غزة | اليوم أصبح للغزاويين ما يشبه «سلاح الجو» الذي يزيدهم افتخارا بمقاومتهم. منذ إعلان كتائب القسام، الذراع المسلحة لحركة «حماس»، أنها سيّرت طائرات بلا طيار إلى سماء الأراضي المحتلة، وزع الفلسطينيون الحلوى بين أزقة المنازل ومفترقات الشوارع. أيضا هم فوجئوا مثل إسرائيل ولم يتخيلوا أن بإمكان غزة المحاصرة منذ سنوات الخروج بمثل هذه المفاجأة التي لم تكشف إلا بعد إسقاط الاحتلال إحدى الطائرات.
لم يخل تاريخ المقاومة الفلسطينية من محاولات تطوير نماذج لطائرات صغيرة وتركيب كاميرات عليها لمحاولة رسم خرائط دقيقة للمدن المحتلة طوال سنوات الانتفاضة ولأهداف أخرى، وهي قدمت في سبيل ذلك شهداء جراء وصول نماذج مفخخة إليهم خلال محاولتهم شراء بعض القطع.
بعيدا عن طريقة إدخال هذه الطائرات أو تجميعها محليا، جال أهالي مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة في مواكب فرح تقدمتها النساء، وخاصة أمهات الشهداء اللواتي قدمن الحلوى إلى المارة والأطفال الموجودين في الشوارع، وذلك تحت أنظار الطائرات الإسرائيلية بجميع أنواعها، وخاصة طائرات الاستطلاع التي يسمونه «الزنانة». كذلك تداولوا طرفة تقول إنهم لا يريدون للطائرات الفلسطينية الصغيرة أن تقصف إسرائيل، بل يكفيها أن تزعج الإسرائيليين، كما تفعل الطائرات الإسرائيلية قبل الحرب وخلالها.
ما زاد فرح الناس أن «القسام» ذكرت أنها تمتلك ثلاثة أنواع من هذه الطائرات الصغيرة تحت مسمى «أبابيل»، ومنها ما يستطيع حمل صواريخ وقصف أهداف محددة. وقالت الكتائب إن نجاح طائراتها في تنفيذ بعض المهمات يسجل للمقاومة مقابل الغطاء الجوي الإسرائيلي ومنظومات الاعتراض المتطورة، منوهة بأنها ليست المرة الأولى التي ترسل فيها «أبابيل» إلى الأراضي المحتلة.
إثر هذه الأخبار، غطى النقاش جلسات المواطنين عن تفاصيل كثيرة تتعلق بهذه التقنية، ومنها كيفية إقلاع الطائرة دون أن يلحظها الاحتلال، لكن المواطن أبو أحمد (42 عاما) يقدر أن تكون آلية عمل هذه الطائرات بسيطة، وأن يكون إقلاعها عبر إطلاقها يدويا اتجاه البحر ثم تكمل مهمتها. أما أكثر ما حاز تعليقات من المتابعين، فهو استخدام الجيش الإسرائيلي، وفقا للمتحدث باسمه باللغة العربية أفيخاي أدرعي، صاروخ أرض جو من نظام باتريوت لإسقاط الطائرة، فراحوا يقارنون التكاليف العالية التي تدفعها إسرائيل في مواجهة وسائل المقاومة غير المتطورة مقارنة بما يمتلكه الاحتلال، وذلك في وضع مشابه لما كان يحكى عن تكاليف القبة الحديدية.
من جانب آخر، ركز الناشطون في صفحات التواصل حديثهم على كيفية حصول المقاومة الفلسطينية على هذه التقنية، واستدل الجزء الأكبر على الدور الإيراني في ذلك، بناء على تجربة حزب الله السابقة. أما عن قضية التصنيع المحلي، فيرى هؤلاء أن المقاومة استطاعت الحصول على الخبرة والتدريب لصناعة ما تحتاجه حتى تخفف الاعتماد على تهريب الأسلحة الذي يتوقف كل مدة بسبب الإغلاق الحدودي.
في المقابل، أكثر ما فاجأ الناشطين هو إدراج المبادرة المصرية بندا يطلب من المقاومة «وقف الأعمال العدائية على إسرائيل برا وبحرا وجوا وتحت الأرض»، منتقدين بشدة مقارنة الطائرات الصغيرة التي تمتلكها المقاومة، على أهميتها، بما يستخدمه الاحتلال ضد الفلسطينيين بدءا من الطائرات الحربية التي تدمر منازلهم، والطائرات المروحية، وطائرات الاستطلاع التي تغتالهم وتبتر أجزاءهم.