يوم الجمعة الماضي، خرج الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي، كل منهما في تصريح، ليعلنا بنحو غير مباشر تحالفهما في انتخابات بلديات طرابلس والميناء والبداوي ــــ وادي النحلة والقلمون.
وقطع هذا "التحالف" الطريق على محاولات تيار المستقبل لجسّ النبض بشأن إمكان إقامة تحالف انتخابي يستبعد ميقاتي، في خطوة تهدف إلى تصفية حسابات سياسية قديمة معه. لكن الردّ على هذه المحاولات جاء على لسان كرامي، الذي كشف عن تحالف طرابلسي يضمّه وميقاتي والنائب محمد الصفدي. وأكد كرامي لـ"الأخبار" أنه يرفض "استبعاد وإلغاء وجود أي طرف سياسي، خصوصاً إذا كان هذا الطرف ابن مدينتي"، موضحاً "أننا عانينا من العزل والاستبعاد سنوات طويلة، ونرفض ممارسة هذه السياسة على غيرنا، لأنه ثبت أن أحداً لا يستطيع إلغاء أحد، ولأن تداعيات هذه السياسة ستكون سلبية على طرابلس ولبنان".
مصادر سياسية طرابلسية وصفت موقف كرامي بـ "الطبيعي"، مشيرة إلى "سوابق عديدة فشل فيها المستقبل في استمالة كرامي أو غيره إلى جانبه، لأن أي مبادرة من هذا النوع لم تكن تنطلق من اعتراف التيار بمكونات سياسية سنية غيره، أو النظر إليها كحلفاء، بل كان يتعاطى معها دائماً من موقع التابع تحت طائلة استبعادها واستهدافها".
المستقبل وحيداً في ظروف صعبة بعد "تمرّد" ريفي وضاهر

ميقاتي، من جهته، تنقل مصادر قريبة منه تأكيده في مجالسه أنه "جاهز لأي مواجهة في الانتخابات البلدية ضد تيار المستقبل، ومستعد لها جيداً". ويبدو رئيس الحكومة السابق، أمام من يلتقيهم، شديد الطمأنينة إلى حضوره القوي في الشارع سياسياً وخدماتياً. وبعدما كان يُرجَم لتأليفه حكومة عقب إقصاء الرئيس سعد الحريري عن السلطة عام 2011، تمكّن من ترميم ما خسره، مستنداً إلى أمرين: أولاً، حضوره الشخصي والخدماتي القوي في ظل الشحّ الذي يعاني منه تيار المستقبل وغياب الحريري الدائم؛ و"ثبوت" عدم تقديمه ــ خلال ترؤسه الحكومة ــ التنازلات التي دأب التيار الأزرق على تقديمها لخصومه، قبل 2011 وبعد ولادة حكومة الرئيس تمام سلام. ويتحدّث ميقاتي، بثقة، عن قدرته على خوض الانتخابات، مع الصفدي وكرامي والنائب أحمد كرامي. وفيما يجزم بأنه لن يقبل بأن يسمي رئيس الحزب العربي الديموقراطي رفعت عيد أيّ مرشّح علوي، يشدّد ميقاتي على ضرورة اختيار الأفضل، بعد تجربة الائتلاف البلدي الفاشلة في السنوات الست الماضية. وتطرح مصادر قريبة من ميقاتي فكرة إعداد لائحة من خمسين اسماً، على أن يجري اختيار 24 مرشحاً منهم لخوض الانتخابات، "وإذا أراد تيار المستقبل المشاركة فأهلاً وسهلاً. أما إذا رفض فستكون معركة".
احتمال وقوع المواجهة الانتخابية دفع النائب محمد كبارة إلى القيام بوساطة لمحاولة تجنيب طرابلس انتخابات قاسية، لكنه لم يفلح بسبب تشبث تيار المستقبل بموقفه السلبي من ميقاتي، ورفضه التعاون معه في أي انتخابات. ويبدو أن تعنّت التيار الأزرق سيجعله وحيداً في نهاية المطاف، في ظروف صعبة بعد "تمرّد" وزير العدل أشرف ريفي على الرئيس سعد الحريري، وقبله النائب العكاري ذو النفوذ الشعبي في طرابلس خالد ضاهر، فضلاً عن الترهل الذي أصاب "ماكينة" المستقبل أخيراً لأسباب عدة، فيما لن يكون "التحالف" الطرابلسي مقتصراً على أعضائه فقط، بل إن قوى وهيئات مدنية وفاعليات وعائلات ستلتحق به، إضافة إلى إسلاميين.
ويبدو أن التحالف الطرابلسي قطع شوطاً بعيداً في تفاهمه، وهو ما أشار إليه ميقاتي من أنه "بدأ البحث في موضوع الانتخابات البلدية في طرابلس والميناء بهدف تمكين أبناء المدينتين من اختيار مجلسين بلديين فاعلين ومتجانسين"، معتبراً أن "علينا أن نستخلص العبرة من عدم نجاح التجربتين الانتخابيتين السابقتين". وشدد كرامي بعد لقائهما الأسبوع الماضي على "ضرورة إجراء الانتخابات البلدية في موعدها وتمكين أبناء طرابلس من اختيار مجلس بلدي فاعل ومتجانس"، قبل أن يتبعه كرامي بتأكيده الجمعة الماضي أن لقاءه مع ميقاتي "حدد ملامح معركة الانتخابات البلدية، وأنه انبثق من هذا اللقاء تشكيل لجنة تضم ممثلين عني وعن ميقاتي والصفدي مهمتها الأساسية تسمية أعضاء جدد من ذوي الاختصاصات سيجري ترشيحهم".