إسطنبول | في ردّه على الحملة الإعلامية الغربية التي تستهدف تركيا لعدم مشاركتها في التحالف الدولي ضد "داعش"، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن موقف بلاده واضح ضد كافة أنواع الإرهاب، لكن من دون أن يسمي أي جهة منه. وقال أردوغان إنه بحث مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، ومن بعده مع وزير الخارجية جون كيري، مجمل التفاصيل الخاصة بمكافحة الإرهاب، بما في ذلك موضوع المقاتلين الأجانب الذين يقصدون تركيا للذهاب إلى سوريا. وأضاف أن "الدولة التركية اتخذت وتتخذ كافة التدابير اللازمة لمواجهة الإرهاب بكافة أشكاله".
وقال أردوغان، الذي يزور الدوحة اليوم، إنه سيبحث مع صديقه العزيز أمير قطر تميم، ووالده الشيخ حمد كل التطورات في المنطقة. واختار أردوغان قطر لتكون أول دولة أجنبية يزورها رسمياً كرئيس للجمهورية. وكان قد زار السعودية كأول دولة أجنبية عندما أصبح رئيساً للوزراء في آذار ٢٠٠٣. ويكتسب هذا التوقيت للزيارة أهمية إضافية بعد قرار الدوحة بطرد قيادات "الإخوان المسلمين" المصريين من قطر والتوقف عن تمويل ما يسمى الجيش السوري الحر والائتلاف السوري المعارض ومقرهما في إسطنبول.
ويكتسب قرار قطر هذا أهمية إضافية بسبب استمرار المنافسة بين أنقرة والرياض على إدارة شؤون المعارضة السورية، السياسية منها والعسكرية، مع المعلومات التي تتحدث عن طرد أقطاب المعارضة السورية داخل الائتلاف والمقربة من السعودية، من تركيا. وتتحدث المعلومات أيضاً عن استمرار الموقف التركي في دعم الإخوان المسلمين وتمويلهم، في جميع الدول العربية، وتحويل إسطنبول إلى محطة رئيسية لقيادات "الإخوان" الهاربين من بلادهم، وخاصة المصريين والسوريين والليبيين والفلسطينيين والأردنيين، وأخيراً الذين طُردوا من قطر.
في السياق، تتحدث المعلومات الصحافية عن فتور جدي بين أنقرة وأربيل، التي اضطرت بتوجيهات من واشنطن إلى التقارب مع الحكومة الفدرالية برئاسة حيدر العبادي الذي يحظى بدعم أوباما. وقالت مصادر كردية إن الجنرال جون آلان، الذي سيقود العمليات العسكرية ضد "داعش" سيعود إلى خطته السابقة التي نفذها عام ٢٠٠٧-٢٠٠٨ عندما أقنع العشائر السنية العراقية في الأنبار وقام بتشكيل ما يسمى "الصحوات" التي ضمت أكثر من ١٠٠ ألف مقاتل حاربوا القاعدة آنذاك. وأكدت المصادر المذكورة أن مثل هذا المشروع سيبعد العشائر السنية العراقية، بما فيها تلك المقربة من تركيا عبر طارق الهاشمي وأسامة النجيفي وشقيقه محافظ الموصل أثيل، عن أنقرة التي تحججت بالرهائن الأتراك لدى "داعش".
في المقابل، يشكك البعض في الإعلام التركي بصدقية أنقرة وجديتها في هذا الموضوع، ويقولون إنّ بإمكان طارق الهاشمي المقيم في إسطنبول إقناع داعش بإخلاء سبيل الرهائن الأتراك. وكانت الحكومة التركية قد منعت بقرار من المحكمة نشر أي أخبار مهما كان نوعها عن موضوع الرهائن. وتشير الأوساط السياسية إلى أهمية المقالات التي تنشر في الصحف البريطانية والأميركية، وتتهم تركيا بخيانة حلفائها داخل حلف شمال الأطلسي. ويحمّل البعض من هذه المقالات، التي قال عنها أردوغان أمس إنها كاذبة، حكومة العدالة والتنمية مسؤولية دعم "داعش" والجماعات الإرهابية التي تقاتل في سوريا وتقدم كافة أنواع الدعم والتسهيلات للمقاتلين الأجانب لدخول بلاد الشام. وعلّق زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو على هذه المقالات وعبّر عن قلقه من احتمالات إحالة تركيا على المحاكم الدولية بتهمة دعم الإرهاب الذي أصدر مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي من أجله القرار رقم ٢١٧٠.
كل ذلك في الوقت الذي قالت فيه مصادر دبلوماسية إن السبب الرئيسي في عدم مشاركة أنقرة في التحالف الدولي هو "اعتراضها على سياسات واشنطن في موضوع سوريا". وقالت المصادر المذكورة إن "أردوغان حاول أن يقنع أوباما، ومن بعده وزير الدفاع تشاك هاغل، ووزير الخارجية جون كيري، بضرورة تقديم كافة أنواع الأسلحة الثقيلة والمتطورة للمعارضة السورية، ووضع هذه القوى تحت إدارة أنقرة بحماية دولية ليضمن ذلك إسقاط النظام السوري". وتحدثت المعلومات عن اعتراض أردوغان على أي حوار أميركي أو أوروبي مباشر أو غير مباشر مع الرئيس بشار الأسد في موضوع "داعش". وقالت إن "أردوغان أكد ضرورة إسقاط الأسد بدعم المعارضة السورية، شرط منع الطيران السوري من التحليق فوق المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية قرب الحدود مع تركيا والأردن، كما منعت الطائرات الأميركية والبريطانية الطائرات العراقية من التحليق شمال خط العرض ٣٦ لحماية الأكراد بعد حرب الكويت عام ١٩٩١".