بالكاد يعثر المتجول في شوارع طرابلس على صورة للرئيس سعد الحريري على جدار أو شرفة، في مقابل حضور ملحوظ لصور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزيرين محمد الصفدي وفيصل كرامي والنائب محمد كبارة. لكن اللافت أن صور المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي تطغى على صور الجميع، ولا يكاد شارع أو زقاق يخلو من واحدة مذيلة بعبارات التأييد.
لم يعد في امكان القياديين الزرق النوم على حرير أن «الناس تؤيدنا على العمياني»، لأن متغيرات كثيرة طرأت على مزاج المدينة السياسي والشعبي. فتراجع خدمات التيار منذ انتخابات 2009، إلى حد إيقافها نهائياً، تحوّلت أزمة حقيقية في صفوفه، وأدّت الى انفضاض جمهوره عنه، وهو ما ظهر بوضوح في الحضور الشعبي الخجول في مهرجانات المستقبل ونشاطاته في طرابلس بعد خروج الحريري من السلطة.
ووصلت الأزمة إلى مكاتب منسقية في طرابلس، التي باتت تتكل على حرص المنسق العام مصطفى علوش وبعض فريق عمله على عدم وصول الأزمة إلى القعر، ما اضطرهم إلى تحمّل النفقات وبعض المساعدات البسيطة، على حسابهم الشخصي.
لا ينتهي النقاش داخل غرف التيار الأزرق في طرابلس حول هذه الأزمة، حتى يبدأ نقاش من نوع آخر، حول كيفية خوض الانتخابات النيابية بعدّة كهذه، وكيف سيواجه المستقبل خصومه من أصحاب الثروات والنفوذ السياسي، ومن هي الأسماء القادرة على مواجهتهم وإعادة عاصمة الشمال إلى الحظيرة الزرقاء؟
يدرك قياديو التيار صعوبة ذلك، ففي دورتي 2005 و2009 حلّ مرشحوهم في أسفل ترتيب الناجحين، وإذا استمر فكّ التحالف بينهم وبين حليفيهم السابقين، ميقاتي والصفدي، فإن استحقاقاً لا يقل صعوبة سيكون بانتظارهم. لهذه الأسباب يغربل هؤلاء أسماء يرونها مؤهلة للترشيح، لكنهم يواجهون أزمة لا تقل عن أزمة توقف حنفية المساعدات. فالنائب محمد كبارة لا يمكن التخلي عنه، مع أنه ليس محسوباً تنظيمياً عليهم. إذ إن حيثية «أبو العبد» الشعبية التي لم تتراجع، برغم تراخي قاعدة تيار المستقبل، تجعله واقعاً مفروضاً لا يمكن التفريط به. أما النائب سمير الجسر، الذي ينظر إليه على أنه واجهة التيار الطرابلسية، فتواجهه مشكلة ابتعاده عن القواعد الشعبية، ولا يمكن تصنيفه كرافعة لأي لائحة، بل هو يحتاج إلى رافعة لبقائه نائباً.
أما علوش الذي سحبه الحريري لمصلحة تحالفه مع ميقاتي والصفدي عام 2009، فأكد أنه لن يكرّر التجربة ثانية «لأنني قرفت»، فيما لا يزال النائب السابق مصباح الأحدب ينتظر ترجمة الحريري اعتذاره له، لابعاده عن لائحته عام 2009، أفعالاً.
للخروج من هذه الورطة، تشخص أنظار المستقبليين إلى ريفي كمنقذ من كل هذه الحسابات المعقدة في حال أقدم على الترشح وترأس لائحة التيار في طرابلس. إذ إن المدير العام لقوى الأمن الداخلي حل اول في كل استطلاعات الرأي التي أجراها التيار في المدينة، وبفارق كبير عن كل الشخصيات المستقبلية.
يرسم المستقبليون لائحتهم الزرقاء في حال ترشح ريفي على النحو التالي: كبارة والجسر، وينضمّ علوش إليهما إذا جرى إقناعه بالعودة أو الأحدب أو أحد من الإسلاميين، إضافة إلى وزيرة المال السابقة ريّا الحسن، التي يمكن ان ترتفع حظوظها بالفوز في وجود ريفي، نظراً لكونها الأضعف بين المرشحين الزرق. أما المرشحون الثلاثة لمقاعد الأقليات الأرثوذكسية والعلوية والمارونية فلن يشكلوا أزمة.
لكن تشكيل لائحة زرقاء على هذا النحو برئاسة ريفي دونه عقبات عدة، منها أن القوى الرئيسية في طرابلس لا تنظر بارتياح إلى قدوم لاعب كبير إلى المدينة، بعدما باتت تضيق بالرؤوس الكبيرة، وهي لن توفر مناسبة لتحجيمه عبر إدخاله في زواريب ضيقة لا يتقنها. كما أن ريفي يدرك أن ترشيحه لن يلقى ارتياحاً داخل المستقبل لأنه سيأخذ حصته من طريق غيره، لأن فوزه شبه المضمون لن ينسحب على باقي زملائه في اللائحة المنتظرة، التي لن تستطيع منع فوز ميقاتي والصفدي وفيصل كرامي.