الغارات الإسرائيلية على دمشق بأهدافها وتداعياتها كانت محطّ اهتمام الاعلام الأميركي والبريطاني في اليومين الماضيين. صحيفة «ذي غارديان» البريطانية نشرت مقالاً مفاده أنّ «قيام إسرائيل بهذه الخطوة يعتبر تضحية كبيرة بالسلام على حدودها الشمالية والذي امتد زهاء 40 عاماً». ورأت الصحيفة أنّ من الواضح الآن تورط كل من إيران وحزب الله بالصراع الدائر في سوريا، مشيرة إلى أنّ اسرائيل شنت عدة غارات جوية على سوريا خلال أسبوع واحد لمنع حزب الله من امتلاك صواريخ ايرانية الصنع.
وأشار المقال إلى أن إسرائيل تراهن على أن سوريا وحزب الله لن يردا على هذه الغارات، لأن الرئيس بشار الأسد منشغل بالحرب الداخيلة، كما أنّ حزب الله ليس مستعداً لخوض حرب أخرى، موضحة أنّ «من السهل البدء بخطوة أولى في منطقة الشرق الأوسط، إلا أنه ليس من السهل معرفة نهايتها». وقالت الصحيفة إن «قيام إسرائيل بهذه الخطوة يعتبر تضحية كبيرة بالسلام على حدودها الشمالية الذي امتد زهاء 40 عاماً».
وفي الصحيفة البريطانية أيضاً، مقال تحليلي لإيان بلاك بعنوان: «نتنياهو يلتزم بالخطوط الحمراء». وقال بلاك إنّ «الأزمة السورية تستقطب اهتماماً دولياً، ولا سيما إن كان هناك طرف خارجي متورط في الصراع الدائر وعلى الأخص إسرائيل». وأضاف «وصفت سوريا الغارات الإسرائيلية الأخيرة على أراضيها بأنها إعلان حرب، إلا أن إسرائيل، وفق البعض، أرادت حماية أمنها الوطني الذي يعتبر من الخطوط الحمراء بغض النظر عن تداعيات هذا الأمر». وأشار إلى أن «سوريا توعدت بالانتقام سابقاً، إلا أنها فشلت بتحقيق ذلك لا سيما بعد الغارة الاسرائيلية التي استهدفت مركز جمرايا في كانون الثاني».
صحيفة «الاندبندنت» نشرت مقالاً تحليلياً لروبرت فيسك بعنوان «التدخل الذي يعني أننا كلنا متورطون الآن». وقال فيسك «أضاءت غارة إسرائيلية أخرى سماء العاصمة السورية دمشق و«بجرأة» كما يقول مؤيدو التدخل الإسرائيلي»، مضيفاً «هذه هي الغارة الثانية خلال اليومين الماضيين والقصة هي شبيهة بسابقاتها ألا وهي منع وصول شحنة أسلحة إيرانية الصنع - تضم صواريخ «فاتح 110»- من الجانب السوري الى أيدي حزب الله في لبنان»، وذلك وفقاً لمصادر استخباراتية غربية.
وتساءل فيسك في مقاله عن الأسباب التي تدفع النظام السوري الذي يصارع للبقاء إلى إرسال أسلحة متطورة إلى خارج البلاد؟ وأضاف «يصل مدى صواريخ «فاتح 110» حوالي 250 كيلومتراً، وبإمكانها الوصول الى تل أبيب إذا اطلقت من جنوب لبنان»، موضحاً أنه بتدمير هذه الصواريخ، تكون إسرائيل قد ساعدت مسلحي المعارضة السورية على تنحية الرئيس السوري بشار الأسد، وخصوصاً أن الجيش السوري استخدم هذه الصواريخ ضدها. وأشار فيسك إلى أنّ «إسرائيل تصنف نفسها كدولة غربية، ما يعني أننا متورطون في هذه الحرب وبشكل مباشر».
في صحيفة «الفاينانشال تايمز»، كتب مراسلها في بيروت دايفيد غاردنير تحت عنوان «الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا تصب في مصلحة الأسد». وقال غاردنير إن «النيران والدخان التي غطت سماء دمشق صباح الأحد، أسعدت للأسف قلب الرئيس السوري بشار الأسد». وأضاف «يمكن اعتبار الغارات الإسرائيلية الأخيرة على دمشق بأنها بمثابة إطلاق برنامج دفاعي محدود وهو ينصب حول أن سوريا تتعرض لمؤامرة إمبريالية وصهيونية، وهي نظرية يمكن أن تلاقي رواجاً كبيراً في منطقة الشرق الأوسط، كما أنه ليس من الصعب تسويقها». كذلك تناولت الصحيفة الأميركية انعكاسات الهجوم الإسرائيلي على سوريا، وفي ظل تواصل استبعاد إمكانية نشر قوات أميركية في سوريا، فإنّ مسؤولين بارزين أميركيين أشاروا إلى قرار وشيك ستتخذه الإدارة، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، بين عدة خيارات مطروحة تتفاوت بين تزويد مقاتلي المعارضة بالأسلحة، أو استخدام مقاتلات أو صواريخ أميركية لشلّ القوى الجوية للقوات السورية بتدمير طائراته ومدرجات الطائرات ومواقع الصواريخ.
وفي هذا السياق، نشرت «واشنطن تايمز» أنّ ضرب المقاتلات الجوية الإسرائيلية لأهداف سورية، ولليوم الثاني خلال ثلاثة أيام، دفع بعدد من «الجمهوريين» إلى مطالبة الرئيس باراك أوباما بتبني تدابير أقوى ضد النظام السوري. وقالت الصحيفة إن الغارات الجوية تزيد من تعقيد الأزمة المعقدة أصلاً للرئيس الذي وعد بإنهاء حربين، ويجد نفسه الآن على وشك الانجرار في الحرب الأهلية السورية.
(الأخبار)