أمس، انطلق منتدى «أشغال داخلية ٦» في فضائه (أشكال ألوان) في منطقة جسر الواطي (بيروت) بتوزيع كتيب «إسلام الشرع وإسلام الدولة: دعوى الإحياء وحربها على «التنظيم»» لوضاح شرارة، وقدم جو نعمة عرض أداء صوتياً بعنوان «أتوموبيل»، ثم اختتمت فرقة «سادات» المصرية الشعبية سهرة الافتتاح، غناءً ورقصاً في الشارع. بهذه الطريقة أرادت مديرة المهرجان وجمعية «أشكال ألوان» (تأسست عام ١٩٩٤) كريستين طعمة الخروج إلى الحيز العام.
طوال هذا الشهر، تحتضن فضاءات متعددة من المدينة مشاريع فنية، وعروض رقص ومسرح، ومحاضرات أدائية، وإصدارات، وأفلام، وفيديو، ومحاضرات، ومعارض فنون معاصرة، وبثاً مباشراً على الراديو. فعاليات تتوزع بين فضاء «أشغال داخلية»، و«مركز بيروت للفن»، وصالة «آرثيوم»، و«٩٨ أسبوع»، و«متروبوليس أمبير صوفيل»، و«مسرح بابل»، و«المدينة» مع مشاركة لأكثر من مئة فنان. منذ اليوم الأول، كان همّ كريستين طعمة تفعيل الحياة الثقافية والفنية المعاصرة ضمن الحيز العام في بيروت الناهضة من الحرب الأهلية، وخلق مساحة يبحث فيها الفنانون المعاصرون عن لغات وأساليب عرض جديدة تحاور مرحلة ما بعد الحرب. هكذا قدمت معرضاً في حديقة الصنائع (١٩٩٥) ثم «السيوفي» (١٩٩٧) وكورنيش عين المريسة (١٩٩٩) وشارع الحمرا (٢٠٠٠). إلى أن انطلقت أول دورة من «أشغال داخلية» عام ٢٠٠٢. اليوم سلمّت طعمة إدارة برنامج فضاء «أشغال داخلية» لمساعدتها الأولى أمل عيسى، وقرّرت استضافة عدد من المعدّين الفنيّين لصياغة برنامج الدورة السادسة إلى جانبها، ما أثمر برنامجاً غنياً. في حديث مع «الأخبار»، ترى طعمة أنّ الإصرار على دعوة معديّن فنيّين من خلفيات وثقافات وأعمار مختلفة لإعداد برنامج الدورة الحالية، ينقذه من خطر أن تتحكّم فيه سلطة ذات توجه فني وسياسي واحد. إلى جانب البرنامج الذي أعدّته طعمة هذه السنة، أنجز طارق أبو الفتوح (مصر) برامج «معارض» في صالة Artheum مع أعمال لـ 18 فناناً. أما مجموعة «٩٨ أسبوع»، فتقدم «خطوطنا مفتوحة: مسلسل راديو». المشروع عبارة عن قراءات عن سياسات وشاعريات اللغة التي سيتخللها بث مباشر على الراديو وورش عمل ومحترفات وجولات فنية. وتحت عنوان «عروق بلاستيك»، أعدت زينب أوز سلسلة من المناقشات ومشاريع بحثية تُبرز التحولات في السياسات الثقافية والفنية خلال المرحلة الانتقالية من العهد العثماني حتى مطلع عهد الجمهورية التركية. ومع أهل البيت، نرافق المشاركين في برنامج «أشغال داخلية» بين منطقتي خندق الغميق وبرج حمود في مشروع «إكس ـ شقق» الذي أعده المخرج المسرحي والأستاذ المقيم ماتياس ليلينتال.
أما برنامج كريستين طعمة، فيتضمن عروضاً أداءية تتوزع بين الرقص والمسرح مع فنانين ننتظر بشغف أعمالهم الجديدة، وعرض موسيقي مع جوليا هولتر وكريس فوتك، وعرض سمعي بصري مع طوني إيليا، وشريف صحناوي، ومازن كرباج وشربل هبر. كذلك، لن تخلو الدورة من محاضرات أدائية لهايغ أيفازيان، ومروة أرسانيوس، وطوني شكر، ولارا الخالدي ويزن الخليلي. طبعاً، ستعرض أفلام في «متروبوليس أمبير صوفيل» وبرنامجان مخصّصان للفيديو والأفلام القصيرة في فضاء «أشغال دخلية». أما نبض الدورة، فسيكون النقاشات الثقافية والمحاضرات والحوارات اليومية، مع لائحة طويلة من المحاضرين: هدى بركات، باولا يعقوب، طارق العريس، إبراهيم داود، قادر عطية... وستصدر ثلاثة كتب في هذه الدورة: مجموعة قصائد منتقاة في تربية الغضب لعادل نصار تصدر في Ressentiment (ترجمة وتحرير وليد صادق)، و«المحاورة التي تؤلفنا» لطوني شكر، إضافة إلى منشور وضاح شرارة. دورة «أشغال داخلية ٦» منوعة وغنيّة، تقدم إلينا كالعادة أبرز وأهم الإنتاجات الفنية المعاصرة الجديدة المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بكل ما يجري حولنا ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً، وخصوصاً سياسياً بدءاً من محطات طبعت تاريخ الفن العربي والعالمي من الإسكندرية عام ١٩٥٥، وبغداد ١٩٧٤، وبكين ١٩٨٩ في «معارض» لطارق أبو الفتوح، إلى السياسات الثقافية وعلاقتها بالجهة الداعمة مع «عروق بلاستيك» لزينب أوز وصولاً إلى القراءات الفنية للحاضر والمستقبل العربي خلال التقلبات وبعدها. لفلسطين حصة كبيرة في الدورة تقوم على عنوانين بحسب كريستين طعمة: الأوّل «حرتقات»، والثاني «المحاكمة». وفي غياب المحاكمة عندنا، تبدو تلك الممارسات الواسعة النطاق في زوايا المدن وعتماتها وزواريبها وأمكنتها الخاصّة وحميميّاتها، حرتقات بلا توقّف، ترفع سؤال المحاكمة على نحو فردي وخاص ومستمر: فلنشارك «أشكال ألوان» كلُّ على طريقته بـ «حرتقاته» الخاصة، حضوراً وفعلاً ثقافياً وفنياً.



«أشغال داخلية ٦» حتى ٢٦ أيار (مايو) ـــ البرنامج، وأماكن العرض:
http://ashkalalwan.org