«كل تيار المستقبل، بنوابه وكوادره، يقف اليوم خلف موقف النائب سعد الحريري الذي يدعم الجيش بالمطلق في معركته مع التكفيريين والمجموعات المسلّحة». هذا ما تؤكّده مصادر التيار، مشدّدة على أن التعامل مع أحداث طرابلس هذه المرة «مختلف عن السابق». الأوساط نفسها تؤكّد أن «رئيس تيار المستقبل وجّه ما يشبه الإنذار يمنع فيه أي مستقبلي، تحديداً المسؤولين في طرابلس وعكار، من تبرير ما يحصل، ولو في شكل غير مباشر».في الصدامات السابقة بين الجيش والمسلحين، غالباً ما كان يعتمد التيار خطاباً مزدوجاً بين «الحمائم» الذين يؤكّدون دعم الجيش و»الصقور» الذين يحمّلونه مسؤولية انقلاب الشارع السنّي، ويبرّرون للمسلحين اعتداءاتهم «بوجود السلاح في يد حزب الله وظلم النظام السوري».

ورغم أن البيان الذي أذاعه النائب محمد كبارة أمس، بعد اجتماع لوزراء المستقبل ونوابه، لم يتسم بالحزم الكافي في إدانة المسلحين، تلفت الأوساط نفسها الى إعلان كبارة «رفض أي اعتداء على المواقع العسكرية والعسكريين»، وكذلك الأمر بالنسبة إلى نائب عكار نضال طعمة الذي أكد أن «الجيش يقود اليوم معركة بقاء، وأهالي عكار والشّمال هم بيئة حاضنة له». كذلك تلفت الى غياب «لازمة» اتهام الجيش باعتماد سياسة «الكيل بمكيالين» و»غضّ النظر عن ممارسات تجري في مناطق أخرى»، و»حزب الله وقتاله في سوريا»، و»النظام السوري المجرم»، و»ظلم أهل السنّة». وتؤكد المصادر أن «الجهود التي تقوم بها قيادات شمالية وطرابلسية لن تكون إلا مكملة لما بدأه الجيش».
هل حدث تغير فعلي في موقف المستقبل من مسلحي طرابلس وما هي أسبابه؟
يُجيب عنها أحد نوّاب المستقبل البارزين بالقول إن «المشهد ككلّ شكّل لدى نواب المستقبل صدمة أكبر من إمكانية تمييعها هذه المرّة. يكفي متابعة ردّ الفعل بمجرّد الحديث عن هدنة، بعدما بات الناس مقتنعون بضرورة الحسم العسكري. وبما أن المجموعات المسلّحة باتت غير مستورة بأي غطاء سياسي، فإن أحداً لم يعُد يقبل بخسائر مادية وأمنية وبشرية في طرابلس». برأيه، «حتى الشارع السنّي الذي كان يتحكم في خطاب بعض نوابنا ملّ مما يحصل، ولم يعد قابلاً لأن يكون هو ومدينته أسيراً لجولات المعارك، بسبب الآثار الأمنية والمعنوية والاقتصادية والاجتماعية التي تتركها».
نائب مستقبلي آخر يؤكّد أن «المعركة فُتحت ولن تنتهي إلا بحلّ جذري وعملية تنهي وجود المسلّحين في الشمال، وأن قرار تيار المستقبل هو الوقوف إلى جانب الجيش حتى النهاية». ولفت الى أن «بعض المستقبليين الذي كانوا يغطّون المسلحين في المدينة أو يبررون أفعالهم، وجدوا أن الأمور باتت أكبر منهم، وأن هناك من يريد تحويل الشمال بأكمله إلى موصل ثانية»، مشيراً إلى «الوزير أشرف ريفي الذي لم يعد يتجاوز سقف مطالبه ضرورة حماية المدنيين، وهدنة لتسهيل نقل الجرحى إلى المستشفيات». ولا يجد النائب نفسه حرجاً في الاعتراف بأن «التيار يدفع في طرابلس حالياً فاتورة التحريض الذي مارسه بعض نوابنا وشخصياتنا، من دون أن يحسبوا حساباً لإمكان فلتان الأمور». وأكد أن «الجناح المعتدل لطالما خاض معركة داخلية بسبب هذا الخطاب، حتى اقتنع هؤلاء بأن لا مجال سوى العودة إلى لغة المستقبل الهادئة». وعن تنصّل جهات سياسية من علاقتها بقادة المحاور وإرهابيين معروفين، قال «تذكروا ما قاله وزير الداخلية السابق مروان شربل عن لوائح تضم أسماء عناصر المجموعات المسلّحة والجهات التي تدعمها. هذه الجهات تحافظ على رأسها ولا تريد التورّط أكثر من ذلك، لا بل إنها بعودتها إلى عباءة الدولة تريد أن تحمي نفسها حتى لا يصدمها قطار التسوية، فالكل خايف ع حالو»!