في المرحلة المقبلة، واعداً بأن يكون مستقبل الحريات والديمقراطية مصاناً في نصوص الدستور والقانون الذي صوّت له المواطنون واحتكموا إليه. ورأى المشير أنّ هناك معادلة صعبة تواجه الدولة دوماً، تتمثل في كيفية تحقيق الأمن للمواطنين من دون المساس بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعدم الجور على الأبرياء.
وأشار إلى أنّ «استيعاب الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة يجب أن يكون من خلال كمّ ضخم من الثقافة والمعرفة والانفتاح على العلوم والفنون المختلفة لدى شتى الحضارات والشعوب». وقال إنّ الاقتصاد هو الحاكم في المشهد المصري، فالتعليم لن يتحسّن من دون مقدرة اقتصادية ومادية حقيقية، وكذلك الحال في قطاعات الصحة والإسكان والنقل والنواحي الخدمية والإنتاجيةكافة، مضيفاً أن مصر دولة ذات موارد محدودة. من جانبه، شبّه الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي المشير بثمرة نضال المصريين. ووعد حجازي الذي كان معارضاً لترشحه في بادئ الأمر، أن يظل المثقفون يناضلون من أجل حرية التعبير الاعتقاد، ورد عليه السيسي: «أتمنى أن أنضم إليكم في هذا العهد». وقال جابر عصفور إن قضية الثقافة في مصر تحتاج إلى مراجعة واعية من أجهزة الدولة المعنية، التي تشمل نحو 5 وزارات هي التربية والتعليم والثقافة والإعلام والأوقاف والشباب. وأضاف عصفور: «الثقافة هي العقل، وهناك إشكالية كبيرة في كيفية تغيير عقل المصريين ليكونوا جنوداً معك يقودون العصر، ولا بد من أن تكون هناك منظومة ثقافية محددة تقودها الدولة لتنطلق منها نحو خلق توجهات وأفكار جديدة تصب في خدمة هذا البلد». واعتبر الكاتب والروائي جمال الغيطاني المعركة التي تدور في مصر الآن ثقافية في الدرجة الأولى، تستهدف تغيير هوية الشعب المصري وثقافته، مضيفاً أنّ كيان الدولة المصرية كان على المحك بوصول جماعة الإخوان «الإرهابية» إلى الحكم العام الماضي. ووجه الغيطاني التحية للمشير قائلاً: «لقد أنقذت العالم العربي والإسلامي. أحييك على ما قمت به من جهود لمكافحة الإرهاب، وغلق أنفاق التهريب بين مصر وقطاع غزة في ظل حكم الإخوان، والوقوف ضد تملك الأراضي في سيناء للأجانب، والتصدي لمحاولة هيمنة بعض الدول على قناة السويس».