«لم يعد ثمة من داعٍ لكي يبقى رأس قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان أوروبياً، كما هي الحال منذ عام 2006، ما دامت أوروبا قررت أن حزب الله الذي حرّر هذا الجنوب، هو إرهابي»، هكذا علّقت مصادر مواكبة جنوبية لتداعيات إدراج الاتحاد الأوروبي لما سمّته «الجناح العسكري لحزب الله» على لائحة الإرهاب أمس، وذلك «بعد اتضاح الكذب والخداع اللذين مورسا ضد الجنوبيين بعدم المس بحزبهم المقاوم».
في جنوب الليطاني، لم تفلح محاولات الأوروبيين لتبرير فعلتهم بإعلان أنهم «يريدون مواصلة الحوار مع كل الأحزاب السياسية اللبنانية، بما فيها هذه الحركة الشيعية التي تؤدي دوراً أساسياً في هذا البلد». الغضب الذي ساور الكثيرين لا بد أن يصرف في مكان ما. فعاليات البلدات ومخاتيرها لا ينفكون يستقبلون ضباط اليونيفيل وموظفيهم المحليين في بيوتهم ومكاتبهم ويقيمون على شرفهم الولائم التكريمية. فهل «بعد كل هذا الدلال طلعنا إرهابيين؟»، يتساءلون.
قبل أقل من شهرين، تلقّف عدد من مخاتير ورؤساء بلديات منطقة مرجعيون سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان أنجيلينا إيخهورست على هامش جولتها على النازحين في شبعا. في قاعة بلدية جديدة مرجعيون وأمام القائمقام ونواب المنطقة وفعالياتها، لفتوا نظر إيخهورست إلى تداعيات أي قرار بإدراج المقاومة على لائحة الإرهاب، وحمّلوها رسالة شفهية موجهة إلى الدول الأعضاء الـ28 في الاتحاد، ولا سيما الدول الاثنتي عشرة المشاركة في اليونيفيل، تحذر من رد فعل ضد هذه القوات أو مصالح الاتحاد ومشاريعه في المنطقة. حينها، امتصت إيخهورست، بابتسامتها وديبلوماسيتها، غضب الثائرين لكرامة الحزب الذي حرر قراهم وأعادهم إليها. وأكدت أن دول الاتحاد لا تزال تناقش الأمر في ما بينها ولم يُتَّخَذ القرار في شأنه بعد، رافضة التكهّن بانعكاسات مثل هذا القرار على قوات اليونيفيل.
أما وقد اتخذ القرار، فما الذي قد يصيب اليونيفيل بسببه؟ مصادر مواكبة ذكّرت بالتقارير التي رفعها قائد قوات اليونيفيل الإيطالي الجنرال باولوا سييرا إلى حكومته وإلى الأمم المتحدة، يشير فيها إلى مخاطر القرار على وحدات اليونيفيل الأوروبية خصوصاً، ولا سيما جنود إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وبلجيكا... وفي هذا الإطار، لم تستبعد المصادر أن تتجدد الإشكالات بين دوريات اليونيفيل والأهالي بعدما تراجعت كثيراً منذ أشهر طويلة، معربة عن خشيتها من أن تصل الأمور إلى حد الانهيار بين اليونيفيل والبيئة الجنوبية الحاضنة التي قد تعيد النظر في تقديرها واحترامها للجنود الأمميين.
المصادر استغربت تمسك الأوروبيين بهذا القرار واقتناعهم بأن حزب الله إرهابي! وسألت: «إذا كان الحزب المتمركز في معقل اليونيفيل إرهابياً، فلماذا تجمع الاجتماعات الثلاثية ومعظم التقارير الدورية التي ترفعها قيادة اليونيفيل حول القرار 1701، إلى أن لا نشاط عسكرياً لغير الدولة في منطقة جنوبي الليطاني؟». ولفتت المصادر إلى ان هناك ضباطاً ومراجع إعلامية وسياسية وعسكرية في اليونيفيل «كانت ترفع تقارير موازية إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك تعطي صورة أخرى عن نشاط حزب الله تجعل منه إرهابياً في أذهان الغربيين».
مصدر أمني تخوّف من «دخول طرف ثالث يستغل غضب الجنوبيين من حكومات بعض وحدات اليونيفيل وينفذ اعتداءً عليهم لاتهام حزب الله وتخريب العلاقة بين القوات الدولية من جهة وبين الحزب والأهالي. لكن الخشية الكبرى التي سجلها المصدر من أن يؤدي إدراج الحزب على لائحة الإرهاب إلى «مضاعفة التنسيق بين اليونيفيل واسرائيل، وعندها يكون القرار الأميركي الصهيوني المتخذ قد رمى اليونيفيل في أحضان العدو بحجة التنسيق لحماية مصالح الطرفين». في المحصلة، وجدت مصادر مواكبة في «لصق الإرهاب بالحزب مرحلة جديدة جنوبياً، قد تؤثر على مهمة الأمم المتحدة واليونيفيل اللذين يدعيان أنهما صمام السلم والأمن الجنوبيين، وليس حزب الله وقاعدته الشعبية».