فيما بدت تهديدات وزير الحرب الإسرائيلي، موشيه يعلون، محاولة لتبرير الإخفاق السياسي والميداني، اكثر من كونها تهديداً بمواصلة الحرب على غزة، أكد الرئيس الاسرائيلي السابق شمعون بيريز، ضرورة انهاء العملية العسكرية، والتشديد على أنها قد استنفدت نفسها.
ارتباك اسرائيل يعود الى فقدان المخرج السياسي للعدوان، الذي تأكد حتى يوم امس انه متعذر، وذلك في ظل اصرار الفلسطينيين على شروطهم، وفي مقدمتها، فك الحصار عن القطاع. ومع ان الاعلام العبري اشار امس الى مبادرات «تطبخ» قد تفضي الى اتفاق ما، الا ان الوضع الميداني واصل حالة المراوحة، و«الطبخات» لم تظهر.
يعلون أكد ان العملية العسكرية ستتواصل بقوة في القطاع، وان سلاح الجو سيعزز ضرباته الجوية الموجهة الى اهداف «المخربين» في غزة، في موازاة تقدم عملية تدمير الأنفاق. واشار الى ان قيادة الجيش لا تفرض قيوداً على القوات في الميدان، التي بإمكانها الوصول الى أي مكان تتوافر فيه معلومات عن الأنفاق.
وشدد يعلون خلال «جلسة تشاورية» مع رئيس جهاز الامن العام (الشاباك) يورام كوهين، على ان جميع الخيارات العمالياتية ما زالت مطروحة على الطاولة، وان العملية العسكرية القائمة حالياً ستتواصل وتستمر حتى يعود الهدوء والامن الى جنوب اسرائيل.

«لن تكون هناك صورة
انتصار في غزة»، و«حماس
لن تنكسر»

إلا أن ما امتنع يعلون عن قوله، تولى بيريز تظهيره والتشديد عليه: وقف العملية العسكرية في القطاع. قال بيريز، خلال زيارة جنود جرحى يتلقون العلاج في بئر السبع، ان «الحرب استنفدت نفسها، وينبغي الآن إيجاد طريقة لإيقافها».
اما عن الحل المنشود، فاشار بيريز الى ان «غزة تابعة من الناحية السياسية لسلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو الوحيد الذي لديه سلطة شريعة، لأن الاتفاقات ابرمت معه، الا ان غزة اختُطفت منه، والشيء الصحيح الذي يمكن فعله هو اعادتها له، اذ انه اثبت كيف يدير الامور في الضفة الغربية، وهو قادر على فعل نفس الشيء في غزة».
من جهته، تطلع وزير الخارجية الاسرائيلي، افيغدور ليبرمان، الى مرحلة ما بعد وقف اطلاق النار، من دون الاشارة الى كيفية الوصول اليه، لافتاً في اعقاب لقاء جمعه امس بوفد برلماني الماني يزور اسرائيل حالياً، الى ان «أهم شيء في المستقبل هو انشاء آلية قادرة على مراقبة اعمال بناء وترميم قطاع غزة، وذلك من خلال مراقبة وصول الاموال ومواد البناء الى هدفها الصحيح، والعمل على عدم استغلال هذه الاموال في انتاج الصواريخ وترميم البني التحتية العسكرية في القطاع».
وكان المجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية والسياسية، قد عقد جلسة جديدة «لبحث الخيارات العملانية والسياسية للحرب على قطاع غزة»، كما اشار عدد من المراسلين السياسيين قبل انعقادها، الا ان الجلسة انتهت بعد ساعات الى مزيد من الشيء نفسه، بالايعاز الى الجيش بمواصلة هجماته على حماس وباقي التنظيمات في القطاع، اضافة الى انجاز عمليات تحديد الأنفاق وتدميرها.
ونقلت القناة الثانية عن مصدر سياسي «مشارك في الجلسة»، أن «الجيش الاسرائيلي سيواصل إقرار فترات هدنة انسانية محددة بوقت، كما حصل اليوم (امس) في مناطق لا تشهد قتالاً، ومن دون المخاطرة بحياة الجنود في الميدان، او المخاطرة بعملية تدمير الأنفاق الهجومية».
الا ان اهم ما نوقش في الجلسة، كما اشارت القناة العاشرة امس، هو «خطة لاحتلال قطاع غزة، عرضها الجيش امام الوزارء». ونقلت القناة عن مصدر امني رفيع المستوى تأكيده ان الخطة لم تحظ بالتصديق عليها، وشدد على ان «كل اعضاء المجلس الوزاري المصغر غير معنيين بتنفيذ خطة الجيش لاحتلال قطاع غزة».
واشارت القناة في نشرتها الاخبارية المركزية امس، الى ان جلسة الوزاري المصغر كانت مشحونة جداً، مع تبادل اتهامات بين العسكر والسياسيين. واضافت ان «المستوى السياسي شن حملة عنيفة على الجيش وحمله مسؤولية التدهور في العملية العسكرية وعدم تحقيق المطلوب منه».
ولا يستبعد ان خطة الجيش، المعروضة على الوزاري المصغر، معدة لمرحلة ما بعد العملية العسكرية في قطاع غزة، ولمواجهة الحملات والانتقادات اللحاقة، بل وايضاً لجان التحقيق، حيال اخفاقاته الميدانية، اذ سبق عرض الخطة تأكيد ضابط رفيع المستوى انه «لن تكون هناك صورة انتصار في غزة»، ولفت الى ان «حماس لن تنكسر». لكنه في المقابل وضع العبء والمسؤولية مسبقاً على القيادة السياسية التي دعاها الى ان تقرر ما تريده، إما تعميق الهجوم في غزة أو الانسحاب والخروج من هناك.
وحول الخلافات التي بدأت تظهر الى العلن، بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية، اشارت وسائل الاعلام العبرية الى ان «الخلافات لم تعد محصورة في الغرف المغلقة، والكل يبحث عما يخرجه من انتقادات ما بعد العملية في غزة». وبحسب القناة العاشرة، فإن «التوتر بات شديداً بين السياسيين والعسكريين، في كل ما يتعلق باستمرار العملية في غزة وكيفية استمرارها والمخارج الواجب العمل عليها».
وكان الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي قد اعلن امس ان ثلاثة جنود قتلوا «جراء انفجار وقع خلال نشاط عسكري» في جنوب قطاع غزة، وبذلك يرتفع عدد الجنود والضباط القتلى منذ بدء عملية «الجرف الصامد» الى 56 قتيلاً.