أدى اللواء علي محسن الأحمر، يوم أمس، اليمين أمام الرئيس الفارّ عبد ربه منصور هادي في مقرّ إقامته في الرياض، بعدما عيّنه الأخير نائباً عاماً للقوات المسلحة اليمنية. القرار الذي يحمل دلالات سياسية وعسكرية، قوبل شعبياً باستغراب، ولا سيما أن الأحمر يُعدّ «اسماً محروقاً» منذ دخول «أنصار الله» إلى العاصمة صنعاء وفراره إلى الرياض.وأكد الأحمر، يوم أمس، «التزامه العمل مع الشرعية التي يمثلها هادي لإخراج اليمن من التحديات التي يمر بها، والانتصار على فلول التمرّد التي ألحقت الأذى ببلدنا ومجتمعنا وجيراننا». أما هادي، فقد اعتبر من جهته، أن «المرحلة بحاجة إلى وحدة الصف والعمل بروح الفريق الواحد»، في إشارةٍ إلى أن قرار التعيين يرمي إلى لملمة خلافات ناشبة في جبهات المجموعات المسلحة المؤيدة للعدوان.
سياسياً، يحمل قرار تعيين الأحمر دلالات عدة. أولاً، تعكس هذه الخطوة رسالة سعودية إلى الإمارات متعلقة بمرحلة ما بعد الحرب. فأبو ظبي التي وفّرت موطئ قدمٍ لها في المرحلة المقبلة داخل اليمن، عبر تعيين خالد بحاح، «رجُلها»، نائباً لرئيس الجمهورية، قابلتها الرياض بتعيين الأحمر نائباً لقيادة الجيش، وهو المنصب غير الموجود دستورياً في الأصل. وبذلك، تكون الدولتان المتنازعتان على تقاسم «الكعكة» اليمنية، قد تقدمتا باتجاه تكريس واقع لنفوذهما في العملية السياسية المقبلة، ولا سيما أن الأحمر، بسبب تاريخه الطويل في الدولة، قادر على إدارة المرحلة المقبلة التي لا يزال شكل الحكم فيها مجهولاً ومنتظراً مآلات الميدان.
يُعدّ هذا التعيين ضربة قوية لمشروع الانفصال في الجنوب

ثانياً، يُعَدّ هذا التعيين ضربة قوية لمشروع الانفصال في الجنوب. فالأحمر، أحد قادة حرب 1994 ومكرساً الوحدة اليمنية، يُعدّ العدو اللدود للجنوبيين، ويمثل ظهوره في مناصب رفيعة وإعادة تثبيته لاعباً أساسياً في المشهد السياسي رسالة إلى الجنوبيين تفيد بـ«وأد» حلمهم بالانفصال بعد الحرب، والذي كان التحالف السعودي قد استخدمه «لإغوائهم» بهدف كسب دعمهم في الحرب المستمرة. وكان هادي، في الأشهر الأولى من العدوان، قد أكد مرات عدة أنه ليس على اتصال بالأحمر حرصاً على كسب مواقف قيادات جنوبية مثل الرئيس السابق علي سالم البيض. ويرى مراقبون ما جرى أمس، مؤشراً على أن «الحراك الجنوبي» أصبح ضعيفاً وغير ذي تأثير في حسابات الرياض و«التحالف»، وهو ما يضع القوى الجنوبية أمام امتحان.
ثالثاً، تشير المعطيات الميدانية إلى أن هادي ومن خلفه السعودية، يعوّلان على تعيين الأحمر في نيل تأييد قبائل صنعاء والقادة العسكريين البارزين فيها، حيث لا يزال الأحمر يحظى بتأثير، وذلك في إطار التجهيز لـ«معركة صنعاء»، بعد سيطرة المجموعات المسلحة المؤيدة للتحالف السعودي، ولا سيما التابعة لحزب «الإصلاح» على منطقة فرضة نهم شرقي المحافظة.
من جهتها، وضعت حركة «أنصار الله» قرار هادي في إطار «الصراعات داخل جبهة القوى المؤيدة للعدوان. وقال عضو المجلس السياسي في «أنصار الله»، عبد الملك العجري، في حديثٍ إلى «الأخبار» (علي جاحز)، إن علي محسن «هو الرجل الوحيد الذي يمتلك علاقة قوية بالجماعات المتطرفة التي تتصارع في الجنوب على النفوذ والسيطرة من جهة، وبين الجمعات المسلحة الأخرى الموالية لهادي وللإصلاح».
وقد أفادت معلومات ميدانية بأنّ ثمة خلافات عميقة بين قيادات عسكرية موالية لـ«التحالف»، ولا سيما في مأرب والجوف، أبرزها خلافات هاشم الأحمر ومحمد المقدشي، على القيادة في تلك المناطق، حيث يرفض الأحمر أن يكون تحت قيادة المقدشي والعكس.
وفي هذا السياق، يرى العجري أن تعيين اللواء الأحمر «من شأنه أن يحتوي تلك الخلافات»، مضيفاً أن المقدشي وهاشم يمكن أن يتحركا تحت إمرة محسن، وهذا قد يكون واحداً من أسباب تعيينه».
وفيما احتفى الإعلام المؤيد للسعودية بتعيين الأحمر باعتباره «مقدمة لتغيير موازين المعركة الدائرة في مأرب والجوف بصورة خاصة وبما له من تأثير في التقدم إلى صنعاء»، يرى العجري أن الأحمر بات ورقة مجربة، مستبعداً أن يتمكن من العودة إلى اليمن (عدن)، لكونه مرفوضاً لدى الكثير من القوى هناك، «وإن كان إعلان الرفض مؤجلاً حالياً». ويضيف القيادي في الحركة أن علي محسن «خسر كل عوامل قوته في الشمال وكل رجالاته التي كان يعتمد عليهم في الجيش والقبيلة»، متوقعاً أن يكون للأحمر تأثير في الجماعات التكفيرية إلى جانب لم شمل المسلحين في أكثر من موقع، إضافة إلى استقطاب الكثيرين منهم إلى الجبهات.