العلاقة بين السلطة والمعارضة منذ تنصيب محمد مرسي رئيساً لم تتغير كثيراً عنها في عهد النظام السابق، فيما عدا تحول أقوى فصائل المعارضة، جماعة الإخوان المسلمين، ليصبح هو السلطة الحاكمة. أمراض السلطة ما لبث أن أُصيب بها الإخوان بعد وقت قليل من وصول مرشحهم لمنصب رئيس الجمهورية، وبدأت علاقته بالمعارضة المصرية في ظاهرها توافقية، في باطنها مضطربة وهو ما ظهر جلياً عقب انكشاف الغطاء عنها سريعاً، والتي وصلت حد الاتهامات المتبادلة من جانبه بتخوين المعارضة، ومن جانبها باتهام الرئيس بمحاولة تمكين جماعته.
ويقول الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، يسري العزباوي، في حديثه لـ«الأخبار»، إن علاقة السلطة والمعارضة «كانت أشبه بعلاقة الشك المتبادل، لهذا تتسم بالارتباك ويشوبها الكثير من إلصاق الاتهامات بالمعارضة، وصلت حد التخوين والحصول على تمويلات أجنبية، وهو ما بادلته باتهامها للرئيس بإنه يحاول تمكين جماعته من مفاصل الدولة».
الرئيس حاول من جانبه احتواء غضب المعارضة في دعوات متكررة إلى الحوار، بعضها جرى في سرية، وأخرى معلنة لُقبت بالحوارات الوطنية، وبلغت 4 حوارات عُقدت لأجلها عدة جلسات. إلا أنها باءت بالفشل بعدما نكث الرئيس بوعوده عقب الحوار الأول مع المعارضة، وهو ما خلق حالة من انعدام الثقة. ويرى العزباوي أن قرارات الرئيس عقب كل حوار أو اجتماع مع معارضيه أكّدت لهم أنه ليس لديه نية جادة للاصلاح الحقيقي؛ فعلى الرغم من دعوته لمختلف رموز «جبهة الانقاذ» الى اجتماع موسع خلال إحدى الدعوات، غير أن اللقاء ما لبث أن انتهى بإصدار إعلان دستوري مكبل للحريات.
ويستطرد «ما نتج عقب الإعلان الدستوري من تقسيم مصر إلى نصفين، يعد ظاهرة هي الأولى من نوعها منذ توحيد الملك مينا للقطرين، وما زاد الموقف سوءاًً فشله في احتواء الموقف مع عدم تحقيقه العدالة الاجتماعية، مما تسبب في تقسيم الشعب إلى مؤيدي السلطة ومناصري المعارضة، وبات كل فريق منهما ينادي بضرورة تحقيق مطالبه في التو واللحظة».
وبعد رفض المعارضة، الممثلة في جبهة الإنقاذ الوطني، مقابلة الرئيس أو التحاور معه، بدأ الطرفان بتبادل الاتهامات بشنحو ضمني تارة، حين أشار الرئيس إلىة أصابع خارجية تلعب بمصر عبر تمويلات لبعض المصريين في احد خطاباته. وهو ما دفعها للخروج في عدّة مؤتمرات كي تدافع عن نفسها وتردّ له الاتهام بالانصياع وراء أميركا، في خطوة تظهر في موقف مصر الذي تغير فجأة تجاه نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.
ويرجع العزباوي فشل العلاقة بين السلطة والمعارضة إلى عدم وفاء الإخوان وقياداتها بما يتم الاتفاق عليه داخل اللقاءات المغلقة، حتى أصبح من الصعب أن تجمع الطرفين طاولة حوار جديدة، مشيراً الى أن هذا التراجع عن الوعود أحدث فجوة كبيرة جداً.
ويرى أن المعارضة أصابت باتخاذها قرار رفض الحوار، لأن الرئيس كان يتحاور على أجندة وأرضية خاصة به فقط طبقاً لأولوياته هو وجماعته، والكثير من هذه الحوارات تمت مع الموالين له لا المختلفين معه سياسياً، وهو ما لم يضف جديدا إلى الساحة السياسية ولم يمتص غضب الشارع.
ويضيف الخبير السياسي أن الوعود الأولى للرئيس أدت إلى ارتفاع سقف توقعات الشارع المصري والمعارضة، إلا أن ما آلت إليه من فشل تسبب في زيادة المشاحنات بين الطرفين، وهو ما ظهر عبر المليونيات التي يدعوان إليها تارة مؤيدة للشرعية لإرهاب المعارضة وأخرى مضادة.
حركة التغييرات الأخيرة للمحافظين كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهرت البعير وأحدثت حالة من الصدام الشديد بين السلطة من جهة، والشارع والقوى السياسية من جهة ثانية. وبشأن هذا التغيير، يقول العزباوي إن الرئيس خطط جيدا للاستيلاء على مؤسسات الدولة، «فلو أتت الجماعة بشركة دعاية لتعمل على أن تسيء إلى سمعتها لما فعلت ما فعلته الجماعة من حركة المحافظين الأخيرة التي أساءت لها ولسمعتها».
مطالب المعارضة تمثلت في تغيير النائب العام الحالي المستشار طلعت إبراهيم، وإقالة الحكومة الحالية برئاسة هشام قنديل كاملة، وتشكيل لجنة لتعديل المواد الخلافية بالدستور، وتحديد موعد للانتخابات النيابية والاتفاق على شكل القانون المنظم لها، غير أن مرسي تعامل معها بمنطق «قولوا ما شئتم وسأفعل ما أشاء»، وهو ما أدى إلى اتساع الفجوة وانعدام الثقة بين الطرفين.