لا يبعث الهدوء النسبي والحذر الذي يخيم على طرابلس هذه الأيام على الاطمئنان بالنسبة إلى غالبية سكان المدينة، مسؤولين وفاعليات ومواطنين. فعاصمة الشمال لم تعتد أن تبقى هادئة وغير متفاعلة مع أي حدث أمني أو سياسي يقع في لبنان، وخصوصاً إذا كانت خلفية هذا الحدث سياسية وطائفية ومذهبية.
ومع أن إشكالات أمنية فردية عدة تقع في طرابلس يومياً، وأن إلقاء القنابل اليدوية ليلاً لم يتوقف منذ تطبيق الخطة الأمنية فيها قبل نحو خمسة أشهر، وآخرها إلقاء قنبلة قرب كنيسة مار مخايل في القبة أمس، فإن ظهور شعارات تنظيم «داعش» على جدران بعض كنائس طرابلس وجوارها، وما أثاره ذلك من هلع بين المواطنين، جعل بعض المراقبين يتخوف من أن يكون الهدوء المخيم فوق المدينة هذه الأيام أشبه بالذي يسبق العاصفة.
وتنبع هذه الخشية من أمرين: الأول القلق من احتمال تدهور الوضع الأمني وتطوره نحو مواجهة عسكرية واسعة بين المسلحين من جهة، والجيش وحزب الله من جهة ثانية، كما حصل في عبرا مثلاً، وبعد ذبح جندي ثان أول من أمس، وهو تدهور سينعكس ويلقى صداه في طرابلس لا محالة.

قلق من تدهور الوضع
الأمني نحو مواجهة عسكرية واسعة بين المسلحين والجيش

والثاني هو الشائعات التي انتشرت أخيراً، وأكدتها مصادر أمنية لـ«الأخبار»، وهي تتحدث عن دخول مجموعة مسلحة مكونة من نحو 50 مسلحاً إلى مدينة طرابلس قبل أيام. وتشير الشائعات نفسها إلى أن المسلحين لبنانيون وسوريون التحقوا بمجموعة مسلحة متشددة يقودها كل من شادي مولوي وأسامة منصور، المطلوبين للقضاء، وتتمركز داخل وفي محيط أحد المساجد الصغيرة في منطقة باب التبانة.
وتصاعدت الخشية، وفق مصدر أمني، من أن «تكون هذه المجموعات المسلحة بصدد التحضير للقيام بعمل أمني ما، مثل الاعتداء على بعض مراكز الجيش والقوى الأمنية في طرابلس».
وفي حين ترك إلقاء القوى الأمنية القبض على مجموعتين يشتبه بأن أفرادهما يقفون وراء الاعتداءات على كنائس طرابلس، ومتورطون في رمي قنابل وزرع عبوات ناسفة في المدينة، وتحديداً في محلة باب الرمل وطلعة الخناق الشهر الماضي، فإن أوساطاً سلفية عبّرت لـ«الأخبار» عن مخاوفها من «ازدياد المتعاطفين مع فكر داعش داخل بعض أحياء طرابلس، وأن الأمر وصل بهم إلى حد تهديد بعض المشايخ السلفيين، لأنهم اتخذوا مواقف معارضة للتنظيم».
وكشفت الأوساط السلفية أنها «فاتحت جهات أمنية رسمية ونصحتها بأن تفرج عن بعض الموقوفين الإسلاميين، ومنهم حسام الصباغ، لأن الأخير قادر بما له من مونة وتواصل مع جبهة النصرة على وجه التحديد، على المساعدة في الإفراج عن العسكريين المخطوفين لديها، وأنه قادر أيضاً على أن يكون صمام أمان في طرابلس في مواجهة الفكر الداعشي، الذي بدأ يستقطب كثيرين».