من عرسال الى وادي خالد، ومن صيدا الى وسط بيروت، تلقي الرايات السود بغلالة سوداء على البلد. لم تعد «بهلوانيات» الشيخ أحمد الأسير تثير الضحك. الأصح أنها باتت تثير الرعب لما يصاحبها من لغة مذهبية وشتائم لم يسبق أن شهد منبر مثلها منذ اندلاع الحرب عام 1975. وفي ظل هجمة غير مسبوقة على المقاومة وسلاحها، وبين اتهامات محلية وسورية معارضة وعربية لحزب الله بالتورّط في المستنقع السوري، واتهامات دولية بالتورط في الارهاب، سجّل مؤشر «النشاط» السلفي في اليومين السابقين حراكاً لا سابق له منذ اندلاع الأزمة السورية قبل نحو عامين: اشتباكات عنيفة في وادي خالد استخدمت فيها المدفعية.
اعتصام سلفي في وسط بيروت لم يخل من تهديد للقضاء والدولة. توتر في صيدا ما أن يهمد حتى تثيره من جديد «دونكيشوتيات» الأسير ومعاركه المتتالية مع الشقق واللافتات. غليان في طرابلس التي فقدت فيها الأجهزة الأمنية كل هيبة وبات فيها المسلّحون يفكّون «أسر» الموقوفين لدى هذه الأجهزة ويعيدونهم بأوامر من مشايخهم. وعلى الهامش: استمرار مسلسل القنابل في طرابلس، استهداف لمكتب تابع لحركة أمل في منطقة وطى المصيطبة، إحراق لشخص في سيارته في منطقة وادي الزينة في حادث قد لا يخلو من خلفيات مذهبية. كل ذلك في وقت تعمل «جبهة النصرة»، على قدم وساق، لـ «افتتاح» فرعها اللبناني. كل هذا يحدث تحت نظر السياسة اللبنانية الرسمية التي تدفن رأسها في رمال تقترب من ان تصبح متحركة