لا ينفك أحمد دياب، شقيق العسكري عبد الرحيم دياب المأسور لدى تنظيم «داعش» في عرسال، يكرّر عبارة «نحنا ما إلنا ضهر بهالبلد». يرتجف صوته حين يقول: «هلق بعدني جاي من التظاهرة وهربان من البيت»، موضحاً بقوله: «اعتصمنا عند مفرق بلدة بر الياس للمطالبة بالإفراج عن أخي، كما تفعل كل عائلات الأسرى. إلا أن دورية من المخابرات حضرت إلى المكان ومنعتنا من مواصلة اعتصامنا، متهمة إيانا بالخيانة».
ليست المرة الأولى التي توجه فيها أصابع الاتهام إلى العائلة. استجوبت مخابرات الجيش أحمد ووالدته بعيد بث شريط فيديو يظهر فيه عبد الرحيم دياب والشهيد علي السيد وهما يعلنان انشقاقهما عن الجيش. ولم تشفع الصور التي بثها تنظيم «الدولة الإسلامية»، ويظهر فيها عبد الرحمن مكبلاً إلى جانب رفاقه، للعائلة المؤلفة من ثلاثة شبان. يقول أحمد: «الدولة وأجهزتها تعاملنا كخونة ومنشقين. لم يتواصل معنا أحد من قيادة الجيش، خلافاً لبقية أهالي الأسرى. بل منعونا من المطالبة بعودة عبد الرحيم بذريعة أنه منشق». ويضيف: «قد يقوم الإنسان بتكفير والديه إن طلب منه ذلك تحت قوة السلاح أو إن هُدد بالقتل نحراً بالسكين».

نشر الخاطفون شريطاً له
مع الشهيد السيد يعلنان
انشقاقهما!



وعن علاقة أخيه بالشهيد السيد، يقول أحمد: «ظهرا معاً في شريط الفيديو، لكنني لا أعرف شيئاً عن صداقتهما. لديّ الكثير من الأسئلة والأمور التي لا أفهمها. لا أعرف لماذا لم يعلن أحد من العسكريين انشقاقه سوى عبد الرحمن وعلي؟ لكنني على يقين بأن ما حل بعائلتنا نتيجة الفيديو هو نفسه ما حدث مع آل السيد. وحتى الساعة لم أجد وسيلة تمكنني من التواصل معهم».
وبحسب أحد أفراد العائلة، فإن قضية دياب «معقّدة». فللعائلة أقرباء في سوريا. أحدهم «أبو طلال الحمد» (شقيق المدير العام لوزارة النفط السورية عمر الحمد)، وهو كان سابقاً نائباً لـ«أبو أحمد جمعة» في قيادة «لواء فجر الإسلام» قبل أن ينضمّ إلى «داعش» ويصبح أميراً للتنظيم على القلمون. ويقول المصدر إن دياب «كان يخدم ضمن اللواء الثامن في صيدا. وقبل 25 يوماً من معارك عرسال نقلت قطعته العسكرية إلى هناك. وقد طلب من شقيقه أحمد السعي للتوسط له لنقله من عرسال، نظراً إلى خطورة الوضع. لكن أحمد لم يفلح في إيجاد واسطة قوية، وبقي شقيقه في عرسال إلى أن وقعت المعارك وورد اسمه ضمن الأسرى». وبعد نشر فيديو «انشقاقه» مع الشهيد السيد، «اشتبه في تواصل للعائلة مع أبو طلال وتحريض عسكريين على الانشقاق عن الجيش. كذلك اتهم أحمد بالمتاجرة بالأسلحة ونقلها إلى عرسال».
ينفي أحمد كل هذه التهم، قائلاً: «كلنا شفنا الجندي علي السيد كيف ذبحوه. لو كان فعلاً منشق عن الجيش ليش حتى يدبحوه؟». ويضيف: «لو كنت تاجر أسلحة لكنت من أصحاب الثراء الفاحش. فتلة صغيرة في منزلي كفيلة بأن تظهر العكس. أنا رجل فقير أعمل في الزراعة، والمعيل الوحيد لأسرتي وأمي». وعن التواصل مع «أبو طلال»، يجيب: «فلتأت كل أجهزة الدولة وتفتش منزلي ولتراقب هاتفي. وإذا كنت أتواصل معه أو مع سواه فليعدموني. ليس لدينا أي تواصل معه منذ أكثر من عام ونصف بسبب خلافات شخصية. لماذا نتحمل نحن مسؤولية قتاله مع المجموعات المسلحة؟».
وفي هذا السياق، تكشف معلومات أن عداءً يحكم علاقة «أبو طلال» الذي يحتجز العسكريين العشرة والمسؤول عن ذبح السيد بسبب خلافات عائلية قديمة. وتضيف أن «أبو طلال» نحّي أمس عن ملف العسكريين المخطوفين الذي بات عملياً في يد شخص يدعى «أبو الحسن»، وهو نائب «أبو حسن الفلسطيني» الذي قتل في بداية أحداث عرسال على حاجز تلة الحصن. وعزت المعلومات نقل الملف إلى مجموعة «أبو حسن الفلسطيني» إلى أنها أقوى عدّة وعتاداً.
لا يعرف أحمد طريقة للاطمئنان على أخيه إلا بالتواصل مع هيئة علماء المسلمين. يقول: «نحنا مستضعفين لأن ما عنا ولا سياسي بيحمينا. الدولة تخلت عن أخي ولا أعرف مع من يجب أن أتواصل غير هيئة العلماء». القلق على مصير عبد الرحيم يفتك بأعصاب شقيقه، «حتى لو عاد سالماً، كيف ستتعامل الدولة معه؟ ما الذي سيحلّ بمستقبله إذا رفضت قيادة الجيش عودته إلى عمله؟ ما بيعرف الواحد بأي هم بدو يفكر بالأول».