يوم الجمعة الفائت، أعلنت وزارة العمل أنه ورد الى دائرة الشكاوى في الوزارة أن إدارة TSC "باشرت بتسريح وصرف الموظفين في بعض فروعها، وأوهمتهم أن وزارة العمل موافقة على هذا الصرف، وقد بلغ عدد المصروفين 20 موظفاً من فرع الجديدة ــ المتن". نفى البيان أن تكون وزارة العمل وافقت على قرارات الصرف، ودعا الموظفين الى عدم توقيع أي براءة ذمة أو استقالة قبل مراجعة الوزارة، محمّلاً إدارة الشركة "كامل المسؤولية".بعد يومين، أوضحت الشركة، في بيان لها، "أن المعلومات التي وردت الى الوزارة غير دقيقة"، و"أن الشركة لم تقم بصرف أي أجير، إذ إن الـ20 أجيراً استقالوا، وكانت الاستقالات بملء إرادتهم"، مُشيرة الى أن هذا "أمر طبيعي في شركة يزيد عدد الأجراء فيها على 800 موظف"، ومؤكدّة أن هذه الاستقالات تمّت مع "حفظ كامل حقوقهم". إلا أن بيان الشركة أقرّ بأنها بدأت منذ كانون الاول الماضي بالتشاور مع الوزارة تمهيداً لعملية صرف "قد تقتضيها المصلحة الاقتصادية للشركة واستمراريتها واستمرارية فرص العمل لموظفيها".
نفى الوزير قزي مسألة التشاور، ولكنه قال: "نرحّب بالاستثمار الاستثنائي، لا سيّما الكويتي، إلا أن أيّ صرف جماعي يستلزم توضيح الأسباب الموجبة، وبالتالي تقديم مشروع إعادة الهيكلية ليتم اتخاذ الاجراءات القانونية المُناسبة".
قزي للعمال: مسار المحاكم طويل ولسنا في دولة القانون

العمّال المصروفون من العمل تجمّعوا أمس في وزارة العمل. التقاهم الوزير قزي وعقد مؤتمراً صحافياً معهم في مقر الوزارة. معظم الحاضرين يعملون في فروع الشركة في الدورة والذوق والجناح. يفوق عددهم عشرين موظّفاً "المُعترف" بصرفهم من قبل الإدارة. "قيل لنا إن اللائحة تضم 54 عاملاً، ونحن هنا أكثر من 30 موظفاً، فكيف يتكلّمون عن 20 موظفاً فقط؟" يتساءل ميشال، أحد العاملين في الشركة في فرع الدورة، موضحاً: "يعني أنا شو بدو يفهمني؟ انا بشتغل ع برّاد اللحمة وباخود 600$، وضع المدير أمامي ورقة، وقرأ لي مقتطفاً من قانون العمل يوضح حق صاحب العمل في طرد الموظفين، وأوهمني أن لا خيار أمامي: إما أن آخذ تعويض شهرين (1200$) وإما ان أُصرف بلا أي تعويض". خلال الحديث مع غالبية العمال، يتّضح أن "الأسلوب" المتّبع في "إجبار" العمال على تقديم استقالاتهم، على حدّ تعبير العمال، هو نفسه. يُستدعى العامل الى الإدارة، ويُخيّر إما بتوقيع استقالته مع تعويضات "رمزية" وإما "بتضهر من غير ما يطلعلك ملّيم". غالبية العمال وقّعوا على استقالاتهم "قبل توضيح وزارة العمل وتنبيهها لنا، أما من سمع بكلام الوزير وكان في إجازة فقد تنبّه ولم يُوقّع".
فعلياً "المُقتطف" الذي يُشير اليه ميشال هو المادة 50 من قانون العمل اللبناني (الفصل الخامس: في الفصل في الخدمة) الفقرة (و) تحديداً التي تنص على أنه "يجوز لصاحب العمل إنهاء بعض أو كل عقود العمل الجارية في المؤسسة إذا اقتضت قوة قاهرة أو ظروف اقتصادية أو فنيّة (..)". لم يؤخذ بعين الاعتبار بقية ما تنص عليه الفقرات السابقة عن المهل القانونية التي يجب إعلام العامل بها ولا عن التعويضات التي تترتب على صاحب العمل في حال أخلّ بهذا المبدأ، فضلاً عن موجب التشاور مع وزارة العمل وإعداد دراسات وجداول.
"معالي الوزير إلي 10 سنين، بدّن يعطوني 3 أشهر"، يشكو أحد العمال. يقول محامي عمال الشركة في فرع الدورة رامي محمود إن ما حصل مع العمال يُشبه "الخدعة"، لافتاً الى أن صيغة التعويضات التي طُرحت على العمال غير مقبولة. شادي مثلاً يعمل في الشركة (فرع الدورة أيضاً) منذ 3 سنوات، عُرض عليه تعويض شهر واحد (أي 600$). يقول المحامي محمود "إن الحد الأدنى للتعويضات يجب أن يكون ستة أشهر"، لافتاً الى ضرورة انتظار تحقيقات وزارة العمل "لتبيان إذا كان الطرد تعسفياً أو لا".
تقول رئيسة دائرة التفتيش في الوزارة جومانة حيمور، في هذا الصدد، إن "الطرد التعسفي يختلف عن فسخ العقود نتيجة الظروق الاقتصادية"، مُشيرة الى أن هناك تحقيقات ستُجرى وسيتم التواصل مع لجنة من الموظفين لإطلاعهم على الصيغة النهائية التي سيتم التوصّل اليها.
"حتى لو تمت الموافقة على المشروع، عليكم أن تأخذوا بعين الاعتبار أن تكونوا كراماً مع العمال في التعويضات"، هذا ما قاله الوزير لممثلي الشركة "التي نحرص على الحفاظ على أرباحها"، مُضيفاً: "لا نريد أن يكون هناك صراع طبقي، فربّ العمل عليه أن يربح كي يبقى العامل في عمله". ولمّح الوزير الى ضرورة "التوّصل الى حل حبّي، لأن مسار المحاكم في لبنان طويل ولسنا في دولة القانون". وعلى الرغم من تعهّده بأنه سيحفظ حقوق الموظفين أقرّ "بأنه لا يستطيع أن يقدّم ضمانة لبقائهم في ما بعد"، وذلك ردّاً على الهاجس الذي أبداه العمال من "عودتهم الى العمل بشكل جماعي وصرفهم بالمفرّق في ما بعد". "حقنا 3 إنذارات"، يقول أسامة، لافتاً الى غياب الضمانات الجدّية. من جهته، دعا قزّي العمال للعودة الى أعمالهم "فالوضع الاقتصادي اللبناني لا يحتمل".
معظم العمال لا بديل لهم في حال صُرفوا من عملهم، "لا أحد يملك بديلاً ويعمل في الظروف التي نعمل فيها، نتقاضى الحد الادنى للأجور ويتعرّض معظمنا لإهانات، إلا أنه لدينا مستلزمات".
"هل يُرضيك يا معالي الوزير ان نتعرّض لإهانات؟"، يسأل أحد الموظفين، طالباً منه الاخذ بعين الاعتبار التهديدات والضغوطات التي يتعرّض لها الموظفون لأنهم اشتكوا. فما كان من الوزير إلا أن سأل عن سبب الإهانة "لا احد يُهان من دون سبب"، قبل أن ينتهي النقاش بكلام منمّق من الوزير ووعود بضرورة حفظ حق العامل.
في اتصال مع "الأخبار"، يقول مدير الشركة عبد السلام بدير إن الشركة تواصلت منذ البداية مع وزير العمل، موضحاً أن فرع الدورة يعاني من مشاكل دفعت عدداً من العمال الى تقديم استقالاتهم، "وهو أمر طبيعي"، لافتاً الى أن من سيتم تسريحه سيأخذ تعويضاته القانونية كاملة، ومُشيراً: "ليس لدينا مانع من عودة من يريد التراجع عن الاستقالة".