■ بداية، لماذا سبقت الجهاد الإسلامي إلى قصف تل أبيب في هذا التوقيت من المعركة؟قبل كل شيء حقنا مشروع في المقاومة في أي من مدن فلسطين المحتلة. قرارنا جاء بعدما نفذ الاحتلال هجمات من العيار الثقيل، فعندما يستهدف بيوت المدنيين ويرتكب المجازر على مرأى عين ويقصف دور العبادة والمساجد من الواجب أن نرد بقوة. نعم، قصفنا تل أبيب، وهي ليست أغلى من غزة أو رفح أو من بيت لاهيا.

■ ما موقفكم من التهدئة في ظل التصعيد الكبير، ولا سيما أن هناك بعض التصريحات الفلسطينية التي لا تزال تتحدث عن التهدئة برغم اشتعال الحرب؟
منذ اللحظة الأولى للعدوان في الضفة المحتلة، ثم جريمة قتل وحرق الطفل محمد أبو خضير، من غير الممكن حتى على المستوى النفسي أن نقبل الحديث عن تهدئة، ولا يزال العدوان في كل الأراضي الفلسطينية قائما، وهناك تهديدات بالاجتياح. ما دام العدوان مستمرا، فهذا يستدعي أن يكون هناك رد ومجابهة. نحن قبل ذلك وخلاله، لا نزال شعبا تحت الاحتلال ويعاني حصارا في غزة وفقدانا للحياة الكريمة في الضفة والقدس، بسبب هجمات المستوطنين، وقيود إسرائيل. الموقف هو موقف مقاومة، لكن إذا أوقف العدو جرائمه في كل الأماكن بالتوازي ورفع الحصار يمكن الحديث عن تهدئة، وليس بأقل من شروط 2012.

■ يقول مراقبون إن فصائل المقاومة الكبرى (الجهاد الإسلامي وحماس) تأخرت في الإعلان عن إطلاق صواريخ باتجاه مستوطنات الاحتلال، ومعظم من كان يعلن مجموعات مسلحة غير هذين الفصيلين، هل تأخرت «الجهاد» و«حماس» في الرد؟
هناك فرق بين أن تطلق وأن تعلن، سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي لم تعلن حتى ليلة أول من أمس، وكذلك كتائب القسام، هناك فرق بين الإعلان عن العمل وتنفيذ هذا العمل، مع ملاحظة اختيار التوقيت المناسب للإعلان، يجب أن نكون واضحين ودقيقين.

■ لماذا الحرب الآن على قطاع غزة، وبعد سنتين فقط من حرب 2012، قياسا إلى أربع سنوات بين الأخيرة وحرب 2008؟
إسرائيل تريد نقل المعركة من القدس والناصرة ورام الله إلى فضاء غزة، فهي لا تستطيع استخدام الأف 16 أو البوارج الحربية أو الدبابات هناك، بل أكثر ما يمكن أن تستخدمه الغاز والمطاط والهراوات. هذا المشهد يتعب إسرائيل ويرهق الجندي الإسرائيلي، ولا يعطيه الأفضلية في المواجهة. أما في غزة، فيصبح للإسرائيلي مجال لاستعادة قوة الردع والهيبة، وخاصة بعد حادثة المستوطنين الثلاثة. كما جرت العادة بدأ العدو الحرب بخطوات استباقية، ثم بالقصف الجوي. عادة كانت تبدأ المعركة باستدعاء المشاة، لكنه هذه المرة استدعاهم قبل أن تبدأ الحملة ضد غزة.


هذه المرة الاحتلال استدعى مشاة الاحتياط مع بدء الحملة ضد غزة


السلطة ليست مع المقاومة والشعب،
ولا مع الاحتلال أيضاً!
■ تحدثتم في أكثر من مؤتمر أنه إذا شنت إسرائيل حربا على غزة فستجد المفآجات، هل بإمكانك أن تتحدث عنها؟
لست مخولا بالحديث عن هذا الموضوع، لأن القادة العسكريين هم المخولون بذلك، لكن لا شك أن فصائل المقاومة كلها استعدت لهذه اللحظة، وهي سترد بتراكم قوة حتى تستطيع ردع الإسرائيلي. الحديث يدور عن صراع عمره 64 عاما، والفلسطينيون راكموا الخبرة وكذلك القدرات.

■ هل صحيح أن قرار «الجهاد الإسلامي» في الرد على أي تصعيد إسرائيلي مرهون بـ«حماس»؟
هذا غير صحيح، ومن غير المنطقي الحديث بهذه الطريقة. رد «الجهاد» مرتبط ببقاء الاحتلال وعدوانه لا بقرار من «حماس»، فالأخيرة حركة مقاومة وعليها ما على الفصائل الأخرى. نعمل جميعا في دائرة الردود المشروعة، و«الجهاد الإسلامي» مرتبط بقناعاته وتقديره للموقف انطلاقا من مصلحة الشعب الفلسطيني. تقدير الموقف هو سيد القرار.

■ أين الدور المصري اتجاه التصعيد، وهل هناك اتصالات مباشرة بين «الجهاد» والقاهرة؟

يجب أن نذكر قبل كل شيء أن مصر حاضرة في ملفات الصراع، ولم تغب عن القضية. في الساعات الماضية نسمع عن اتصالات، وحماس أبلغتنا أن هناك تواصلا، لكن دون أي نتائج بعد. القاهرة لن تسمح للاحتلال بقتل شعبنا، ونثني على دورها، لكننا نطالب بالمزيد من التحرك، وخاصة على صعيد الجامعة العربية. يجب أن نلفت النظر إلى حجم الدعم الذي قدمته الجامعة إلى منظمات المعارضة في سوريا والعراق وليبيا، مقابل دعمها للمقاومة في فلسطين. ما من مجال للمقارنة مطلقا. ما من دولة عربية واحدة تقدم إلينا دعما رسميا. هناك بعض الدول الإسلامية التي تقدم إلينا الدعم.

■ لكن، في التصعيد السابق تدخلت مصر من أجل إيقاف الصواريخ، وكان هناك اتصال مباشر مع «الجهاد الإسلامي». قبل التصعيد الأخير كانت التوقعات تشير إلى إمكانية تثبيت التهدئة، فماذا جرى؟
أكرر، إسرائيل تريد تشتيت التركيز عن الضفة والقدس والداخل المحتل، لذلك هي فتحت جبهة في غزة. في المقابل نريد نحن أن تبقى الكاميرا على القدس وجثمان الطفل أبو خضير، وأن يستمر الحراك الشعبي في الضفة مع تفعيل اللجان الشعبية.

■ كيف تقوّمون دور السلطة اتجاه ما يجري؟
السلطة غائب حاضر، وهي ظلمت شعبها، ووضعت نفسها في موضع لا ينبغي لأحد أن يضع نفسه فيه، هم أشقاؤنا لكنهم وضعوا أنفسهم في صندوق. لا هم مع المقاومة والشعب، ولا هم مع الاحتلال أيضا... كأنه لا علاقة لهم بأحد!، يجب على السلطة أن تتخذ قرارا بمنع التنسيق الأمني، كما عليها التوجه إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. رام الله حتى اللحظة تجامل أميركا وإسرائيل على حساب شعبنا، وهو أمر مستغرب، وإذا استمرت في هذه الطريقة، فستندثر في الضفة لأنها في حالة تحلل تلقائي.

■ هناك تقديرات تفيد باندلاع انتفاضة ثالثة بدأت شرارتها هذه الأيام، لكنّ مراقبين يقولون إنها ستكون أولا ضد السلطة، ثم إسرائيل، ما رأيكم في ذلك؟
هذا احتمال وارد، لكننا نتمنى أن تكون ضد إسرائيل، وألا ننشغل بالخلافات الداخلية. برغم ذلك، فعلى السلطة ألا تكون حائلا بين الجماهير وإسرائيل تحت ذرائع خوفها على الشباب. في كل الأحوال هي لا تحمي الشباب، ليلاً يأتي الإسرائيلي ليعتقل الشباب وهم يتفرجون دون رد، لذلك هناك غضب شعبي في الضفة على السلطة.

■ كيف ترون مواقف رئيس السلطة محمود عباس وتراوحها بين حالة الاستنكار الشديد في قضية المستوطنين، والرد الضعيف على مقتل الفتى أبو خضير؟
هذه إحدى السلبيات التي يعيشها محمود عباس. هو يحاول أن يقنع المجتمع الدولي بأنه يريد السلام، لكنهم لا يصدقونه. ننصح الرئيس بأن يلتفت إلى تعزيز الموقف الداخلي وإتمام المصالحة بكل بنودها، وأن يعطي الشعب فرصة يعبر فيها عن إرادته. هي فرصة أبو مازن لدعم الحراك الشعبي، ومن الضروري أن يعقد اجتماعا عاجلا من أجل اتخاذ قرار يكفل الحماية للفلسطينيين.

■ كيف تقوّم الجهاد عمل حكومة التوافق في الضفة، أو غزة، مع استمرار أزمة الرواتب والاعتقال السياسي؟
هذه الحكومة هي حكومة توافق بالاسم، لكنها حكومة فتح وحماس ولم تؤلّف بالتوافق الوطني، لذلك نحن في الجهاد قلنا إننا نبارك تأليف الحكومة، لكن دعمها مرتبط بأدائها على الأرض، فعندما تنفذ كل التزاماتها اتجاه الشعب تصبح موضع احترامنا. ما يظهر حتى اللحظة أنها كرست مبدأ الانقسام، وأسهمت في تعميقه داخل قطاع الموظفين. كنا نتوقع أن تواجه أزمات خارجية مثل العدو والضغط الدولي، لكنها عاجزة عن حل أزمة الرواتب.



في اللحظات الأولى لاختفاء المستوطنين الثلاثة في الخليل، شن الإعلام العبري هجمة كبيرة على القيادي خالد البطش مستندة إلى تصريحات كان قد أطلقها بشأن حق المقاومة في تحرير الأسرى عبر السبل المتاحة. تسليط الضوء على البطش آنذاك أطلق المخاوف من استهداف القيادات الفلسطينية