خرق قرار الاتحاد الاوروبي وضع ما سمّاه «الجناح العسكري لحزب الله» على لائحة المنظمات الارهابية المراوحة السياسية الداخلية، ووضع الازمة اللبنانية مجدداً على خط الاتصالات الدولية والعربية.
وفيما ينتظر صدور موقف من حزب الله حول القرار، علمت «الأخبار» أن بياناً من رئاسة الجمهورية سيصدر اليوم حول موقف لبنان الرسمي، مع العلم بأن رئيس الجمهورية كان استقبل قبيل مغادرته بيروت الى الولايات المتحدة، لإجراء فحوص طبية، سفيرة الاتحاد الاوروبي في لبنان انجيلينا إيخهورست، واستوضح منها حيثيات القرار. وأعرب سليمان عن الأمل، في ضوء ما اطلع عليه، بأن «يعيد الاتحاد النظر في قراره، من منطلق الحرص على عدم اتخاذ قرارات متسرعة، وصون الاستقرار في لبنان وتثبيت الخيارات الاساسية التي تبحث في إطار هيئة الحوار الوطني، وتتناول بشكل أساسي مندرجات إعلان بعبدا والتصور الرئاسي للاستراتيجية الوطنية للدفاع»، فيما قالت إيخهورست إن «الاتحاد الأوروبي يبعث بذلك برسالة سياسية مهمة مفادها أن الأعمال الإرهابية غير مقبولة مهما كانت هوية مرتكبيها». وأضافت: «إن هذا القرار لا يمنع مواصلة الحوار مع جميع الأطراف السياسية في لبنان، ولن يؤثر في الدعم المالي الذي يوفره الاتحاد الأوروبي للبنان، بما في ذلك المساعدات الإنسانية».
ويتوقع أن تزور إيخهورست وزير الخارجية عدنان منصور لوضعه أيضاً في حيثيات القرار.
من جهته، قال رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي «إن المجتمع اللبناني، بكل مكوناته، حريص على الالتزام بالشرعية الدولية والحفاظ على أفضل العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي، وسنتابع الموضوع عبر القنوات الديبلوماسية، متمنين لو أجرت دول الاتحاد قراءة متأنية إضافية للوقائع والمعطيات».
من جهته، تمنى الوزير منصور «لو لم يصدر قرار كهذا عن الاتحاد الاوروبي لأنه طال أولاً حزباً وطنياً له مكانة خاصة داخل الحياة السياسية اللبنانية وموجود بفعالية داخل مجلس النواب والحكومة»، محذراً من أنه «ستكون له تداعياته السلبية على الساحة السياسية». وأكد أن «لإسرائيل تأثيراً كبيراً في اتخاذ هذا القرار، وهي لم تتوقف لحظة عن سعيها لإدارج حزب الله على لائحة الإرهاب». وكشف منصور أنه «عندما كنا نتتبّع العمل السياسي في الخارج وموضوع إدراج حزب الله على لائحة الإرهاب، (كنا) نعلم جيداً أن هناك أطرافاً على الساحة السياسية في لبنان أدّت دوراً سلبياً لإدراج حزب الله على لائحة الارهاب». وأعلن «اننا لن نتوقف عند صدور القرار، ونريد أن نعرف ماذا يريد الاتحاد الاوروبي مستقبلاً من لبنان والحكومة اللبنانية».
«14 آذار» غير مفاجأة
ولم يمثّل القرار الاوروبي مفاجأة لقوى 14 آذار، فقال منسق أمانتها العامة فارس سعيد لـ«الأخبار» إن «القرار لم يكن مفاجئاً، ففريق منا كان يرى أن هذا السلاح غير شرعي منذ التحرير عام 2000، وفريق كان يعتبره غير شرعي منذ 7 أيار 2008 لأنه توجه الى الداخل، وفريق رأى أنه غير شرعي بعدما غيّر وجهة توظيفه في بلغاريا وقبرص والسعودية وسوريا. لذا، لم يكن قرار الاتحاد الاوروبي مفاجئاً. ونحن بذلنا جهوداً كبيرة منذ عام 2005 للتوصل الى حل لسلاح حزب الله، سواء بالتحالف الرباعي أو بحكومات الوحدة الوطنية والدوحة وطاولة الحوار. لكن الحزب كان يعتبر أننا خائفون وأنه الأقوى».
وعن التمييز بين الجناحين العسكري والسياسي لحزب الله، قال سعيد «الحزب هو الذي يخلط بين الجناحين، ونتذكر هنا ما قاله نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في أيار عام 2004 بعد الانتخابات البلدية التي شهدت صراعاً بين الحزب وأمل». حينها قال قاسم «لدينا منتخبون في المجالس البلدية والنيابية، وبالتالي نحن لسنا إرهابيين، لكننا لا نعرف أن نعمل في السياسة الا بالبزة المرقطة». وسأل سعيد «كيف يمكن عند تشكيل الحكومة وضم حزب الله اليها التمييز بين من يلبس البزة المرقطة ومن يلبس البزة المدنية».
بدورها، رأت مصادر نيابية بارزة في تيار المستقبل أن القرار «كان متوقعاً، وكل من حاول تناسي هذه الحقيقة كان يكابر، ولا سيما أن الوقائع واضحة». وذكّرت المصادر «برسالة رئيس الجمهورية إلى الاتحاد الأوروبي التي أكدت معرفته بالقرار»، مشيرة الى أن «جميع القوى السياسية في لبنان تبلّغت هذا الموقف قبل إعلانه». ولفتت المصادر إلى أن «دعوة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اللبنانيين إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية أتت كخطوة استباقية، تقول للدولة اللبنانية إن فرنسا تفصل بين موقفها الرسمي من الداخل اللبناني وبين موقفها من الحزب الذي ترى أنه يمثّل خطراً على أمن أوروبا». وإذ رأت هذه المصادر أن«القرار يسجل نقطة لمصلحة فريق الرابع عشر من آذار، لكونه كان دائم التأكيد أن حزب الله يعمل بأجندة إيرانية، ومتورّط في سوريا وأوروبا وأكثر من مكان»، إلا أن ذلك «لا يمكن ألا يدفعنا إلى القلق، خصوصاً أن تداعيات هذا القرار لا تؤثر على فئة واحدة من اللبنانيين، بل على مستوى لبنان ككل، وهذا ما حصل بعد قرار مجلس دول التعاون الخليجي الذي أثر سياسياً واقتصادياً وسياحياً». وأكّدت أن هذا القرار «سيجعل التيار متمسكاً بقرار رفضه مشاركة الحزب في أي حكومة»، بعدما «بات هذا الحزب يسبّب خسارة وإرباكاً ووضعاً ضاغطاً على جميع اللبنانيين». ورأت أن «المستقبل لم يُقصّر يوماً في مدّ يده، فذهب إلى الحوار، والاتفاق الرباعي وتشكيل الحكومات، لكن الحزب لا يزال يكابر ويتصرّف في شكل أحادي»، داعية إياه الى«أن يعيد النظر في سياسته ودوره في لبنان والمنطقة».
من جانبه، أشار النائب عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت إلى أن قرار الاتحاد الأوروبي يؤثر سلباً في صورة لبنان، معتبراً أن «حزب الله في الفترة الأخيرة غادر ثوبه المقاوم إلى ثوب آخر، وصعّب علينا كلبنانيين أن ندافع عنه».
في المقابل، أدانت أحزاب «قوى 8 آذار» القرار واعتبرته انصياعاً للولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.