القاهرة | بدأت الحكومة المصرية اتخاذ خطوات فعلية تهدف إلى مناهضة صورالتمييز في البلاد، وذلك بعدما أكد الدستور الجديد، المقرّ في بداية العام الحالي، المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات. لكن يبدو أن الفحوى من خطوات كهذه، باتت متتابعة، يكمن في تبييض الصورة الخارجية لحكام القاهرة الجدد، حصراً. يمكن استنتاج ذلك لأن مصر مقبلة على استحقاقين مهمين وبطابع دولي: «مؤتمر الاستثمار» (مؤتمر المانحين) في شهر آذار المقبل، الذي يعوّل عليه كثيراً لإعادة تنشيط الحياة الاقتصادية في البلاد، إضافة إلى جلسة في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم لاستكمال تدارس أوضاع حقوق الإنسان في مصر، أيضاً في الشهر نفسه.
وانتهت، خلال الأسبوع الحالي، وزارة العدالة الانتقالية، برئاسة المستشار إبراهيم الهنيدي، من إعداد مشروع قانون «المساواة ومنع التمييز»، فيما من المفترض أن يطرح للنقاش على هيئات من المجتمع المدني قبل أن يسلك السبيل المؤسساتي لإقراره (ينتهي المسار بختم الرئيس عبدالفتاح السيسي على المشروع). وبرغم أهمية القانون المذكور، فإنّ صبغته السياسية واضحة، إذ يندرج ضمن سلسلة القوانين التي تصدرها الحكومة استناداً إلى صلاحياتها التشريعية الممنوحة في ظل غياب برلمان. كذلك، تستجيب بنوده للملاحظات التي أبدتها عدة دول خلال جلسة استعراض سجل مصر في مجال حقوق الإنسان أمام لجنة الأمم المتحدة في جنيف، في شهر تشرين الأول الماضي. ومن المقرر استكمال تدارس أوضاع حقوق الإنسان في مصر أمام اللجنة الأممية في آذار المقبل، كما من المفترض أن يفند الوفد المصري التوصيات وما تم إنجازه على هذا الصعيد.
ويتضمن مشروع قانون «المساواة ومنع التمييز» قواعد عامة تشمل المساواة في الحقوق والحريات والواجبات بين المواطنين، مع الالتزام بكفالة المساواة للجميع وإقرار التمييز الإيجابي، بحدود، على أن تلتزم الدولة رسم وتطبيق سياسة وبرامج تكفل المساواة، سواء في أماكن العمل أو غيرها.
وينص القانون على ضرورة تهيئة مناخ المساواة في المجتمع من أجل خلق بيئة تدعم العيش المشترك بين الأفراد، مع دعم وتشجيع ثقافة التنوع وتبادل الآراء وتقديم الشكاوى الفردية والجماعية، أمام مفوضية يجري استحداثها، وتختص بشؤون مكافحة التمييز. ويكون تعيين أعضاء المفوضية بقرار من رئيس الجمهورية، بعد موافقة مجلس النواب. وفي حديث مع «الأخبار»، يرى الناشط الحقوقي، أحمد سيف، أن «القانون، في مجمله، يحمل ملامح إيجابية، لكن تطبيقه يتطلب وجود نية حقيقية لدى الدولة، وخصوصاً في ما يتعلق بالأقليات الدينية في مصر». ويتوقع سيف أن «يكون القانون محاولة لتحسين صورة سجل حقوق الإنسان في مصر أمام العالم، من دون التزام تطبيقه على أرض الواقع».
من جهة أخرى، يقول رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد فائق، إن «مشروع القانون يعتبر خطوة إيجابية تجاه مكافحة ومحاربة التمييز الذي زاد خلال السنوات الماضية، خصوصاً ضد الأقباط». ويشير، في حديث إلى «الأخبار»، إلى «ضرورة إيجاد الصيغة التشريعية التي تحدد طريقة محاسبة المخالفين قانوناً». ويضيف أن «القانون سيلزم، حال إقراره، مؤسسات الدولة بالتقيّد به وحفظ حق الترقّي وغيرهما من التفاصيل التي تضمن حق المواطنين في الحصول على حقوقهم كاملة دون وجود أي تمييز ضدهم، مع إتاحة جهة يمكن تقديم الشكوى أمامها، ويكون لديها صلاحيات واسعة».