مضى أكثر من أسبوع على بدء هجوم «داعش» واحتلاله لمحافظات ومدن عراقية عدة. خلال هذا الوقت، عرضت دول عدة المساعدة العسكرية على الحكومة العراقية، من دون أن يكون هناك أيّ ردّ عراقي على تلك العروض. غير أن يوم أمس شهد أول طلب عراقي رسمي من الولايات المتحدة، للتدخل وتوجيه ضربات جوية ضد أهداف محددة، من دون رفض مساعدة عسكرية إيرانية.
ورأى وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري، أن «الحل العسكري ليس الحل الوحيد للأزمة العراقية، ولا بد من حل سياسي»، لافتاً إلى أن «بلاده طلبت رسمياً مساعدة من الولايات المتحدة بتوجيه ضربات جوية للجماعات المسلحة».
وأضاف أن «كل شيء وارد حتى طلب التدخل الإيراني لحل الأزمة، ونأمل ألا ينقسم العراق»، مشيراً إلى «أننا طلبنا من السعودية إصدار فتاوى شرعية تحرّم المشاركة في الأعمال الإرهابية في العراق».
كذلك لفت إلى أن «غالبية الإرهابيين الموجودين في العراق قدموا من سوريا، وهذا ما حذرنا منه سابقاً من تداعيات الأزمة هناك»، مشيراً إلى أن تنظيم «داعش» واجهة، وهناك جماعات أخرى تشارك معه وتموّله، خصوصاً بقايا النظام العراقي السابق». وكان زيباري قد بحث مع ولي ولي العهد السعودي، الأمير مقرن بن عبد العزيز، في جدة أمس، تطورات الأوضاع في المنطقة، غداة اتهام حكومة بغداد المملكة بدعم الإرهاب وتمويله. واكتفت وكالة الأنباء السعودية الرسمية بالقول إن الاجتماع بحث تطورات الأوضاع في المنطقة.
من جانبه، وبعد يوم واحد على إقالته لعدد من القادة العسكريين ممن يتحملون المسؤولية عن الانهيار الدفاعي للجيش العراقي، قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في كلمته الأسبوعية، إن «ما حصل في الموصل بحق كان صدمة كبيرة لنا، لأننا لم نكن على ضعف في القوات المسلحة وفي الإرادة والتصميم، ولكن خيوط المؤامرة تسللت من أجواء العملية السياسية التي أرادت التخريب، إلى صفوف القوات المسلحة، وكانت الهزيمة معبّرة عن مؤامرة».
وأضاف أن «ما حصل في الموصل هو مؤامرة ومخطط إقليمي مشؤوم، عُقدت له جلسات وصُرفت عليه أموال ووُضعت له مخططات وصُمّمت له حرب إعلامية هائلة كما نراها الآن، وقد تعاونت مع الأسف الشديد بعض القوى السياسية المحلية، وقفت خلفهم هذه الدول التي لا تريد للعراق الخير والقوة، ولكن نقول لهم اطمئنوا إن كنتم على خطأ بأن الإرهاب لن يقف على حدود العراق، وسنواجه الإرهاب ونُسقط المؤامرة، ولكن اعلموا سيفرّون إليكم وستشتعل بلدانكم أيضاً بحروب طائفية ومواجهات داخلية، والأنظمة الكثير منها ستهتز وستواجه عناصر إرهابية لا تعرف إلا القتل والسلب والنهب، وبعقول متخلفة وفتاوى تكفيرية، يسندها الكثير من علماء السوء الذين لم يسمعوا كلام رفض من حكوماتهم».
من جهة أخرى، وفي ما يخص البيان الصادر عن الحكومة العراقية أول من أمس، الذي اتهم السعودية بدعم الإرهاب، رفضت الإدارة الأميركية ذلك البيان، واصفةً إياه بـ«غير الدقيق وغير المهني».
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي، إن «هذا عكس ما يحتاج إليه الشعب العراقي الآن، وهو ما نواصل إثباته لرئيس الوزراء المالكي».
ووصفت الوضع في العراق بـ«المعقد»، مشيرةً إلى «وجود بعض القبائل وسياسيين محليين من السنّة ممن انضموا إلى الحكومة العراقية وآخرين مع «داعش» عن طريق العنف لزعزعة الحكومة».
في هذا الوقت، طالب رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني أمس عناصر البشمركة المتقاعدين بالالتحاق بوحداتهم السابقة، «لدعم قوات البشمركة والاستعداد لكافة الاحتمالات»، داعياً جميع الأطراف إلى تحمّل مسؤولياتها. وطالب في بيان بضرورة أن «تقوم وزارة البشمركة والوحدات القيادية باتخاذ الإجراءات المناسبة لتنظيم وتقسيم الواجبات».
أمنياً، قال مصدر في شركة مصافي الشمال أمس إن مقاتلي «داعش» سيطروا على مصفاة بيجي شمال العراق، بعد اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن، فيما قال جهاز مكافحة الإرهاب إن «المصفى تحت سيطرة القوات الأمنية».
وقال المصدر إن «المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم «داعش» اقتحمت في ساعة مبكرة من صباح اليوم أجزاءً من مصفاة بيجي قبل أن تسيطر تباعاً على باقي أجزائها، بعد اشتباكات مع القوات الأمنية المكلفة بحماية المصفاة».
غير أن المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة، الفريق قاسم عطا، قال أمس إن «القوات الأمنية أحبطت هجوماً على المصفاة، وتمكنت من قتل 40 إرهابياً من تنظيم «داعش» خلال الهجوم الذي استهدف المصفاة». كذلك أعلن جهاز مكافحة الإرهاب أن «المصفى تحت سيطرة القوات الأمنية».
وتعدّ مصفاة بيجي أكبر مصافي النفط في العراق، وتضم عدداً من المصافي الفرعية التي تنتج نصف حاجة البلاد من المشتقات النفطية، البالغة 600 ألف برميل يومياً.
من جانب آخر، سيطر مسلحون أمس على ثلاث قرى تقع بين قضاء طوزخرماتو وناحية أمرلي، على بعد 85 كلم جنوبي كركوك، إثر اشتباكات قتل فيها 20 مدنياً، وفقاً لمسؤول محلي.
وفي غضون ذلك، أعلنت السلطات الأمنية العراقية أمس عن تمكنها من استعادة السيطرة على ناحية الصقلاوية الواقعة شمالي مدينة الفلوجة، والتي كان مسلحون قد سيطروا عليها قبل أشهر.
وذكرت قناة العراقية شبه الرسمية أن تلك القوات تمكنت من قتل 250 «إرهابياً» في تلك الناحية.
إلى ذلك، قالت وزارة الدفاع الأميركية، أول من أمس، إن الجيش العراقي يعزز على ما يبدو قواته، ويستعد للدفاع عن بغداد في مواجهة ما وصف بالهجوم الصاعق الذي يشنه منذ أسبوع مسلحون سيطروا على مناطق شاسعة في شمال البلاد، وباتوا على أعتاب العاصمة.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية الكولونيل البحري جون كيربي «لدينا سبب للاعتقاد بأن القوات المسلحة العراقية تعزز مقاومتها، وتقوي دفاعاتها وتتجمع، ولا سيما في بغداد ومحيطها»، واعتبر ما يحدث أمراً مشجعاً. كذلك، رأى أن إقبال مواطنين عراقيين على التطوع لدعم القوات الحكومية في مواجهة «داعش» مؤشرٌ أيضاً على أن الجيش العراقي «لديه الرغبة في الدفاع عن العاصمة».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)