وسط الانقسام السياسي الحاد الذي تعيشه ليبيا بوجود برلمانين، أعلن المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، أمس، تكليف عمر الحاسي الإسلامي التوجه تشكيل «حكومة إنقاذ» وطني، مع العلم بأن هناك حكومة مؤقتة تدير أصلاً شؤون البلاد، الأمر الذي ينذر بانقسام سياسي على مستوى جديد. ويأتي ذلك في الوقت الذي عقدت فيه دول جوار ليبيا اجتماعاً أمس في القاهرة، أكدت على إثره دعمها للبرلمان الليبي الجديد المنتخب في 25 حزيران الماضي.
ودعت دول جوار ليبيا (مصر والجزائر وتونس وتشاد والسودان)، في بيان ختامي بعد اجتماعها في القاهرة أمس، الميليشيات إلى «تنازل تدريجي ومتزامن» عن السلاح، قبل أن تهدد بفرض عقوبات على من «يعطل الاستقرار». وطالبت بتوفير آلية تتضمن تدابير عقابية متدرجة يجري اللجوء إليها في حالات عدم الامتثال، بما في ذلك فرض عقوبات موجهة ضد الأفراد والجماعات الذين تثبت مسؤوليتهم عن عرقلة مسار العملية السياسية وتحقيق الاستقرار.
وأعلنت هذه الدول دعمها لـ«دور المؤسسات الشرعية للدولة، وعلى رأسها مجلس النواب، وإعادة بناء وتأهيل مؤسسات الدولة، بما فيها الجيش والشرطة»، مطالبة بتقديم الدعم للحكومة الليبية. وقبل الاجتماع، حذر وزير الخارجية المصري سامح شكري من احتمال امتداد العنف في ليبيا إلى الدول المجاورة، مؤكداً ضرورة العمل على تجنب «التدخلات في الشأن الليبي».

حذّرت مصر من احتمال امتداد العنف في ليبيا إلى الدول المجاورة


وقال شكري «لمسنا منذ فترة طويلة آثار تطورات الوضع الليبي على أمن دول الجوار المتمثل في تواجد وحركة عناصر تنظيمات متطرفة وإرهابية لا تقتصر أنشطتها على العمليات الإرهابية داخل الاراضي الليبية، بل تمتد الى دول الجوار، بما في ذلك عبر تجارة وتهريب السلاح والأفراد واختراق الحدود على نحو يمس سيادة دول الجوار، بما قد يصل الى تهديد استقرارها».
وأضاف أن هذا الوضع «قد يدفع باتجاه أنواع من التدخلات في الشأن الليبي يتعين العمل على تفاديها».
من جهته، قال وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز «إننا ننتظر من مجلس الأمن اتخاذ قرار وإرسال رسالة قوية حول النزاع المسلح في ليبيا ووقف الاقتتال».
في هذا الوقت، انعكس الانقسام على الساحة السياسية الليبية الداخلية مع تكليف المؤتمر الوطني الليبي المنتهية ولايته عمر الحاسي الإسلامي التوجه بتشكيل «حكومة إنقاذ» وطني. ورداً على ذلك صرح رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبدالله الثني بأن قرارات المؤتمر الوطني العام غير شرعية. وقال، خلال مؤتمر صحافي عقده في طبرق ونقلته محطات تلفزيون محلية، إن «الاجتماع غير شرعي والإجراءات غير شرعية والجسم التشريعي الوحيد هو البرلمان».
كما أعلن الثني، أن ميليشيات إسلامية قامت بنهب وإحراق مقر إقامته في طرابلس، متهماً الميليشيات الإسلامية المعروفة باسم «فجر ليبيا» بهذا التعدي.
وكان تلفزيون «النبأ» المقرب من الإسلاميين قد أفاد بأن الحاسي كلّف بتشكيل هذه الحكومة خلال اجتماع للمؤتمر عقد في طرابلس، من دون أن يشير إلى عدد أعضاء المؤتمر الذين صوتوا لمصلحة هذا القرار. وكان هذا التلفزيون نفسه أعلن في وقت سابق أن النصاب لم يتوافر خلال اجتماع المؤتمر. كذلك قرر المؤتمر في اجتماعه الإبقاء على جلساته مفتوحة، بحسب المصدر نفسه.
وبحث المؤتمر في جلسته دعوة برلمان طبرق إلى تدخل أجنبي لحماية المدنيين، فيما البلاد غارقة في الفوضى والعنف. واعتبر الإسلاميون هذه الدعوة «خيانة وطنية».
على صعيد متصل، أعلن رئيس الأركان الليبي الجديد عبد الرزاق الناظوري «الحرب على الإرهاب في بلاده»، عقب أدائه اليمين القانونية أمام أعضاء مجلس النواب في مدينة طبرق شرق ليبيا. ويأتي ذلك وسط انقسام في المؤسسة العسكرية، إذ أعلن عدد من قادة الجيش رفضهم لتعيين رئيس جديد للأركان من قبل مجلس النواب، ما يعزز صعوبة الموقف أمام الناظوري الذي يسعى إلى بناء المؤسسة العسكرية شبه المنهارة في ليبيا.
وعلى خط آخر، دعت جماعة «أنصار الشريعة» الليبية الموالية لتنظيم «القاعدة»، التي تعتبرها السلطات والولايات المتحدة «إرهابية»، قوات «فجر ليبيا» التي تضم الميليشيات الإسلامية الأخرى إلى الانضمام إليها، وسط تصاعد الفلتان الأمني وتعمق الخلافات بين الإسلاميين والتيار الوطني.
(رويترز، أ ف ب، الأناضول)