كان لمؤيدي الرئيس الإخواني محمد مرسي نجدة على وجه السرعة، أمس، وسط الحشود الهائلة التي تدفقت الى الميادين لإسقاط رئيسهم؛ فبعد الاعتصام أمام مسجد رابعة العدوية منذ يوم الجمعة، تحت شعار «الشرعية خط أحمر»، استباقاً لمسيرات المعارضة، خطب بالإسلاميين الموالين زعيمهم الروحي الداعية يوسف القرضاوي، الذي حذّر من أنّ سقوط مرسي سيأتي بمن هو أشرّ منه، وكأنّه بذلك يصف الرئيس الإخواني ضمناً بأنه شرير، في موازاة تعرض مقارهم للاعتداءات والاقتحامات من متظاهرين جنحوا الى العنف للتعبير عن احتجاجهم.
ووجه القرضاوي كلمة الى الشعب المصري عبر قناة «الجزيرة»، طالب فيها الشعب المصري بإطاعة ولي الأمر الرئيس محمد مرسي، وأن يكونوا أمة واحدة، محذراً إياهم من الأضرار التي ستلحق بهم في حالة إسقاط النظام، قائلاً «إذا سقط مرسي فسيأتي من هو أكثر شراً منه، ولا بدّ لنا من تقويته»، مضيفاً «مرسي ليس معصوماً، لكن من سيأتي بعده سيكون أشر منه». وأضاف «إذا كنا نريد أن نغير حقاً، فيجب أن يكون ذلك من خلال الانتخابات البرلمانية»، داعياً المصريين إلى أن يجتمعوا على كلمة سواء وهي الاتحاد والتعاون، لا بأس من الاختلاف فى الآراء، ولكن لا بد من أن نجتمع على الوسائل الكبيرة. وأوضح أنه واجب على الرئيس أن يتعاون مع أبناء مصر جميعاً، فلا يجوز له أن يرفض التعاون مع الآخرين أو أن يتعاون مع الإخوان دون غيرهم من فئات الشعب المصري، مؤكّداً أنّه في حالة الصبر على الرئيس سيأتي الرخاء، وينهض الاقتصاد.
وأضاف: «مرسي إذا كان أخطأ فمن حقنا أن نحاسبه وأن نراجعه وأن نذكره وأن نطلب منه كل ما نحتاج إليه». ودعا مرسي الى أن «يستمع لهؤلاء وأن يقدم من يستحق التقديم»، مؤكداً أن «مرسي في حال رفض الاستماع للآخرين فإنه هو أول من سيعصيه ولن يطيع له أمراً».
كما انتقد القرضاوي «السماح للمخربين بالوجود في صفوف الثوار الذين شاركوا في ثورة «25 يناير».
وكان يتوقع أن ينضم القرضاوي الى حشود رابعة العدوية مع ساعات المساء. ولم يكن النجم الوحيد في ساحة الإسلاميين، بل انضم اليه أيضاً اللاعب محمد أبوتريكة نجم النادي الأهلي، والكابتن هادي خشبة.
وبالنسبة إلى الوضع أمام مسجد رابعة العدوية، فقد ظل كما هو عليه منذ يوم الجمعة، حيث يعتصم الآلاف من مناصري مرسي، مشكلين اللجان الشعبية التي انتشرت عند مداخل الاعتصام، والخيم التي أسسها الإسلاميون للاحتماء بها من حرارة الشمس، مع حملهم أذرعاً حديدية وعصى، وحرصوا على أداء التدريبات وترداد الأناشيد الدينية، كما قسموا أنفسهم إلى عدة مجموعات وتفرقوا فى أرجاء الميدان.
وبرر بعض الموجودين بالتظاهرة حملهم بعض الأسلحة بأنها تحسب للتصدي لأية محاولة اعتداء قد تتم ضدهم من قبل معارضي الرئيس، والذين اتهمهم البعض عبر المنصة الرئيسية بأنهم من قتلوا الشباب واقتحموا المساجد، مؤكدين أن «يوم 30 يونيو سيكون يوم النصر والتمكين». وهو ما دفع المتظاهرين أسفل المنصة الى ترداد هتافات، من بينها «حرية وعدالة مرسي وراه رجالة». كما أنشأ المعتصمون مستشفى ميدانياً، تحسباً لإصابة أي من المعتصمين.
كما طافت سيارات مؤيدة لمرسي شوارع ميدان رابعة العدوية، يعلوها مكبر صوتي يذيع الأغاني المؤيدة للرئيس والعديد من الهتافات، منها «بالروح بالدم نفديك يا مرسي»، وأخرى عنيفة تقول «اقتلوا واحد اقتلوا 100 مش هنسيبها لبلطجية».
وانضم وفد من المواطنين المسيحيين من صعيد مصر لتأكيد دعمهم لشرعية الرئيس المنتخب، فيما أكد المتحدث الرسمي باسم جبهة علماء الأزهر، محمد عبده، أن «من لم يحترم شرعية اليوم فلن تكون له شرعية غداً».
وأعلنت الجماعة والقوى الإسلامية بدء عمل غرفة العمليات الفرعية قريباً جداً من قصر الاتحادية وذلك لتنسيق وإدارة جهود الدفاع الشعبي عن القصر في حال إخفاق قوات الداخلية والحرس الجمهوري عن صدّ «جيش البلطجية» المتوقع، «ويشرف على الغرفة ضباط جيش وشرطة متقاعدون».
في موازاة ذلك، هاجم بعض المحتجين الغاضبين مقارّ للإخوان في عدة محافظات، واقتحموا بعضها وألقوا قنابل المولوتوف على بعضها الآخر، وسط تواري القيادات الإخوانية عن الأنظار في خطوة فسرها البعض بأنها وفقاً لأوامر قيادية هدفها تجنب الاحتكاكات، في ظل مرابطة شباب الجماعة داخل مقارّهم مرتدين خوذاً وقمصاناً واقية للرصاص، حاملين بعض العصي. وشهدت بعض المقارّ إجراءات تحصين غير مسبوقة، حيث تم نشر العديد من كاميرات المراقبة التي تربط مداخل ومخارج المبنى، بالإضافة إلى تعلية السور المحيط بالمقرّ ووضع قوائم جديدة أعلاه، مع إقامة بوابات خشبية حول باب الدخول الرئيسي. لكن ذلك لم يحل دون اقتحام مقرّ الإخوان في المقطم وحرقه بالكامل.
من جهة ثانية، عقد المتحدث باسم الرئاسة، إيهاب فهمي، مؤتمراً صحافياً، حذر فيه من أن الدولة لن تتهاون مع أي شكل من أشكال العنف أو الخروج عن القانون. وقال إن «الحوار هو اللغة الوحيدة للتوصل إلى فهم مشترك حول مختلف قضايا الوطن». وأوضح أن الرئاسة طالبت وزارة الداخلية باتخاذ موقف حاسم ضدّ الذين تحرشوا بإحدى الأجنبيات بمصر. وكان تقرير صادر عن مستشفى معهد ناصر قد أكد أن الصحافية الهولندية يانك مارغن تناوب على اغتصابها 5 مجرمين في ميدان التحرير، وأنها أُصيبت جراء ذلك بتهتك فى منطقة الحوض من الدرجة الرابعة.
وعلمت «الأخبار» من مصادر سياسية أن جماعة الإخوان المسلمين تلقت ضغوطاً من قيادات بالتنظيم الدولي للجماعة، تطالبها بضرورة استيعاب الموقف والأزمة التي تمر بها البلاد، واتخاذ التدابير اللازمة بما يحافظ على استمرار مرسي في الرئاسة. وأوضحت المصادر أن قيادات التنظيم الدولي عقدت خلال الأيام الماضية عدة اجتماعات في بروكسل، لدراسة الأمر ونقل وجهة نظرهم إلى ممثلي الجماعة في القاهرة، وخاصة أن قطر الداعمة الرئيسية في المنطقة للحكم الإخواني مشغولة الآن بنقل السلطة إلى الشيخ تميم، بالإضافة إلى انشغال تركيا بالاحتجاجات التي طالت أرجاءها.
وأفادت مصادر أخرى لـ«الأخبار» بأن وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، عرض على مرسي مبادرة للخروج من الأزمة الحالية تقوم على تولي محمد البرادعي رئاسة الوزراء، كورقة تنازل ترضي الجماهير الغاضبة بالشارع، إلا أنّه رفض. كذلك فعل البرادعي في خطوة نظر إليها على أنها تعكس موقفاً أميركيا نظراً إلى قرب الأخير من واشنطن.