تناسى البقاع أمس فصول التوتر الأمني، وانصبّ اهتمام أهله على استقبال شهداء الجيش الخمسة الذين سقطوا في أحداث صيدا الأخيرة. نزل الجميع على طول الطريق الدولية الممتدة من زحلة إلى رياق مروراً ببريتال وبعلبك ومقنة وشعث واللبوة والفاكهة وصولاً إلى رأس بعلبك. عبّروا عن حزنهم وسخطهم من الجريمة البشعة، وكذلك عن تضامنهم مع الجيش. منهم من عبّر عن ذلك باللافتات ومنهم بالزغاريد ونثر الأرز والورود على الجثامين.
في بلدة الخضر ـــ شرقي بعلبك كانت المحطة الأولى. سقط من البلدة الرقيبان علي حمزة وعلي المصري، «هودي سقطوا فداءً لوحدة وطنهم ولإبعاد الفتنة عن شعبهم وأهلهم»، يقول محمد حمزة أحد أقارب الشهيد. بالورود ونثر الأرز استقبل جثمانا الشهيدين، اللذان ارتفعا فوق أكفّ رفاقهما وأقاربهما إلى مثواهما الأخير. وحضر التشييع ممثلا قائد الجيش العماد جان قهوجي، العقيدان حسان هرموش ومحمد شميطلي، والأمين القطري لحزب البعث فايز شكر، نائب رئيس المجلس السياسي في حركة أمل الشيخ حسن المصري. وأكد ممثلا قائد الجيش في كلمتيهما «التصدي للمؤامرة وعدم التهاون في وجه المعتدين على الجيش والوقوف بوجه العابثين».
وليس بعيداً عن الخضر كانت بلدة بريتال تستقبل جثمان الشهيد الجندي بلال صالح. على وقع عزف «نشيد الموت»، تقدم النعش الحشد الكبير الذي ضم أهالي البلدة والقرى المجاورة، إلى جانب العقيد شميطلي ممثلاً قائد الجيش، وصولاً حتى مقبرة الشهداء في البلدة حيث ووري في ثراها.
قافلة شهداء «وأد الفتنة» من أبناء قرى بعلبك ـــ الهرمل، واصلت طريقها بجثماني الشهيدين الملازم أول جورج بو صعب (43 عاماً)، نحو بلدته رأس بعلبك، والجندي محمد الحسيني في مدينة الهرمل ـــ حي المعالي. استقبال حاشد للشهيدين على طول الطريق الممتدة من دورس ـــ بعلبك حتى بلدتيهما. في رأس بعلبك لف الحزن والسواد البلدة، واستقبل جثمان الشهيد بهتافات «لبيك يا لبنان»، فيما الوالدة المفجوعة سميرة حبيقة تخاطب «بطلها» بكثير من البكاء: «خدني معك ياللي رفعت راسي». في كنيسة رأس بعلبك العجائبية سجّي جثمان الوالد أمام أبنائه الأربعة الذين ارتدوا بزّات الجيش اللبناني. وحضر التشييع ممثل قائد الجيش العميد جوزيف شاهين وقيادات أمنية مختلفة.
إلى الهرمل ومحلة التل، حيث استقبلت الأم ابنها الشهيد الجندي محمد الحسيني بـ«صينية الحنّاء»، مع أهازيج وزغاريد ونثر أرز، فيما الوالد «احتسب الأجر عند الله». وشدد على أن ابنه «سقط بيد الغدر والفتنة، دفاعاً عن لبنان، وإن شاء الله يكون استشهاده أسّس لمرحلة جديدة في حياة اللبنانيين». وحضر التشييع في الهرمل العقيد صبوح مرتضى ممثلاً قائد الجيش وقيادات أمنية.
وفي عكار، شُيّع ثلاثة عسكريين استشهدوا في المواجهات بين الجيش وأنصار الأسير، فاستقبلت بلدة الكنيسة أول الشهداء الجندي بلال إدريس أول من أمس، ثم استقبلت بلدتا عكار العتيقة ومشتى حسن أمس شهيديهما الجنديين أحمد علي غريب وعمر اليوسف. وجرح في المواجهات المذكورة قرابة عشرين جندياً من عكار.
يذكر أن جنديين آخرين من عكار جرحا (أحدهما حالته حرجة) أثناء اعتداءات شنّها مسلحون على مراكز للجيش في طرابلس.