عرضت «الجزيرة» القطرية مبلغ 150 ألف دولار مقابل هذا الشريطأراد عبود فتح نقاش انطلاقاً من شريط الأسر وفق ما قال. تعهد بأن محطته ستتعامل مع هذه القضية «بموضوعية ومهنية». لكن، كيف يمكننا أن نقتنع بهذا الأمر من خلال ما سرد آنفاً عن آلية الترويج، وحتى الشريط نفسه، وجدوى عرضه والغاية من ذلك؟ عدا طبعاً ما صدر عن معلوف نفسها، من كلام ورّطها أكثر مما أنقذها. حاولت الصحافية اللبنانية تلميع صورتها هذه المرة، من خلال سبغ هذه المقابلة التي رعتها «النصرة»، بغطاء "مهني صحافي"، إذ قالت إن كل صحافي كان سيقوم بما قامت به بوصفه سبقاً صحافياً. لكن مع هذا الكلام الكليشيه، رأينا معلوف منغمسة إلى حدّ كبير مع هذا التنظيم الإرهابي، إلى حدّ تبرير الجزية التي يفرضها على المسيحيين في المدن السورية، بوصفها تقليداً إسلامياً! وإلى حدّ أيضاً مقارنة مقاتلي "النصرة" بأفراد «حزب الله» ونعتهم بـ "المرتزقة»، لكون الطرفين ــ كما قالت ــ يتقاضيان أموالأً لقاء قتالهما. لعلّ النقطة الأبرز هنا بعد ادعاء معلوف أنها «صحافية مستقلة» ولديها «هامش في الحرية»، تصوير عملها بطريقة غير مباشرة على أنه لا يعدو كونه خدمة للغير بما أن لديها الــ access (القدرة على الوصول)، و«الصدقية». وهاتان الصفتان كافيتان برأيها ليعلم «الطرف الآخر (أي النصرة) أنه الرسالة رح وصِّلها متل ما هو بدو». وفي هذه الأثناء، كانت معلومات صحافية تتداول حول أغراض هذا الشريط الذي دخل المزاد «السري»، وحولته معلوف الى سلعة تجارية تريد جني الأموال الطائلة من ورائه. أرقام خيالية طلبتها وصلت الى مبلغ 200 ألف دولار. هكذا دخل شريط الأسر بازار التفاوض والعرض والطلب، وعلمنا أنه من ضمن القنوات التي دخلت هذا البازار «الجزيرة» التي عرضت مبلغ 150 ألف دولار مقابل هذا الشريط.
إذاً هنا، تنتهي هذه المسرحية الهزلية لمصلحة خطّ بات ينتهج الترويج والتلميع للتنظيمات الإرهابية في سوريا، ويستخدم المقابلات الصحافية تجارياً،ولمآرب سياسية أيضاً. تكمن خطورة هذه الحلقة في السعي الدؤوب الذي تنتهجه mtv خلال الأشهر الماضية من وضع نفسها في خدمة «النصرة» وأعوانها بغية تحقيق سبق صحافي، مهما كان الثمن. فعل ذلك قبلاً مراسلها حسين خريس لدى خروج الجنود اللبنانيين من جرود عرسال، وعندما فتح الهواء مع أبو مالك الشامي في القلمون (الأخبار20-7-2015) وكانت معلوف وقتها ترافقه في هذه الجولة على ذوي المخطوفين اللبنانيين. وقد عبّرت خير تعبير عن إعجابها بأمير النصرة في القلمون. في المحصّلة، حصدت الحلقة المذكورة نسبة مشاهدة عالية، بمساعدة الماكينة الإعلامية والإعلانية للمحطة، لكنها مهنياً سقطت بفعل أجندة سياسية قضت على أي أعراف صحافية