جنين | منذ انتهاء أزمة المستوطنين الثلاثة الذين فقدوا ووجدوا مقتولين، لم تنته أزمة الضفة المحتلة التي عانت مدنها اقتحامات إسرائيلية لا تزال متواصلة، وإن انخفضت وتيرتها منذ اشتعال الأحداث في القدس والأراضي المحتلة، ولاحقاً في قطاع غزة. السؤال هو لمَ لا تنتفض الضفة لتشارك باقي المدن هبتها الشعبية، ولا سيما أن الاعتداءات على أهلها لم تتوقف. اصبع الإجابة يتجه نحو السلطة في رام الله.
وتعبر قطاعات عريضة وواسعة في الشارع الفلسطيني عن ازدرائها مواقف السلطة، وهي وإن اختلفت في قراءة الأحداث الأخيرة فإنها تقر ضمنياً بأن الفلسطينيين في الضفة لا يواجهون الاحتلال فقط!
رئيس اللجنة السياسية في المجلس التشريعي ونائب المفوض العام للعلاقات الدولية لحركة «فتح»، عبد الله عبد الله، دافع عن مواقف السلطة بالقول إن قضية المستوطنين «جاءت لإخراج الحكومة الإسرائيلية من مأزقها الداخلي وفك العزلة الدولية عنها بعد ضرب التوافق الفلسطيني الداخل». وأشاد في تصريحات صحافية بدور القيادة الفلسطينية، مضيفاً أن «موقف القيادة الحكيم في الأزمة الطارئة يأتي لحماية أرواح أبناء شعبنا وحفاظاً على مكتسباتنا الدولية».
في المقابل، فإن صوت الشارع على اختلاف انتماءاته يرى عكس ذلك. الناشطة اليسارية، ريم عمري، أكدت أن «تصريحات رئيس السلطة محمود عباس في ما يتعلق بالتنسيق الأمني دليل على ضعف السطلة ومنظمة التحرير وانتهاء الدور التاريخي للأخيرة»، لكنها أيضاً انتقدت تعاطي حركة «حماس» مع ما جرى في الضفة، وتابعت: «حماس تهربت من المسؤولية عن عملية الخليل ولم ترد تحملها، وهذا كان واضحاً في تصريحات قياداتها، ما جعل الأمر يبدو كأنه عمل فردي لا ضمن منظومة مقاومة». رغم ذلك، ترى الناشطة في اتحاد لجان المرأة التابع لـ«فتح»، أميمة ياسين، أن العملية جزء من مقاومة الاحتلال «لكن توقيتها جاء في ظروف صعبة حاولت إسرائيل استغلالها لمصلحتها».


الشارع ينتقد تصريحات عباس، وتهرب «حماس» من المسؤولية
تعليقاً على ذلك، عقب أحد قياديي «حماس» في جنين، رافضاً الإفصاح عن اسمه، بالقول: «نستنكر تصريحات عباس الصادمة عن الانتفاضة، وهي تصريحات لا تعبر عن الشعب الفلسطيني ولا حتى عن حركة فتح التي يقودها»، مضيفاً: «الانتفاضة خاضها شعبنا برموزه وقياداته وهي تتجدد كلما زاد العدوان والضغط على شعبنا، فمن يتخلى عن الانتفاضة لا يعزل إلا نفسه».
في بيان رسمي لـ«فتح» استنكرت الحركة الهجمة التي تعرض لها «أبو مازن» قائلة: «ندين التصريحات المشبوهة وغير المسؤولة التي صدرت تجاه مواقف سيادة الرئيس». وأشارت الحركة إلى أن «الجميع يعلمون أن الرئيس وضع قضية أسرانا على رأس جدول أعماله طوال المرحلة الماضية، كما يعلمون أنه أصر على تحرير الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى وأوقف المفاوضات من أجل ذلك، كذلك فإننا لم نوافق على ما وافقت عليه حماس حين رضيت بإبعاد الأسرى خارج وطنهم وبعيداً عن أسرهم وذويهم».
أما الناشط علي الحمدالله من مدينة نابلس، فقال عن سلوك السلطة و«حماس»: «تصريحات أبو مازن طبيعية وتعبر عن حالة ضعف ووفاة مرحلة أوسلو، أما حماس فحاولت ركب الموجة، لذلك نرى أننا نحن الفلسطينيين نفتقد قيادة جدية وصاحبة رؤية وبرنامج يوصلنا إلى أهدافنا الوطنية».
في المجمل، ينظر المواطنون إلى أن أحداث القدس المحتلة غطّت على الزخم العام في الضفة، فضلاً عن أن معرفة مصير المستوطنين خفف قيود الحملة العسكرية الإسرائيلية والاحتكاك اليومي، كذلك إن كابح السلطة المتمثل في التنسيق الأمني وابتعاد أجهزة السلطة عن مهمة الدفاع عن المواطنين على الأقل تجاه اعتداءات المستوطنين.