هكذا كانت نهاية النائب المطبِّع، اللقب الذي اكتسبه توفيق عكاشة بعدما كان الإعلامي المثير للجدل، قد قرر يوم أمس، رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، خلو مقعد عكاشة في المجلس عن دائرة طلخا ونبروه بعد موافقة 465 نائباً على إسقاط عضويته، على أن تجرى انتخابات بعد انتهاء الإجراءات القانونية على المقعد نفسه. وفيما يأتي إسقاط عضوية عكاشة ليكون الثاني بعد استقالة المستشار سري صيام، المعين من رئاسة الجمهورية، فإنه في حالة عكاشة لا بد من إجراء انتخابات على المقعد الفارغ.
عموماً، لم يعلن مجلس النواب أن إسقاط العضوية كان سببه لقاء عكاشة العلني مع السفير الإسرائيلي لدى القاهرة والحض على فتح التطبيع مع إسرائيلي، ولكن الموقف الحقيقي للنواب ــ على الأقل ــ كان دافعه هذا السبب. القصة بدأت من طلب لجنة تحقيق في البرلمان الأربعاء الماضي، حرمان عكاشة حضور دور انعقاد كامل في المجلس، على خلفية طلبات سحب الثقة منه، ولكن بعض النواب علا صوتهم بالمطالبة بإسقاط العضوية، وهو ما رضخ له عبد العال.
قتل 4 جنود في 3 عمليات شمال سيناء خلال يوم واحد

لكن الجلسة شهدت مناقشات حادة ما بين رافض ومؤيد لإسقاط عضوية عكاشة، وبعد اكتمال النصاب حاول بعض النواب مغادرة القاعة، ولكنّ أحدهم صرخ قائلاً: «انتم رايحين فين وسايبين المهمة الوطنية»، ثم عقب عبد العال بالقول: «عليكم بالتحلي بالشجاعة لمواجهة الرأي العام والشعب المصري، فتحلّوا بالأمانة التي كلفتم بها». ثم أمر رئيس المجلس الأمن بغلق أبواب القاعة لمنع النواب من الخروج في أثناء إجراءات التصويت على إسقاط عضوية عكاشة، علماً بأن هذا الإجراء شرطه موافقة ثلثي النواب.
ومن المهم الإشارة إلى أن لقاء عكاشة بحد ذاته مع السفير الإسرائيلي طبقاً لموقف الدولة المصرية ومعاهدة «كامب ديفيد» لا يحاسب عليه القانون، بل تحميه معاهدة التسوية، ولكن إسقاط العضوية عنه جاء بسبب حديثه في ما يخص حصة مياه مصر وتأثير سد النهضة فيها، وهو ما عُدّ إخلالاً بالأمن القومي.
كذلك جاء إسقاط عضوية عكاشة ليكشف حقيقة التناقض الشديد بين الموقف الرسمي للدولة والموقف الشعبي الرافض للتطبيع مهما كان التزام الدولة باتفاقات تسمح به، خاصة أن عكاشة فاخر بالتطبيع في ظل رفض شعبي وبرلماني، لكن مجلس النواب، وهو السلطة التشريعية، لا يملك أن يعلن ذلك، التزاماً منه بـ«كامب ديفيد»، وهو ما يتضح من نقل مصادر صحافية ما نسب إلى عبد العال، حينما عقّب بأنه لا علاقة لإسقاط عضوية عكاشة بلقائه سفير إحدى الدول الأجنبية.
من بعد ذلك، استغل البرلمان ثغرة في حديث عكاشة على قناته («الفراعين») وبعض وسائل الإعلام لتطيحه، وهو الحديث في ما يخص البلاد مع دولة أخرى أجنبية دون صلاحيات من البرلمان أو الرئاسة، وهو ما أسقط ظاهرياً عضوية عكاشة.
واللافت أن «النور» السلفي هو الحزب الذي كان له موقف موحد، أعلنه رئيس الهيئة البرلمانية للحزب، أحمد خير الله، حينما أيد إسقاط العضوية عن عكاشة، في أثناء مناقشة مجلس النواب التصويت على قرار اللجنة الخاصة التي تشكلت في وقت سابق لبحث الموقف من النائب المطبع. وأيضاً، كان لافتاً أن من النواب الذين رفضوا إسقاط العضوية لميس جابر ومرتضى منصور، وكذلك النائب محمد السادات، الذي أعلن رفضه إجراءات إسقاط العضوية، واصفاً إياها بالإجراءات غير القانونية والمخالفة للائحة البرلمان. لكن هذا الموقف علق عليه عبد العال بالقول، إن «الإجراءات الصحيحة مسؤوليتي، والنائب يفسر مادة لائحة تفسيراً خاصاً له»، متابعاً: «أتمنى من النائب السادات ألا يعطيني دروساً في القانون الدستوري».
في قضية أخرى ولافتة (الأناضول)، ورد في حديث عبد العال، خلال جلسة أول من أمس، وللمرة الأولى، إشارته إلى «الدولة العميقة» (دون الإشارة إلى الجهة التي يقصدها)، و«حل المجلس»، وسط استمرار أجواء حظر البث التلفزيوني المباشر لجلسات المجلس، رداً على فوضى الاتهامات بين أعضائه. وكان رئيس البرلمان قد قال وفق الموقع الإلكتروني للتلفزيون الحكومي، إن الفوضى والمشادات الكلامية قد تكون سبباً في حل البرلمان المصري لاحقاً. وفي الواقعة الثانية، وفق المصدر نفسه، أكد «استمرار وجود الدولة العميقة (كيان مواز) فى مجلس النواب»، في إشارة إلى الارتباك والتأخير والأخطاء في التصويت الإلكتروني داخل القاعة، والمسؤولة عنها جهة حكومية. وقال عبد العال: «يبدو أن الدولة العميقة موجودة فى ذلك المجلس، وأحذّر للمرة الأخيرة المسؤولين عن الجانب التقني، وأطالب الأمين العام للمجلس باتخاذ إجراءات صارمة ضد العاملين».
إلى ذلك، قتل ثلاثة جنود، أمس، جراء استهداف قوات الأمن بعبوة ناسفة جنوب مدينة الشيخ زويد في محافظة شمال سيناء. وهذا هو الحادث الثالث الذي يطاول قوات الأمن المصرية في شمال سيناء منذ صباح أمس، بعدما قُتل جندي وأصيب ثلاثة آخرون في هجومين منفصلين في اليوم نفسه، داخل مدينة رفح.