«أكد رئيس معهد البصائر الاستراتيجي، خلال لقائه رئيس مركز الاتكال على الله، على أواصر العلاقة التي تجمع بين المعهد والمركز، لجهة التعاون على استشراف المستقبل والتمسك بالعلاقة بالباري، لما فيه مصلحة الوطن والمواطن». هذا يمكن ببساطة، أن يكون خبراً صحيحاً قد نقرأه، يوماً ما، في صحيفة، أو نسمعه ونشاهده في نشرة أخبار لبنانية. فلا شيء مستحيل، إذ إن الأمر يحدث حقاً.
نعم، لا وجود حتى الآن لـ«معهد البصائر الاستراتيجية»، لكن لا شيء يمنع من أن يولد هذا المعهد فجأة، مع قرار أحدهم أن يصير رئيساً له، وأن يستخدم هذا اللقب للظهور الإعلامي على الشاشات، أو للمناسبات الاجتماعية والسياسية. فكيف نفسر، مثلاً، ظهور لقب «مدير مركز الارتكاز الإعلامي»، فجأة طبعاً، ليلتصق بسالم زهران، الذي يمتلك لقباً آخر هو «المحلل السياسي». وكيف يمكن أن يتحول، بين ليلة و«ضواحيها»، الشاعر، من «الشاعر والإعلامي»، إلى «رئيس اللقاء الإعلامي اللبناني»، وكيف ولد هذا «اللقاء»، ومن يجمع؟ ومن نصّب السيد الشاعر رئيساً عليه؟ 
هكذا، وببساطة، ولأنه «ما في حدا أحسن من حدا»، يستطيع أي كان أن يقرر لقباً لنفسه، مرفقاً بمنصب رفيع (غالباً رئيس، مدير، وأحياناً سفير!). هذا أمر يعرفه جيداً «فخامة» سفير المفوضية الدولية لحقوق الإنسان في لبنان والشرق الأوسط، علي عقيل خليل، مثلاًً، ويعرفه محللون استراتيجيون بالجملة والمفرق تستضيفهم محطات التلفزة، وعشرات مديري مراكز الأبحاث التي لا تبحث إلا عن المال والشهرة لأصحابها. ألقاب على مد النظر، وجلها أكبر وأوسع وفي أحيانٍ كثيرة أطول من أصحابها. ألقاب ربما ينطبق عليها المثل للشعبي «الاسم كبير والمزرعة خربانة». ومن الألقاب ما يثير الضحك، إلى حد البكاء، كمسؤول التثقيف السياسي في تيار المستقبل، وهو لقب أسنده التيار «الثقافي» إلى أحد ألمع «مثقفيه»... المارد محمد سلام. ولكم أن تتوقعوا أي جيل يخرّجه تيار المستقبل من تحت إبط هذا المارد الثقافي العملاق. 
ومن بين الألقاب ما يستحق الدخول في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، لطوله، الذي يكاد يكون موضوعاً للإنشاء. اسمعوا جيداً: «أمين الهيئة القيادية في حركة الناصريين المستقلين المرابطون العميد المتقاعد مصطفى حمدان». ولدينا أيضاً هناك من يسعون الى النيابة والوزارة ولو لمرة واحدة من أجل اللقب الذي يلتصق بهم لبقية حياتهم، وهناك من يتخلون لأسباب غير مفهومة عن ألقاب لصالح ألقاب أخرى، فوئام وهاب استقال من رئاسة حزب التوحيد العربي، وتفرغ للقب وزير سابق، طامح، على الغالب الأعم، إلى تجديده.
ويندر، في هذا السياق، أن يظهر شخص على التلفزيون من دون لقب، إلا طبعاً المتواضعة ليلى الصلح حمادة! على أي حال، ومع كثرة الطلب على الألقاب، نقترح مجموعة منها تفي بالغرض لمن سيتحفوننا في الشهور والسنوات المقبلة بـ«تسلق» الشاشات، أشجار الفاصولياء، التي «تعربش» إلى الغيم بسرعة، وهي ألقاب مبتكرة، وتواكب الموضة، وقادرة على خداع المشاهدين. إليكم هذه السلسلة المقترحة: مسؤول التواصل الاجتماعي في حزب الافتراضيين اللبنانيين، رئيس مركز التغريد المتواصل، امين سر روابط «المليّكين» الفايسبوكيين، مسؤول التغريد الببغائي في حركة الموتورين المستقلين... إلخ!